قضايا وآراء

ما لم يُخبرك عنه ماكرون

علي الصاوي
1300x600
1300x600
في عام 2003 حضر الرئيس الفرنسي جاك شيراك مباراة كرة قدم، وفي منتصف المباراة سخرت الجماهير من النشيد الوطني للبلاد، عبر إدخال كلمات تستهزئ به، فغضب جاك شيراك وغادر المباراة، وعلى الفور عدّلت فرنسا قانون العقوبات لتُصبح إهانة العَلم الفرنسي جريمة تستوجب العقاب ودفع غرامة مالية، وما زال القانون ساريا في فرنسا إلى الآن.

من أجل عَلم من قماش غيّرت فرنسا قانون العقوبات احتراما لرمزيته وشرفها الوطني، لكن حين يتعلق الأمر بالسخرية من رسول يتبعه أكثر من مليار ونصف مليار مسلم حول العالم يصبح الأمر حرية تعبير ومكافحة للتطرف، وحين يُوّلد هذا التجاوز غضبا بين المسلمين، يصبح تطرفا وسلوكا غير مقبول، في صورة هزلية لدولة لم يعرف التاريخ مثلها في الإجرام والإرهاب ونهب ثروات الأمم.

وما زالت بذرة التطرف والكراهية الذي تربى عليها الفرنسيون وروح الاستعلاء تطغى على تصرفاتهم تجاه كل ما هو إسلامي، لشعورهم بالنقص أمام شريعته وروح تعاليمه السمحة التي تجذب القلوب قبل العقول، لذلك فإن تصرفات ماكرون ما هي إلا مُعبّر عن نقصه وفشله في إدارة بلاده، فكان الإسلام هو المَخرج لأزماته المتكررة وفشل سياسته الخارجية، فتنّبى خطاب الكراهية لحشد وتعبئة الرأي العام الفرنسي لصرف أنظاره عن تردي وضع فرنسا الداخلي.

وما يفعله الغربيون من إساءات متكررة لدين المسلمين ونبيهم، ليست أكثر من حالة نفسية عصبية جراء العجز الذين يشعرون به تجاه هذا الدين وفشلهم في ما هم عليه من معتقد، ألا ترى أن أكثر أفلامهم تسب المسيح ويجهر بعضهم بعدم إيمانهم به؟

وهنا سوف نستعرض ما قاله بعض زعماء العالم ورأيهم في الإسلام، ليتعلم مراهق الإليزيه كيف يتحدث عن أشرف خلق الله، وأصح دين نزل من السماء إلى الأرض، وليعلم العالم أجمع أن ما يفعله ماكرون مراهقة سياسية ومؤامرة مدبرة للتغطية على فشله، وإذكاء روح العداء بين المسلمين والغرب.

في عام 1994 وقف الأمير تشارليز يُلقي خطابا في جامعة أكسفورد البريطانية، وكان مما قال: "إن كثيرا من الناس هنا ينظرون إلى الشريعة الإسلامية على أنها بربرية وغير عادلة، إن صُحفنا قبل الجميع تعشق الخوض في هذه الأحقاد. إن الحقيقة هي غير هذا فهي مختلفة عن هذا التفكير فروحانية الشريعة الإسلامية أساسها الرحمة والعدل، ويجب علينا أن ندرس التطبيق الفعلي لها قبل أن نصدر حكمنا عليها، ويجب أن نكون حذرين عند استعمال كلمة الأصولية، وأن نُفرّق كما يفعل المسلمون بين مُختلف الفرقاء، الذين يُمارسون منهاجهم الديني بكل خشوع وتعبد حقيقي وبين المتعصبين والمتطرفين، إذ أن التطرف ليس وقفا وحكرا على الإسلام فحسب، فهو موجود في صُلب الديانات الأخرى".

وعندما ذهب الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" لافتتاح مسجد في مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند الأمريكية، قال للمسلمين في خطاب الافتتاح: "إن مجتمعكم يتم استهدافه نسبة للعنف الذي يرتكبه القلة القليلة، إن الناس يخلطون بين الأفعال الإرهابية المريعة ومعتقدات دين بكامله، لأكثر من ألف عام جذب الإسلام قلوب كثير من الناس من خلال دعوته للحب والسلام، فلا يدخل أحدكم الجنة حتى يحب لأخيه كما يحب لنفسه، كما قال نبي الإسلام محمد، إن المسلمين الأمريكيين ينثرون حياتنا في كل النواحي، هم الجيران والمدرسون الذين يُلهمون أطفالنا والأطباء الذين نأتمنهم على صحتنا، والعلماء الذين فازوا بجائزة نوبل، والشباب الذين يأتون بتقنيات جديدة نستخدمها طوال الوقت، هم أبطال الرياضة الذين نحتفي بهم في كل وقت، ما لا يمكن نُكرانه هو أن شريحة صغيرة من المسلمين تُروّج لترجمة منحرفة عن الإسلام، هم ليسوا أول المتطرفين إساءة لاستخدام اسم الرب في التاريخ، لقد رأينا هذا من قبل عبر الأديان كلها، يجب أن نفهم أن الهجوم على معتقد واحد هو الهجوم على معتقداتنا جميعا. إن أول كلمة نزلت في القرآن هي "اقرأ" وتعني اقرأ سعيا للمعرفة وتحققا من الفرضيات، فإذا كنا نتوقع من الآخرين احترام كرامتنا، فلا بد أن نحترم كرامة الآخرين بنفس القدر".

ومن المهم أن نذّكر بما قالته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: "إن حرية التعبير لها حدود، هذه الحدود تبدأ مع انتشار الكراهية وانتهاك كرامة الآخرين".

هكذا تكون لغة الزعماء، لكن حين يعتلي عرش دولة مراهق أحمق فلا تنتظر منه قولا سديدا، أو رأيا حازما، أو خطابا معتدلا، بل نشر الكراهية وتأجيج الصراعات، تلك هي أدواته المفلسة التي لن تزيده إلا حقارة وسقوطا في نظر حلفائه قبل خصومه.

عاش النبي صلى الله عليه وسلم اليُتم صغيرا بعد وفاة والديه، ثم عاش اليُتم مرة أخرى كبيرا بعد أن تخلى عنه قومه في بداية دعوته فحاربوه وطردوه واتهموه في عقله وفي عِرضه، ثم يتيما بعد موته لخذلان أمته وهوانه عليهم، وهو الذي ادخر دعوته للآخرة ليكون شفيعا لهم، وهم ما زالوا يتجادلون ويتناظرون حول سبّه وإهانته وجدوى المقاطعة وأثرها على الاقتصاد بحجج واهية تزيدهم سقوطا على سقوطهم الأخلاقي، وتفضح هوى أعجميتهم الدفينة في قلوبهم.

ورحم الله القائل

فَقُل لِرَسولِ اللَهِ يا خَيرَ مُرسَلٍ   أَبُثُّكَ ما تَدري مِنَ الحَسَرات

شُعوبُكَ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِها  كَأَصحابِ كَهفٍ في عَميقِ سُبات
التعليقات (0)