ملفات وتقارير

ما الرسائل التي حملتها الهجمات الصاروخية على أربيل؟

الصواريخ أطلقت صوب مطار أربيل الدولي- الأناضول
الصواريخ أطلقت صوب مطار أربيل الدولي- الأناضول

لا يزال الجدل قائما في العراق حول تداعيات ورسائل الهجمات الصاروخية التي استهدفت مدينة أربيل، ولا سيما أن الاتهامات طالت فصيلا من الحشد الشعبي متمركزا شرق مدينة الموصل في محافظة نينوى.

وأعلن الجيش العراقي، الأربعاء، أن "مجموعة إرهابية" استهدفت أربيل بعدد مِن الصواريخ، وأن توجيها صدر بتوقيت آمر القوة المسؤولة عن المنطقة، فيما اتهمت حكومة الإقليم، لواء 30 من الحشد الشعبي بالوقوف وراء ذلك.

تفاهمات أمنية

وعلى وقت هذه الهجمات، قال جبار ياور أمين عام وزارة البيشمركة لـ"عربي21" إن اجتماعا قد يعقد الأسبوع المقبل بين القوات الرسمية الكردية ووزارة الدفاع في بغداد، لمنع تكرار مثل هذه الهجمات.

وقال ياور؛ إن "الهجوم الصاروخي الأخير انطلق من مناطق تعتبر (أرض حرام) بين خط توزيع قوات البيشمركة وقوات الجيش العراقي، في منطقة برطلة التابعة لمحافظة نينوى".

وأضاف أن "اللجان المشتركة بين البيشمركة ووزارة الدفاع، توصلت في وقت سابق إلى تفاهمات حول كيفية ملء الفراغات الموجودة بين مواقع انتشار البيشمركة وقوات الجيش العراقي من الحدود الإيرانية إلى الحدود السورية، على مسافة أكثر من ألف كيلومتر".

ورجح ياور أن "يعقد اجتماع للجنة العليا لوزارتي الدفاع والبيشمركة، الأسبوع المقبل، لبحث ملء هذا الفراغ لمنع تكرار مثل هذه الهجمات"، لافتا إلى أن الهجوم الأخير سيعجل بالتنسيق المشترك، لأن الإقليم والحكومة الاتحادية أمنهما واحد.

وأردف: "سوف نعمل مع قوات الجيش العراقي على حل هذه المشكلة، وهناك تفهّم مشترك بخصوص إنشاء مراكز للتنسيق المشترك في ديالى وصلاح الدين ونينوى وكركوك".

 

اقرأ أيضا: سقوط صواريخ قرب قاعدة تستضيف قوات أمريكية في أربيل

وبخصوص دور التحالف الدولي، قال ياور "قوات التحالف الدولي يدفع حكومتي أربيل وبغداد باتجاه التفاهم المشترك، وكذلك إبداء استعداده لإسناد البيشمركة والجيش العراقي، للقيام بعمليات مشتركة ضد الإرهابيين".

وكانت قوات البيشمركة قد غادرت مناطق ما يعرف بـ"المتنازع عليها" بعد خلافات حادة مع الحكومة العراقية في بغداد، على خليفة إجراء إقليم كردستان استفتاء للانفصال في 25 أيلول/ سبتمبر 2017.

"تقارير مضللة"

من جهته، رفض البرلماني العراقي قصي عباس في حديث لـ"عربي21" إعادة وجود قوات البيشمركة الكردية في مناطق سهل نينوى لأي سبب كان، مشيرا إلى أن أهل المنطقة هم أولى بحمايتها.

وقال النائب عن مكون "الشبك" في محافظة نينوى؛ إن "مناطق سهل نينوى ليست ضمن المناطق المتنازع عليها، ولم تشهد تغيرا ديمغرافيا سواء ما قبل سقوط نظام صدام حسين في عام 2003 أو بعد ذلك".

ولفت إلى أن الصواريخ انطلقت من منطقة "وادي جهنم"، وهي أرض محرمة تقع بين قوات البيشمركة وقوات الجيش العراقي والحشد الشعبي، وأن التحقيق لا يزال جاريا للتوصل إلى الجهة التي أطلقت وشنت الهجوم.

