ملفات وتقارير

122 مثقفا: إسرائيل تستخدم معاداة السامية لإسكات من ينتقدها

تصوير (بي دي أس) على أنها معادية للسامية تشويه صارخ لوسيلة مشروعة وغير عنيفة للنضال من أجل الحقوق الفلسطينية- جيتي
تصوير (بي دي أس) على أنها معادية للسامية تشويه صارخ لوسيلة مشروعة وغير عنيفة للنضال من أجل الحقوق الفلسطينية- جيتي

وقع 122 أكاديميا وصحفيا ومثقفا فلسطينيا وعربيا عبروا فيها عن قلقهم من تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست (IHRA) لمعاداة السامية وطريقة تطبيقه والتعامل معه في عدد من الدول الأوروبية وشمال أمريكا.

وقال الموقعون إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي قامت في السنوات الأخيرة باستخدام "معاداة السامية" كأداة لنزع الشرعية عن القضية الفلسطينية وإسكات المدافعين عن الحقوق الفلسطينية، بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية.


وحذروا من أن "حرف المعركة الضرورية ضد معاداة السامية لخدمة أجندة كهذه يهدد بالحط من قيمة هذا الكفاح وبالتالي تشويهه وإضعافه".

وجاء في الرسالة أنه "من الضروري فضح ومواجهة معاداة السامية. ومهما كان مظهرها فيجب عدم التسامح مع العداء ضد اليهود كيهود في أي مكان في العالم. فمعاداة السامية تتمظهر من خلال التعميمات والنمطيات عن اليهود، خاصة قوة المال والسلطة إلى جانب نظريات المؤامرة وإنكار الهولوكوست".

وقال المثقفون إنهم يرون أنه "من الضروري والشرعي مكافحة هذه المواقف. كما نعتقد أن دروس الهولوكوست وغيره من الإبادات في العصر الحديث يجب أن تكون جزءا من تعليم الأجيال الجديدة وضد كل أشكال التحيزات العرقية والكراهية". مستدركين بالقول: "لكن، يجب اتخاذ نهج مبدئي لمكافحة معاداة السامية وإلا تقوض الغرض منها".

وجاء في الرسالة أن الأمثلة التي يقدمها تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست تخلط ما بين اليهودية والصهيونية، و"يفترض أن كل اليهود هم صهيونيون وأن دولة إسرائيل في وضعها الحالي تجسد حق تقرير المصير لكل اليهود"، وأضافت: "نحن نختلف بشدة مع هذا، فيجب عدم تحويل مكافحة معاداة السامية إلى حيلة لنزع الشرعية عن القتال ضد اضطهاد الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم واستمرار احتلال أرضهم".


وحدد الموقعون سلسلة من المبادئ الضرورية لهذا الفهم:

أولا: يجب استخدام معاداة السامية ضمن إطار القانون الدولي وحقوق الإنسان. ويجب أن يكون جزءا لا يتجزأ من قتال كل أشكال العنصرية ومعاداة الأجانب بما في ذلك الإسلاموفوبيا والعنصرية الموجهة ضد العرب والفلسطينيين. ويجب أن يكون هدف هذا الكفاح ضمان الحرية والتحرر لكل الجماعات المضطهدة. ومن المثير للقلق عندما يتم توجيه (التعريف) للدفاع عن دولة مفترِسة ومضطهِدة.

ثانيا: هناك اختلاف كبير بين الظروف التي تم فيها استهداف اليهود واضطهادهم وقمعهم كأقلية من أنظمة معادية للسامية أو جماعات، وبين الظرف الذي تم فيه تطبيق حق تقرير الشعب اليهودي في فلسطين/إسرائيل على شكل دولة توسعية وبصبغة عرقية ومناطقية واحدة. وفي وضعها الحالي تقوم دولة إسرائيل على اقتلاع غالبية السكان الأصليين الفلسطينيين والتي يشير إليها العرب بالنكبة وتقوم على قهر السكان الأصليين الذين لا يزالون يعيشون على أراضي فلسطين التاريخية إما كمواطنين من الدرجة الثانية أو كمحتلين وحرمانهم من حق تقرير مصيرهم.

