ملفات وتقارير

هل ستُغيّر تجربة المرض من طريقة حكم تبون؟

تبون اجتمع مع قائد أركان الجيش في أول نشاط له بعد عودته من رحلة علاج في ألمانيا دامت شهرين- الأناضول
تبون اجتمع مع قائد أركان الجيش في أول نشاط له بعد عودته من رحلة علاج في ألمانيا دامت شهرين- الأناضول

سيكون على الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، استئناف العمل سريعا بعد عودته إلى بلاده من رحلته العلاجية الطويلة، فالعديد من الملفات تنتظره، أبرزها مواصلة الإقناع بإصلاحاته السياسية التي تلقى رفضا من المعارضة.

وظهر الرئيس أمس، فور وصوله إلى الجزائر، محاطا بكبار المسؤولين العسكريين والمدنيين في الدولة، في صورة تؤكد تجاوز مرحلة المرض بعد نحو شهرين من الغياب أدت إلى شكوك في قدرة تبون على الاستمرار في منصبه.

وخلال غيابه، طالبت أطراف سياسية بتطبيق المادة 102 من الدستور، التي تتحدث عن إثبات المانع الصحي عن مزاولة الرئيس منصبه، كما ظهر نوع من القلق في الشارع حول مآلات الوضع.

أهم الملفات المنتظرة

 

وفي أول يوم أعقب دخوله للجزائر، نظم تبون جلسة عمل مع رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة، الذي أطلعه على الوضع الأمني والتطورات الجيو استراتيجية التي أحاطت بالبلاد في فترة غيابه.

ويوحي هذا اللقاء بوجود قلق على أعلى مستوى في الجزائر، من القضايا الإقليمية الأخيرة، خصوصا صفقة التطبيع بين المغرب والاحتلال الإسرائيلي، التي تضمنت في شق منها اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.

وخلال تدخله الأخير من ألمانيا، قال تبون إن الجزائر كانت تتوقع ما حصل في المنطقة، في إشارة إلى اتفاق التطبيع، وطمأن الجزائريين بأن بلادهم قوية ومستعدة لكل الاحتمالات.

لكن الانطباع العام الذي يخرج من تصريحات المسؤولين في الجزائر، سواء رئيس الحكومة عبد العزيز جرّاد أو رئيس أركان الجيش، ودعوتهما الجزائريين لـ"رصّ الصفوف"، يؤكد توجس السلطة من هذه التطورات.

وعلى صعيد الوضع الداخلي، ينتظر أن يرأس تبون، الخميس، اجتماع مجلس الوزراء، للمصادقة على مشروع قانون المالية أو الموازنة العامة، الذي يحدد كل النفقات والضرائب المطبقة سنة 2021.

كما سيوقع الرئيس على الدستور الجديد الذي استفتى عليه المواطنين شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بنسبة مشاركة ضعيفة، والذي بقي معطلا بسبب المرض الذي داهم تبون.

إعادة تشكيل البرلمان


وبتحرير الدستور الجديد، سيستلم تبون في الساعات المقبلة مشروع تعديل قانون الانتخابات، الذي كان قد دعا إلى الإسراع في إعداده خلال ظهوره الأخير من ألمانيا.

ويعدّ هذا القانون المنتظر حجر الزاوية في ما سيُستقبل من استحقاقات انتخابية، ستعيد رسم الخارطة السياسية في البلاد، من خلال تحديد الأغلبية الرئاسية والمعارضة.

لكن طريقة تعديل قانون الانتخابات لم تلق الإجماع، فقد عبّرت أحزاب مثل "طلائع الحريات" عن قلقها من عدم إشراكها في العملية، بينما أبدت حركة مجتمع السلم تحفظاتها على تشكيلة اللجنة التي أوكل لها التعديل.

ومع إقرار قانون الانتخابات، سيصبح الطريق ممهدا أمام الرئيس لإعلان حلّ البرلمان، والمناداة لانتخابات مبكرة، ستسفر عن التركيبة الجديدة للمؤسسة التشريعية التي ستعمل على ضوء الدستور الجديد.

