ملفات وتقارير

ما دلالات تحسن وضعية الأردن بمؤشر "الإرهاب العالمي"؟

 ويعاني التيار الجهادي في الأردن من حالة ركود بسبب وجود خصومات داخلية بين مؤيدي تنظيم الدولة وبين معارضيه- جيتي
ويعاني التيار الجهادي في الأردن من حالة ركود بسبب وجود خصومات داخلية بين مؤيدي تنظيم الدولة وبين معارضيه- جيتي

أثار "تحسن" وتقدم موقع الأردن بفارق سبع نقاط على مؤشر "الإرهاب العالمي"، تساؤلات حول حقيقة ودلالة تراجع تنظيمات وأعمال العنف بالبلاد التي تشارك حكومتها في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، والذي يضم 83 دولة.

وأظهر تقرير مركز شرفات للدراسات والبحوث والإرهاب، تراجع ترتيب الأردن في مؤشر "الإرهاب العالمي" إلى النقطة 57 بعد أن كان ترتيبه 64 العام 2019، أي بفارق سبع نقاط، لينتقل بهذا الترتيب إلى المناطق منخفضة التهديد، والتي تعني عدم تعرضه لـ"عمليات إرهابية فعلية".

الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية، رأى أن هناك تراجعا لتنظيمات العنف على مستوى العالم، وفي مقدمتها "القاعدة" و"الدولة الإسلامية"، لافتا إلى أن هذه التنظيمات فقدت السيطرة المكانية وتحولت إلى حرب الاستنزاف والإصابات.

وقال أبو هنية لـ"عربي21" إن التدخل الدولي ضد ما يوصف بـ"الإرهاب" والمتمثل في تشكيل تحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية؛ أضعف التنظيمات الجهادية والمسلحة في سوريا والعراق، وهو ما انعكس على خلاياها في الأطراف، كالأردن الذي لا توجد فيه هياكل راسخة، وإنما خلايا أقرب إلى الذئاب المنفردة المتأثرة بحالة هذه التنظيمات قوة وضعفا.

ونفى أن يكون الخيار الأمني والعسكري الذي اتخذته دول العالم بما فيها الأردن، قادرا على القضاء على التنظيمات الجهادية، مشيرا إلى عودة نشاط تنظيم الدولة في العراق وسوريا حاليا، "وذلك بإجماع جميع مراكز الدراسات والخبراء والمحللين والتقارير الاستخبارية".

وأضاف أبو هنية أن تعامل الأردن مع ظاهرة "الإرهاب" يقتصر على الجانب الأمني بصورة أساسية، مؤكدا أنه لا توجد في البلاد مخصصات ولا موارد ولا خطة استراتيجية واضحة للتعامل مع الظاهرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

وبينما لم يتطرق تقرير "شرفات" إلى أسباب نشوء العنف، سوى الإشارة إلى أن "الصراع المسلح من أهم أسباب الإرهاب"؛ أكد أبو هنية أن الأسباب الموضوعية للعنف في الأردن تزداد تعمقا وانتشارا، حيث تشهد البلاد انغلاقا للآفاق السياسية؛ يتجلى في ضعف دور الأحزاب وتراجع الحالة الديمقراطية، وانسدادا في إيجاد حلول للمشكلة الاقتصادية، ما أدى إلى تزايد نسب البطالة والفقر والتهميش.

وأوضح أبو هنية أنه "إذا بقيت الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الأردن على حالها؛ فسنشهد خلال السنوات القليلة القادمة بروزا لظاهرة العنف والإرهاب"، متوقعا أن "يعود نشاط الخلايا المسلحة في الأردن مع عودة نشاط التنظيمات في مراكزها، كالعراق وسوريا، وهي مسألة وقت لا أكثر".

