صحافة دولية

FP: انتخابات الرئاسة بمينيسوتا حياة أو موت لصوماليي أمريكا

ترامب إلهان عمر- جيتي
ترامب إلهان عمر- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا قالت فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم ينتظر أكثر من سبع دقائق من بداية التجمع الانتخابي في بيميدجي في مينيسوتا الجمعة الماضية، ليشن هجوما كاسحا ضد المجتمع الأمريكي الصومالي في الولاية.

وحذر الرئيس من أن المرشح الديمقراطي جو بايدن سوف "يغرق منيسوتا بأعداد من اللاجئين الصوماليين"، محولا الولاية إلى "مخيم لاجئين"، حيث وصف الرئيس الصوماليين الأمريكيين بأنهم "إرهابيون إسلاميون متطرفون"، ووصف الكثير من أفراد ذلك المجتمع بأنهم "مجرمون" مدانون بالاغتصاب والاعتداء والقتل. 

ويشعر الصوماليون الأمريكيون، الذين يعرفون أنفسهم بأنهم سود ومسلمون ومهاجرون في الأغلب، بأنهم مستهدفون منذ الأيام الأولى لإدارة ترامب عندما قام الزعيم الجديد بتوقيع حظر سفر ضد سبع دول مسلمة في غالبيتها مغلقا برنامج الهجرة تقريبا.

وقالت المجلة إنه ومنذ ذلك الحين، كال ترامب الشتائم للمجتمع الصومالي الأمريكي في الولاية، الذين يصل عددهم إلى 60 ألف نسمة، وبالذات النائبة الديمقراطية عن مينيسوتا والمولودة في الصومال، إلهان عمر، وأعلن هذا الشهر عن ترحيل اللاجئين الصوماليين المحتجزين لدى سلطات الهجرة.

وفي الوقت الذي يدخل فيه ترامب المرحلة الأخيرة من حملته الانتخابية في ولاية يحاول الجمهوريون جاهدين أن يحدثوا انقلابا بالتصويت فيها في تشرين ثاني/ نوفمبر، فإن الأمريكيين الصوماليين في مينيابولس سانت بول – التي تعتبر بداية الاحتجاجات التي اجتاحت المدن الأمريكية ضد العنصرية هذا الصيف – يخشون أن دورة رئاسية ثانية لترامب ستكون نقطة اللاعودة.

فالولاية التي صوتت للديمقراطيين على مدى 11 انتخابا رئاسيا متتاليا، أصبحت فجأة ساحة معركة وهو ما يجعل المجتمع الصومالي المتفاعل سياسيا كتلة مهمة، بعد أربع سنوات من فوز ترامب بعدد من الولايات وسط وغرب أمريكا بهوامش صغيرة جدا.

وقالت النائبة هودان حسن، وهي معالجة وباحثة اجتماعية مثلت جنوب مينيابولس في مجلس نواب ولاية مينيسوتا منذ عام 2019: "إن هذا هجوم على رزقنا.. هجوم على وجودنا وهذه انتخابات مهمة حقا".

ورددت عمر تعليقات حسن في تغريدة لها قالت فيها: "ما يحصل في الأسابيع القادمة قد يؤثر علينا طيلة عمرنا وعلى حياة أطفالنا".

 

اقرأ أيضا: إلهان عمر تغرد: لقد أصبح فريقنا أكثر قوة (شاهد)


وقال جيلاني حسين، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، منذ عام 2016 وخاصة منذ أن تم انتخاب عمر عام 2018: "أصبح الأمريكيون الصوماليون هدفا لحركة كراهية في أمريكا". وسمح نجاح إلهان عمر في الانتخابات مع مجموعة من النواب اليساريين لترامب بأن يستخدم الأمريكان الصوماليين، لصناعة قاعدة له حول مسائل الإسلاموفوبيا.


وفي المرة السابقة التي زار فيها ترامب الولاية خلال تجمع انتخابي في أكتوبر 2019 في مينيابولس وصف عمر بأنها "عار" وأنها "شيوعية تبغض أمريكا" قبل أن يهاجم المجتمع الصومالي في مينيسوتا. وقبل ذلك كان الرئيس قال لعمر "ارجعي" إلى الصومال.

وحديثا بعد الأخبار عن إبعاد عدد من اللاجئين الصوماليين، الذين يشك بأنهم مصابون بكورونا، غرد ترامب على تويتر قائلا: "أساعد مينيسوتا بشكل كبير".