وأشار عباس إلى أن "جهات ترفع تقارير أمنية مضللة إلى الحكومة وقوات التحالف وحتى الأمم المتحدة، بأن منطقة سهل نينوى غير مستقرة، وأن لواء 30 (مكون من الشبك الشيعي) يرتكب انتهاكات، رغم عدم وجود أي خرق سوى الذي حدث مؤخرا".

وبحسب قوله، فإنه "في الوقت الذي نرفض فيه إطلاق الصواريخ رفضا قاطعا، ولا نقبل بإدخال مناطق الأقليات في الصراعات، فإننا لا نقبل أيضا بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء والمجيء بأي قوة، ولا نقبل بحماية هذه المنطقة سوى من سكانها".

وأوضح عباس أن "منطقة سهل نينوى عندما كانت فيها نقاط أمنية مشتركة من البيشمركة والجيش العراقي قبل اجتياح تنظيم الدولة، شهدت خروقات وهجمات عدة من التنظيم، لكن بعد تسلم سكانها حمايتها لم يحصل أي خرق غير إطلاق هذه الصواريخ".

ثلاث رسائل

وفي المقابل، قال الكاتب والباحث السياسي من إقليم كردستان كفاح محمود لـ"عربي21"؛ إن "ما حصل من هجوم على أربيل كان متوقعا، خاصه أنها جاءت من مجاميع لا تخضع لقوانين ولا لأنظمة، ووصفتها العمليات المشتركة العراقية بأنها مجاميع إرهابية".

وأضاف أنه "مثلما أطلقت هذه المليشيات المنفلتة قذائف الكاتيوشا على مناطق آمنة في بغداد، وراح ضحيتها عائلة كاملة، فإنه كان متوقعا أن ترسل مثل هذه القذائف إلى أربيل، وذلك بعد تعرضها إلى ضغط كبير من حكومة العراق أو المجتمع الدولي، ولا سيما بعد التهديد الأمريكي والأوروبي بسحب البعثات".

 

اقرأ أيضا: توقيف آمر مجموعة مسلحة بعد "صواريخ أربيل".. و"الحشد" يتبرأ

وأردف: رغم أن الهجوم يشكل من الناحية الاستراتيجية تماديا، لكني أضعه ضمن "العمل الصبياني" الذي لا يدرك فاعله مدى خطورته ولا يعرف ماذا فعل، خصوصا أنه جاء من منطقة تخضع للمليشيات المنفلتة التي بنيت على أساس "طائفي مقيت"، وبدعم من "حزب الله" الذي لديه سطوة هناك.

ورأى أن الهجوم يحمل ثلاث رسائل، الأولى وهي الأقوى كانت موجهة للكاظمي بالدرجة الأساس؛ كونه بدأ في محاربة المليشيات المنفلتة خاصة بعد إبعادهم عن المنافذ الحدودية، وهم يعملون الآن على إرباك رئيس الحكومة، ويحالون دفعه للاستقالة، والتأثير على الانتخابات".

أما الرسالة الثانية، بحسب محمود، فإنها كانت لإقليم كردستان، ومفادها بأنه "ما لم تغضوا النظر عما نقوم به وتكفون عن دعم الكاظمي، فإنكم ستكونون في مرمى صواريخنا أيضا". والرسالة الثالثة تشير إلى أن "الصواريخ ستطال الأمريكيين في العراق أينما ذهبوا".

صراعات شيعية

وبخصوص الحديث عن محاولات لنقل الصراع إلى حدود إقليم كردستان، قال محمود إن "الإقليم ينأى بنفسه عن التورط في الصراعات، سواء الصراع الخفي داخل البيت الشيعي، بين المليشيات التي لا تخضع للقوانين وبين الحكماء من الشيعة، أو الصراع بين واشنطن وطهران".

وشدد الكاتب الكردي على أنه "إذا تكررت الهجمات سيكون الرد قويا وحاسما، لأن البيشمركة ليست قوات طارئة نشأت قبل سنوات، وإنما هي قوات لها تاريخ وتمتلك الكثير من الخبرة، ولا سيما في حرب الشوارع".

وخلص محمود إلى أن "حكومة كردستان في النهاية تدعم الكاظمي من أجل فرص سيادة القانون وهيبة الدولة، وكذلك إبعاد هذه المجاميع المنفلتة التي نصفها بأنها تشبه تنظيم الدولة في السلوك والتصرفات".

التعليقات (0)