قضايا وآراء

في ClubHouse الأذن تعشق قبل العين

أسامة جاويش
1300x600
1300x600
على مدار الأيام القليلة الماضية لا حديث يعلو فوق ذلك التطبيق الجديد الذي لفت أنظار الجميع واهتماماتهم عن تطبيقات أخرى، مثل تويتر وفيسبوك وواتساب 

في الأسبوع الماضي جاءتني رسالة نصية من صديق لي يعيش في بريطانيا يدعوني إلى استخدام تطبيق جديد للمحادثات الصوتية اسمه Clubhouse، بادرت بالاتصال به لأساله عن طبيعة هذا المخلوق الجديد فأخبرني بأنه تطبيق جديد للمحادثات الصوتية المباشرة، وغالبية مستخدميه حتى الآن من النخب والمؤثرين في المجالات المختلفة.

بعد رسائل الترحيب بي كمستخدم جديد، عاجلني هذا التطبيق بأول الغرف التي تمت دعوتي للمشاركة فيها وكانت بعنوان: "كيف تتخلص من إدمان كلوب هاوس"، فقلت لنفسي تلك بداية لا تبشر بالخير أبدا، غادرت الغرفة بعد لحظات من دخولها لأقرأ قليلا عن هذا التطبيق الجديد.

في آذار/ مارس 2020 أطلق رائدا الأعمال في سيليكون فالي، بول ديفدسون وروهان سيث، تطبيقا جديدا أطلقا عليه اسم Clubhouse بقيمة شرائية بلغت 100 مليون دولار أمريكي. التطبيق في البداية كان الهدف منه مساعدة الحالات التي تعاني من مشكلات نفسية وضغوط حياتية إبان الموجة الأولى لوباء كورونا، عن طريق التحدث معهم والوصول إليهم عبر مستخدمي التطبيق الذين بلغ عددهم في آذار/ مارس من العام الماضي 1500 مستخدم فقط.
إيلون موسك، الملياردير الأمريكي ومالك شركة تسلا كان نقطة التحول الرئيسة في شعبية هذا التطبيق حين قرر إجراء نقاش مفتوح بينه وبين ملياردير آخر هو فيلاد تينيف

إيلون موسك، الملياردير الأمريكي ومالك شركة تسلا كان نقطة التحول الرئيسة في شعبية هذا التطبيق حين قرر إجراء نقاش مفتوح بينه وبين ملياردير آخر هو فيلاد تينيف، الرئيس التنفيذي لشركة روبن هود، بعدها بأيام قليلة ارتفع عدد مستخدمي هذا التطبيق بشكل كبير ليصل إلى أكثر من مليوني مستخدم وتقفز القيمة الشرائية للتطبيق لتتجاوز حاجز الملياري دولار أمريكي.

كعادة أي شيء جديد، بداياته تشوبها الرهبة وحب الاستطلاع والرغبة في التجربة مع قدر كبير من التحفظ في إبداء الرأي أو الاندفاع بحماس شديد، ولكن على العكس تماما، ما لمسته خلال الأسبوع الماضي هي حالة حماسة كبيرة لخوض غمار كلوب هاوس والبحث عن آليات استخدامه والاستفادة القصوى من أدواته.

قد يختلف البعض هنا حول الهدف منه وكيف يمكن تطوير المحتوى داخل الغرف الخاصة والعامة، فهناك من يرى أن هذا تطبيق يصلح فقط للضحك والتسلية والترفيه وإعادة اجتماع الأصدقاء على القهوة في هذه الدولة أو تلك. على سبيل المثال انتشرت بشدة غرفة سعودية اسمها "خطابه" لتزويج الشبان والفتيات، ووصل عدد المشاركين فيها إلى الحد الاقصى المسموح به. ولكن هناك من يختلف مع ذلك وبدأ في إعداد غرف متخصصة للنقاش حول موضوعات بعينها تثري المحتوى وتصنع حالة نقاش حقيقية بين نخب صحفية وسياسية، ولعل أبرز تلك التجارب حتى الآن هي غرفة "حوارات الصحافة العربية" التي تجمع طيفا واسعا من الصحفيين في العالم العربي يوميا للنقاش حول موضوع بعينه.

التجربة في الصين كانت مختلفة بشكل كبير، فالتطبيق القائم على إرسال دعوات فقط كي تستطيع المشاركة، أصبح متنفسا كبيرا للصينيين للتعبير عن آرائهم في بلد يقمع الحريات ويحجب المواقع الالكترونية. انتشر التطبيق في الصين بشكل كبير في الأسابيع الماضية للدرجة التي أصبحت فيها دعوات الانضمام لكلوب هاوس يتم بيعها الكترونيا بقيمة تتراوح بين 23 إلى 60 دولارا أمريكيا. مع الانتشار الواسع للتطبيق، قامت السلطات الصينية بحجبه هو الآخر يوم الثامن من شباط/ فبراير الجاري.
في السنوات الماضية تضاءلت بشدة الصحافة الورقية أمام الإعلام المرئي والتلفزيون، وأصبح المواطن يبحث عن الخبر من خلال المشاهدة والاستماع وليس القراءة، ثم مر زمان آخر وتضاءلت فيه الشاشات وبرامج التلفزة أمام سرعة وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي

في السنوات الماضية تضاءلت بشدة الصحافة الورقية أمام الإعلام المرئي والتلفزيون، وأصبح المواطن يبحث عن الخبر من خلال المشاهدة والاستماع وليس القراءة، ثم مر زمان آخر وتضاءلت فيه الشاشات وبرامج التلفزة أمام سرعة وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، مثل تويتر وفيسبوك وغيرهما، ثم صعد بقوة في السنوات الماضية البود كاست بما يحمله من سهولة الوصول والاستماع إليه أثناء ممارسة أنشطة أخرى، ولكن هذه المرة أتوقع أن يصبح Clubhouse بديلا قويا لكثير من وسائل الإعلام التقليدية في وقت قياسي.

الأذن تعشق قبل العين أحيانا، مقولة تمكنك معايشتها داخل غرف هذا التطبيق. حماسة المشاركين وتنوعهم ومشاركاتهم وإحساسهم بأنهم جزء من هذا العنوان أو ذلك مع وجود ميزة كبيرة، وهي أن الحوار مباشر وليس مسجلا أو ممنتجا.. كل هذا يجعل من هذا التطبيق ثورة حقيقية في وسائل الإعلام الحديثة ولا أظن أنها ثورة ستهدأ أو تخفت قريبا.

twitter.com/osgaweesh
التعليقات (0)