ورجّح تقرير "شرفات" أن يرتفع معدل حدوث عمليات "إرهابية" في الأردن خلال العقد القادم إلى خمس عمليات سنوياً. ‏

‏وأضاف أن الأردن خلا من "الإرهاب" فعلياً عام 2020، لافتا إلى أن "هذه هي المرة ‏الأولى منذ عام 2011 التي يخلو منها الأردن من العمليات الإرهابية".‏

واستدرك التقرير بأن "ذلك لا يعني أن تهديد الإرهاب ضد الأردن قد انتهى، أو أنه لم يتعرض لمحاولة القيام ‏بعمليات إرهابية، حيث نجحت دائرة المخابرات العامة بإحباط ثلاث عمليات إرهابية خطيرة من قبل ‏تنظيم داعش؛ في محافظات عمان والزرقاء وإربد".

ورأى الكاتب المختص بشؤون الجماعات الإسلامية، إبراهيم غرايبة، أن موجة الإرهاب تنحسر في العالم كله، وليس الأردن فقط، منذ سقوط "داعش" في عام 2017.

وأضاف لـ"عربي21" أن "داعش" وتيارات العنف لم يعد لها وجود واقعي في الأردن، "إلا أن القابلية الفكرية ما زالت موجودة"، لافتا إلى أن "ضعف الدولة سيغير الظرف ويجعلها عرضة لظهور العنف من جديد".

وعزا غرايبة انحسار "تيارات العنف المنتسبة للإسلام" في الأردن، إلى الاستقرار الأمني الذي تعيشه البلاد، إضافة إلى تقدم النظامين العراقي والسوري والمتحالفين معهما في مواجهة هذه الجماعات.

وأوضح أن الأسباب الموضوعية لبروز تيارات العنف قائمة، كغياب العدالة والحريات، إلا أن ما يمنع هذه التيارات من الوجود والتنامي عدم توفر الأسباب الفنية والواقعية، لافتا إلى أن الدول العربية نفسها تعرف أن معظم شعوبها تتذمر من الواقع، ولكنها تراهن على قدرتها الأمنية من جهة، وعلى ضعف الشعوب من جهة أخرى.


اقرأ أيضا :  محكمة أردنية تحكم بإعدام منفذ عملية طعن سياح في عام 2019


وبين أن أي مواجهة تقع بين الدول وبين الجماعات المتمردة ستؤول بالنهاية لصالح السلطة؛ لأن هذه الأخيرة تراكم خبراتها بما لديها من مؤسسات وأجهزة أمنية وعسكرية وتعاون مع الدول الأخرى، مشيرا إلى أن "أية جماعة إذا لم تنتصر خلال فترة قصيرة؛ فإنها ستتفكك وتخترقها الدولة، وبالتالي ستفشل في تحقيق مرادها".

وحول وجود أسباب داخلية لدى "التيارات الجهادية" أو تغيرات في البنية الفكرية ساهمت في تراجع مؤشر الإرهاب؛ اكتفى غرايبة بالقول إن "الأفكار تتبع الواقع، وإن عدم تحقيق هذه الجماعات مكاسب ميدانية يؤدي إلى تحولات فكرية، وتكيفات جديدة، ولجوء إلى العمل السري، أو التوجه للمصالحة".

ويعاني التيار الجهادي في الأردن من حالة ركود بسبب وجود خصومات داخلية بين مؤيدي تنظيم الدولة المعروف بـ"داعش" وبين معارضيه، وفق تصريحات سابقة للقيادي في التيار، محمد الشلبي المعروف بأبي سياف.

وقال أبو سياف لـ"عربي21" إن من أسباب ضعف التيار أيضا "هجرة المئات من أفراده إلى سوريا للمشاركة في القتال ضد نظام بشار الأسد، بالإضافة إلى الضغوط الأمنية التي تمارسها السلطات الأردنية، التي أهمها منع رموز التيار من التصريح لوسائل الإعلام".

ورأى أنه "إذا حصلت بلبلة ونزاعات وفوضى في المنطقة؛ فإن هذا سيساعد على إحياء التيار الجهادي"، معللا ذلك بأن "الضغط الداخلي سيخف، ما قد يفرز تيارين على الأقل كبديل عن هذا التشرذم الكبير الذي تعاني منه السلفية الجهادية في الأردن".

التعليقات (0)