صحافة دولية

المشهد السوري بعد 10 سنوات على الثورة.. دمار وفقر وصراع قوى

10 سنوات على الثورة السورية - جيتي
10 سنوات على الثورة السورية - جيتي

نشرت صحيفة "فينر تسايتونغ" النمساوية تقريرا تحدّثت فيه عن الوضع في سوريا بعد مرور عشر سنوات من الحرب والدّمار ومقتل مئات الآلاف من المدنيّين، وعن معاناة السوريين من الفقر والجوع والتهجير.

 

وذكرت الصّحيفة أنّ سيطرة بشّار الأسد على البلاد باتت محدودة، حيث يرجع الأمر إلى قوى خارجية تقرّر مصير البلاد، وخاصة روسيا التي تسيطر على المجال الجوّي وتسعى لحصد ثمار تدخلها. 

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن الوضع العسكري في سوريا يشهد حالة من الجمود في ظل توقف العمليات القتالية واسعة النطاق. أما على الصعيد السياسي فإن الأوضاع وصلت إلى طريق مسدود، فيما تتواصل معاناة المدنيين.

وأضافت الصحيفة أنه بعد 10 سنوات من الحرب، لا يزال الدكتاتور بشار الأسد يفرض سيطرته على معظم أنحاء البلاد، بمساندة روسيا وإيران. وتتحكم قوات بشار الأسد في ثلثي مساحة سوريا التي لم يتبق فيها جزء لا يعاني من الدمار.

وذكرت الصحيفة أن المنطقة المحيطة بمدينة إدلب في شمال غرب البلاد هي آخر ملاذ لقوات المعارضة، والتي خاضت معارك مريرة ضد جيش النظام للحفاظ على مواقعها. هذه المنطقة التي باتت محاصرة ومعزولة، يسيطر عليها - وفقا للصحيفة - معارضون إسلاميون، فيما يبقى تأثير القوى المعتدلة محدودا، أما قوات الأسد فهي مستعدة باستمرار لمهاجمة آخر معاقل الثوار.

 

اقرأ أيضا: بيدرسون يرسم صورة قاتمة للوضع بسوريا: الحل لم يعد بيدهم

وأكدت الصحيفة أن تركيا لها قواعد عسكرية في إدلب تضم 15 ألف جندي، أما روسيا التي تجلس على طاولة المفاوضات مع أنقرة، فهي الطرف الذي يدعم بشار الأسد ويتحكم في قراراته.

مناطق النفوذ في البلاد

ترى الصحيفة أن بشار الأسد لديه قدرة محدودة على اتخاذ القرارات، حيث أن مصير بلاده يتقرر في الخارج، وخاصة في موسكو، بما أن روسيا تسيطر على المجال الجوي فوق إدلب، وطائراتها المقاتلة وسفنها الحربية تشن هجمات متكررة على أهداف مدنية مثل المستشفيات والمدارس والأسواق.

ويوجد في إدلب أكثر من ثلاثة ملايين سوري، كثير منهم لاجئون، ويعيشون في ظروف مأساوية. كما يعيش 3.5 ملايين لاجئ سوري في تركيا، وتخشى أنقرة من موجة نزوح أخرى على أراضيها إذا ما سقط آخر معاقل المعارضة بين يدي بشار الأسد.

وقد تمكنت تركيا وقوات المعارضة من إنشاء ممر آمن شمال البلاد، إلا أن أنقرة تخشى من تزايد نفوذ وحدات حماية الشعب الكردية عند حدودها الجنوبية. وتخوض تركيا منذ عقود معركة دموية ضد حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره منظمة إرهابية.

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية، على حوالي ربع البلاد. وقد تمكنت هذه الوحدات من السيطرة على مناطق قوات تنظيم الدولة في وقت سابق، إلا أن التنظيم لم يتعرض لهزيمة كاملة، حيث أنه يقوم بشن هجمات على الحدود مع العراق بشكل مستمر.

أما بالنسبة لخصوم بشار الأسد، فإن الولايات المتحدة انسحبت بشكل كبير من منطقة الصراع ولم تعد تلعب دورا محوريا حسب الصحيفة، ولم يتبق لها إلا قاعدة التنف جنوب شرقي سوريا.

80 بالمائة تحت خط الفقر

تشير التقديرات إلى أن 400 ألف سوري فقدوا حياتهم خلال سنوات الصراع، فيما غادر البلاد 5.6 ملايين، وتم تهجير 6.7 ملايين داخل سوريا، مقسمين على حوالي ألف مخيم. ويوجد أيضا حوالي 100 ألف سجين تعرضوا للتعذيب حتى الموت، بحسب تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما يعيش أكثر من 80 بالمئة من الشعب السوري تحت خط الفقر.

ويعاني الشباب بشكل خاص من التبعات المدمرة للحرب، حيث أن واحدا من كل شابين بين 18 و25 عاما فقد أحد أفراد عائلته أو أحد أصدقائه، و12 بالمئة منهم أصيبوا في الحرب.

مشهد قاتم وصراع نفوذ

تؤكد الصحيفة أن القوى الأجنبية المؤثرة في المشهد السوري، وهي روسيا وتركيا وإيران والولايات المتحدة، منشغلة حاليا بالتعامل مع أزمة فيروس كورونا، ولذلك لا يجب توقع أي خطوات مصيرية تحرّك حالة الجمود الراهنة. أما الآمال المعلقة على محادثات السلام فإنها تبددت مرة تلو الأخرى، وتبدو احتمالات تحقيق السلام في المستقبل القريب ضعيفة للغاية.

وبحسب الصحيفة، من الواضح أن روسيا ترغب في استعادة جزء من مليارات الدولارات التي أنفقتها على العمليات العسكرية في سوريا. وتسعى موسكو لإقناع الأوروبيين بالمشاركة في برامج إعادة إعمار البلاد، ولكن الدول الغربية لا ترغب بالانخراط في هذه الجهود إذا بقي بشار الأسد على رأس السلطة.

وتضيف الصحيفة أنه من المنتظر أن يشارك دكتاتور سوريا في انتخابات الصيف المقبل، بينما قد تحاول روسيا الحفاظ على هيمنتها على البلاد بعد سحب قواتها عبر دعم نظام جديد يخدم مصالحها ويقدم نفسه على أنه بديل ديمقراطي. كما تتوقع الصحيفة أن يستمر حضور إيران في سوريا من خلال الميليشيات التابعة لها، فيما تبقى تركيا منشغلة أساسا بمراقبة الميليشيات الكردية.

وفي الختام، تقول الصحيفة إن هناك بعض الآمال في تحسن الوضع رغم قتامة المشهد، حيث يخطط الاتحاد الأوروبي لدعم المدنيين واللاجئين السوريين عبر جمع الأموال في مؤتمر للمانحين يومي 29 و30 آذار/ مارس الجاري.


التعليقات (0)