ويتوقع أستاذ العلوم السياسية بجامعة وهران، رابح لونيسي، أن تبون سيفكر في أحزاب جديدة تكون قاعدته وسنده السياسي مستقبلا في مختلف المجالس المنتخبة، متجنبا أحزاب الموالاة القديمة التي يعلم أنها مرفوضة شعبيا.

وأوضح لونيسي، في تصريح لـ"عربي21"، أن  بعض الملامح لأغلبية رئاسية بدأت في التشكل، من خلال التخطيط للاعتماد على المجتمع المدني، سواء كمرشحين أحرار أو في قوائم حزبية.

وذكر لونيسي أنه من غير المعقول ألّا يمتلك تبون أغلبية رئاسية في أول برلمان تحت رئاسته، لأن وصول أغلبية معارضة يعني الدخول في أزمة سياسية قبل مواصلة إصلاحاته الرامية لبناء نظام جديد، لأن هذا الوضع لو حدث سيفرض عليه  تعيين رئيس حكومة بدل وزير أول يتكفل بتسيير الشؤون الداخلية، وفق ما ينص عليه الدستور الجديد.

ويمكن، بحسب لونسي، أن ينفتح الرئيس لاحقا على المعارضة السياسية من أجل احتوائها، كما وقع في المغرب الأقصى، مع الاشتراكيين بقيادة اليوسفي من قبل ثم الإسلاميين فيما بعد.

إمكانية تغيير مسار الإصلاحات

 

غير أن هذه الخارطة الإصلاحية التي يطرحها الرئيس تبدو بعيدة عن تحقيق الإجماع، فالأحزاب المعارضة ترى أن أي انخراط في الانتخابات وفق شروط السلطة هو دعم لبقاء النظام الحالي، وهو الرأي ذاته الذي تدافع عنه وجوه بارزة من الحراك الشعبي.

وفي الأسبوعين الأخيرين، طرحت أحزاب معارضة، مثل جبهة القوى الاشتراكية أو التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، فكرة الذهاب لحوار شامل من أجل حلّ الأزمة السياسية.

وتبدو السلطة لحدّ الآن غير مستعدة لتغيير أجندتها الإصلاحية، التي بدأتها بتعديل الدستور ثم تعديل باقي القوانين المؤطرة للحياة السياسية، مثل قانون الانتخابات وقانون الأحزاب والجمعيات وغيرها.

ويُطرح اليوم سؤال حول مدى قابلية تبون، خاصة بعد تجربة المرض الأخيرة التي منحته فرصة لتأمل الوضع، لإعادة تكييف مساره إصلاحاته، حتى يتجاوب مع مثل هذه الدعوات.

وفي اعتقاد نوري دريس، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة سطيف شرقي البلاد، فإنه من المستبعد تماما إحداث تغييرات في طريقة تسيير الدولة وممارسة السلطة.

وقال دريس في تصريح لـ"عربي21"، إن المتوقع هو إجراء بعض التغييرات في الجهاز الحكومي أو البيروقراطي لبعض المسؤولين، لكن عدا ذلك سيواصل النظام، حسبه، في المضي في خطة الطريق التي وضعها.

وأوضح الأستاذ في تحليله قائلا: "يتصور النظام أن الأزمة السياسية انتهت  بطرد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وسجن بعض المسؤولين في حكوماته. أما اقتصاديا، فيرى أن الأزمة سببها السوق النفطية العالمية وأزمة كورونا، وليس هو مسؤولا عنها".

ويتنبأ دريس بأنه بتعقيدات أكبر للوضع خلال السنة المقبلة، فكل المؤشرات، حسبه، توحي إلى أن التشريعيات القادمة سوف تجرى بنفس الطرق والآليات التي أوصلتنا إلى الأزمة الحالية، وستزيد من تآكل شرعية السلطة، ومن ثم ستزيد حدة المساومات حول صلاحياتها من طرف جماعات النفوذ داخليا وربما خارجيا.

 

اقرأ أيضا: تبون يعود للجزائر بعد شهرين من العلاج في ألمانيا

التعليقات (1)
ناقد لا حاقد
الخميس، 31-12-2020 07:58 م
تبون ليس رئيس للجزائر بل هو ممثل و وكيل العسكر و مصالحهم ، عليكم ان تنتصرو لحق الشعب الجزائري و نضاله تماما مثل الشعب المصري ..........الحراك سوف يعود باذن الله تعالى