ثالثا: تم استخدام تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست والإجراءات القانونية التي تبنتها عدة دول وفي معظم الحالات ضد جماعات اليسار أو حركة تحقيق العدالة لفلسطين (BDS) وتهميش التهديد الحقيقي على اليهود والنابع من الحركات القومية المتطرفة البيضاء في أوروبا والولايات المتحدة. وتصوير حركة العدالة لفلسطين هو تشويه صارخ لحركة سلمية بالأساس للدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

رابعا: إن بيان تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست والذي يشتمل على مثال عن معاداة السامية وهو أن "إنكار حق اليهود في تقرير مصيرهم من خلال الزعم أن وجود دولة إسرائيل هي مسعى عنصري" هو نشاز. فلم يهتم معدو التعريف بالنظر إلى أن دولة إسرائيل الحالية ينظر إليها حسب القانون الدولي كقوة محتلة منذ نصف قرن، وهو أمر تعترف به الدول والحكومات التي تلتزم بتعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست. ولا يهتم معدو البيان بالنظر إلى أن هذا الحق لخلق غالبية يهودية يشتمل على تطهير عرقي أو فيما إن كان يجب موازنته مع حقوق الشعب الفلسطيني. وأكثر من هذا فالتعريف يحمل ملامح اعتبار كل الرؤى غير الصهيونية كمعادية للسامية مثل الدعوة لدولة أحادية القومية والحقوق المتساوية للمواطنين في دولة علمانية. فالدعم الحقيقي لتقرير مصير شعب لا يمكنه تجاهل حق الأمة الفلسطينية ولا أية أمة.

خامسا: نعتقد أن حق تقرير المصير يجب ألا يشتمل على اقتلاع شعب آخر أو منعه من إدارة أرضه أو محاولة تأمين الغالبية في داخل الدولة. ومطلب الفلسطينيين بالعودة إلى أراضيهم التي شرد منها أباؤهم وأجدادهم يجب ألا ينظر إليه كمعاداة للسامية. وكون هذه المطالب تتسبب بقلق بين الإسرائيليين لا يعني أنها غير عادلة أو أنها معادية للسامية. وهذا حق يضمنه القانون الدولي كما يجسده قرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1948.

سادسا: رمي كل من يعتبر وجود دولة إسرائيل كعمل عنصري، وعلى الرغم من أن التمييز الدستوي والمؤسسي، بأنه معاد للسامية هو بمثابة منح إسرائيل حصانة مطلقة. وبناء عليه يمكن أن تهجر إسرائيل الفلسطينيين أو تجردهم من جنسيتهم أو تحرمهم من حق التصويت وتظل مع ذلك محصنة من تهمة العنصرية.

ومن هنا فتعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست والطريقة التي يطبق فيها يمنع أي نقاش لإسرائيل كدولة قائمة على التمييز الديني والعرقي. وهو ما يتعارض مع العدالة الأساسية وأعراف حقوق الإنسان والقانون الدولي.

سابعا: نعتقد أن العدالة تقتضي دعما كاملا لحق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، بما في ذلك نهاية الاحتلال المعترف به دوليا لأراضيهم ووضعية اللادولة وحرمان اللاجئين الفلسطينيين. وقمع الحقوق الفلسطينية في تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست يكشف عن موقف يدعو لتأكيد التميز اليهودي في فلسطين بدلا من حقوق اليهود، والتفوق اليهودي على الفلسطينيين بدلا من سلامة اليهود.

ونعتقد أن قيم حقوق الإنسان وحقوق الأفراد والمعركة ضد معاداة السامية تمضي جنبا إلى جنب بالكفاح نيابة عن الشعوب المستضعفة والجماعات من أجل الكرامة والمساواة والتحرر.

ومن الموقعين على الرسالة: المخرج سمير عبد الله ونادية أبو الحاج من جامعة كولومبيا. رشيد الخالدي وليلى أبو لغد والبروفيسور طلال أسد وزينب البحراني من جامعة كولومبيا. بشير أبو منة من جامعة كينت. الناشطة نادية عيساوي من فرنسا. الناقد صبحي حديد. الروائي سنان أنطون. عزيز العظمة ونادية بغدادي من الجامعة المركزية الأوروبية في النمسا. عبدالله باعبود من عمان. رنا بركات من جامعة بير زيت. بشير بشير من الجامعة الإسرائيلية المفتوحة. الروائي طاهر بن جلون. الناقد محمد برادة. أمل بشارة من جامعة تافتس. وغيرهم من فلسطين وفرنسا وبريطانيا وكندا ومصر.

التعليقات (0)