قضايا وآراء

كيف تحولت إسرائيل لشريك في الانتقال السياسي السوداني؟

حازم عياد
1300x600
1300x600

رغم تمرير الكونغرس الأمريكي قانون الانتقال الديمقراطي في السودان والمساءلة والشفافية المالية الذي يمس سيادة السودان واستقلاله؛ وقع وزير العدل السوداني نصر الدين عبد الباري المقرب من الولايات المتحدة الأمريكية وإمارة أبوظبي إعلان (اتفاقات إبراهام) للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي بحضور وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين الذي زار الخرطوم يوم أمس الأربعاء 6 كانون الثاني (ديسمبر) الحالي.

قانون الانتقال الديمقراطي المجحف بحق السودان ومؤسساته السيادية لم يمنع الوزير نصر الدين من قطع شوط جديد نحو التطبيع بحجة التسهيلات المالية والقروض التي قدمها منوشين للسودان لسداد قروض البنك الدولي المستحقة منذ أكثر من 30 عاما؛ علما بأن قانون الانتقال الديمقراطي يمثل نسخة مطورة من العقوبات على السودان؛ تنتقص من سيادته وتقيد حريته وحركته المالية والسياسية؛ فالقانون يشترط موافقة ورضى الكونغرس الأمريكي على الخطوات التشريعية والإصلاحية في البلاد ما يجعل من الإصلاح رهينا بالرؤية الأمريكية وحلفائها في السودان والإقليم؛ لا بالإرادة الحرة للشعب السوداني ومؤسساته الانتقالية.

فزيارة منوشين جاء الإعلان عنها بعد ساعات من إقرار الكونغرس الأمريكي فرض قيود على المؤسسات السيادية وعلى رأسها الجيش وقوات التدخل السريع والاستخبارات؛ بإخضاع موازنتها وتعاملاتها المالية لرقابة مشددة من قبل وزراة الخزانة الأمريكية؛ ليسارع الوزير الأمريكي الذي يقضي أيامه الأخيرة في البيت الأبيض إلى تقديم تطمينات للقيادة السودانية بالإعلان عن تسهيلات أمريكية تتيح المجال للسودان لسداد ديونه المستحقة للبنك الدولي وتشجيعه على المضي قدما بتوقيع اتفاقات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي قبل انتقال السلطة للإدارة الأمريكية الجديدة.

 

زيارة منوشين جاء الإعلان عنها بعد ساعات من إقرار الكونغرس الأمريكي فرض قيود على المؤسسات السيادية وعلى رأسها الجيش وقوات التدخل السريع والاستخبارات؛ بإخضاع موازنتها وتعاملاتها المالية لرقابة مشددة من قبل وزراة الخزانة الأمريكية؛

 



السودان بتوقيعه على الإعلان رهن مستقبله باتفاق التطبيع؛ فالإصلاح السياسي والمشروع الديمقراطي بات رهينة لمشروع التطبيع؛ وبمقدار اتساقه بنيويا وهيكليا مع المصالح الإسرائيلية لا مع مشروع التنمية والنهوض السوداني؛ فمسارعة وزير العدل للتوقيع على الاتفاق لم يفقد السودان ورقة التطبيع هزيلة للتعامل مع العقوبات وقانون الانتقال الديمقراطي؛ بل وفر لأمريكا والكيان الإسرائيلي ثغرة خطيرة تمكن الكيان من التحول إلى لاعب سياسي مهم في صياغة مستقبل السودان السياسي والاقتصادي من خلال دمج التطبيع في بنية الإصلاح السياسي والاقتصادي وتوازناته المحلية والإقليمية.

رغم أن الاتفاق لا زال أمامه الكثير لإقراره عبر المجلس السيادي ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي المتوقع تشكيله في وقت لاحق من هذا العام؛ إلا أن المسارعة لتوقيع إعلان الاتفاق يعد خطوة مؤذية لمسار العملية السياسية والإصلاحية في السودان وخانقا للنفوذ الروسي والصيني ومضيقا هامش المناورة السياسية الإقلمية للسودان؛ فتوقيع وزير العدل المقرب من واشنطن عزز من مكانة حلفاء أمريكا وإسرائيل في النظام السياسي السوداني وضخم من حجم ونفوذ وقدرة القوى الهامشية المدعومة أمريكيا وإسرائيليا وإماراتيا من التأثير في رسم معالم المشهد الداخلي السوداني وتوازناته الهشة التي ستبقى رهينة معادلة التطبيع وقانون الانتقال الديمقراطي الأمريكي وبنوده المجحفة. 

hazem ayyad
@hma36

التعليقات (0)