قضايا وآراء

انتهى الدرس يا ترامب

هشام عبد الحميد
1300x600
1300x600
لم يستوعب دونالد ترامب الدرس جيدا؛ ويبدو أنه مذهول من تقدم ونجاح جو بايدن، منافسه الديمقراطي. ترامب بتكوين شخصيته عنيد ومتعال إلى حد الصلف والغرور؛ إلى درجة أنه ينكر النجاح لبايدن، ويكرر بشكل لا كلل ولا ملل فيه ودونما أي دليل، يذكر أن الانتخابات مزورة، وأن الديمقراطيين استطاعوا إيجاد أصوات لصالح مرشحهم جو بايدن؛ في أكثر الولايات مناصرة لترامب.

يوما بعد يوم يثبت زيف ادعاءات ترامب، ولكنه لا يريد الاعتراف بالهزيمة. يحاول ترامب أن يضغط على الدولة العميقة بقرارات مفاجئة؛ لكي يحصل على أكبر قدر ممكن من عدم ملاحقته بعد خروجه الرسمي من منصب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، فشاهدنا على سبيل المثال إقالة وزير دفاعه لكي يأتي بوزير دفاع عنصري لأبعد الحدود.

وما زال العالم في انتظار مفاجآت ترامب قبل خروجه المرتقب في 20 كانون الثاني/ يناير. لعل ترامب هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي أسقطه الأمريكيون من أول دورة رئاسية، ولعل ذلك تسبب في صدمة له أطاحت بآماله التي بناها بفترة رئاسية ثانية.

لعل الهامرشيا عند ترامب، أي سقطته التراجيدية كما نسميها بلغة الدراما، أخرجته من عقاله، فبدأ يتصرف وكأنه لم يدرك الفرق بين إدارة شركة من شركاته كرجل أعمال ناجح وبين إدارة الدولة.

توهم أنه ضخ أموالا في خزانة الدولة الأمريكية - تلك الأموال التي ابتزها من الأنظمة العربية - سبب كاف لجعل الأمريكيين يغضون الطرف عن أخطائه القاتلة.

كما تصور أنه بدعمه للأنظمة الاستبدادية سيشكل حائط صد لكل ما أحيق به من فشل في إدارته؛ وبالذات فشله في إدارة أزمة كورونا، كما تصور أنه بدعم الأغنياء وسحق الفقراء سينجح بالنفوذ وقوة رأس المال.

تصور أنه بدفعه لخطوات التطبيع بين الأنظمة العربية وإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية للقدس كعاصمة أبدية لإسرائيل؛ سيحصل على الدعم إلى أبعد مدى من خلال اللوبي اليهودي القوي في أمريكا. لم يفهم ترامب أن عقلية رجل الأعمال التي تعقد الاتفاقات بين الأطراف، والقائمة على مبدأ المكسب والخسارة، تختلف تماما عن عالم السياسة بتعقيداته وتوازناته الدقيقة.

نسي ترامب أنه في دولة تحكمها مؤسسات. نسي أن أمريكا مجتمع كوزموبوليتوني من جميع بقاع الأرض؛ وليست فقط للعرق الأبيض. فقد احتقر الملونين والمهاجرين، وقسّم الناس بشكل معيب في دولة بحجم وتاريخ أمريكا المعنية بحقوق الإنسان لمواطنيها.

نسي ترامب أنه يعيش في عصر المعلومات وقوة الإعلام وتحديدا بأمريكا؛ فاحتقر الإعلام بقنواته المختلفة وشكك فيه، وطرد المراسلين والصحفيين من مؤتمراته الصحفية بكل عنجهية وغرور؛ غير مدرك خطورة دور الإعلام في تصدير الصورة الذهنية للوعي الجمعي ودوره وقوة تأثيره في الجماهير سلبا وإيجابا.

نسي ترامب أن الفنانين الأمريكيين هم قوة أمريكا الناعمة فلم يحاول استقطابهم لصالحه؛ بل على العكس، أصدر تغريدات معيبة في حقهم؛ روبرت دي نيرو وميريل ستريب وغيرهم أمثلة على ذلك.

يبدو أن ترامب لم يفهم، ولم يتعلم أصول إدارة الدولة؛ ولهذا سيكون الدرس قاسيا، أن الانتخابات تقول: "انتهى الدرس.. يا ترامب".
التعليقات (0)