وقالت مجموعات الدفاع بأن عمليات الإبعاد التي جاءت بعد حكم محكمة، من فترة قريبة بأن من حق إدارة ترامب إلغاء الحماية المؤقتة التي يجب أن يتمتع بها اللاجئ كانت غير مسبوقة. وكانت صدمة أخرى للمجتمع بعد حظر السفر عام 2017 الذي أوقف لم شمل العديد من العائلات الموزعة بين أمريكا والصومال.

ويمكن للديمقراطيين الحصول على أصوات الناخبين من أصول صومالية بسهولة حتى قبل هجمات ترامب على المجتمع الصومالي. ويفضل الأمريكيون الصوماليون بشكل عام سياسات اليسار، مثل التعليم والرعاية الصحية الحكومية. وأبرزت جائحة كورونا الفروق في الصحة والتعليم والفرص الاقتصادية التي تؤثر على المجتمعات المهمشة، إضافة إلى جاذبية بايدن للناخب الأمريكي الصومالي.

وقالت حسن، النائبة في مجلس الولاية: "لقد أظهرت الجائحة العيوب البنيوية في نظامنا".

ولكن ذلك لا يعني أن بايدن لا يخلو من الآثام، وبالذات بخصوص تمديد سياسات مكافحة الإرهاب التي جاءت بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر والتي تستهدف المجتمعات المسلمة.

وقالت حسن إن بايدن كان جزءا من إقامة برنامج مكافحة التطرف العنيف (CVE) والذي بدأ تجريبه في منيابولس سانت بول ويقوم البرنامج على تجنيد قيادات المجتمع لتحديد الأشخاص القابلين للقيام بأنشطة متطرفة. ويقول الكثيرون إن برنامج CVE يطرح صورة نمطية غير عادلة للمسلمين على أنهم خطيرون وعنيفون. وقال مركز برينان للعدالة في جامعة نيويورك إن البرنامج عبارة عن جهد "رقابي واستخباري.. متنكر على شكل تواصل مع المجتمع".

وبينما نأى الديمقراطيون بأنفسهم منذ ذلك الحين عن البرنامج، الذي استهدف تحت إدارة ترامب المسلمين والسود والمثليين واللاجئين، إلا أن الأمريكيين الصوماليين لا ينسون من الذي بدأه.

وقالت حسن: "لم نغض الطرف عن إدارة أوباما". وذلك يشمل تصعيد استخدام الطائرات المسيرة في ضرب حركة الشباب في الصومال، وهو ما يراه الكثيرون على أنه يساعد على الخلافات ومعاناة المدنيين. ولكن مع أن العديد من الأمريكيين الصوماليين ينتقدون سياسات مكافحة الإرهاب ويميلون إلى اعتبار السياسة الخارجية الأمريكية أنها امبريالية، فإن هذه القضية تتضاءل أمام ما يرونه من تنامٍ محلي للإسلاموفوبيا.

وقال عبدي محمد، 26 عاما ومن الجيل الأول في سان بول: "كلاهما الجمهوريون والديمقراطيون سيقصفوننا في الصومال على أي حال.. فربما من الأفضل أن نصوت للطرف الذي لن يسيء معاملتنا هنا".


وتجمع معظم الصوماليين الذين هاجروا إلى أمريكا في تسعينات القرن الماضي في منيابولس، وسان بول، حيث توفرت فرص العمل وثقافة الناشطين. وخلال ربع القرن الماضي، ترك الصوماليون بصمتهم على المدينتين من خلال نشاطهم وثقافتهم.

وقال محمد: "سمحت المدينتان للمجتمع الصومالي.. بأن يزدهر إلى درجة لا يستطيعونها في مناطق أخرى" من أمريكا.

ولكن حتى مع أن الكثير حقق تقدما اقتصاديا وسياسيا، حيث يشغلون مقاعد في مجلس شيوخ الولاية والمجالس البلدية، ومجالس الإدارات يخشى محمد أن بعض أعضاء مجتمعه، يشعرون بشكل متزايد بالإحباط تجاه التضاريس السياسية.

مع أنه واثق من أن زملاءه جيل الألفية سيدعمون بايدن، إلا أنه يخشى أن الكبار يشعرون بالتهميش أكثر من أي وقت مضى، بينما هناك خطر بأن يبتعد الناخبون الشباب عن السياسة الحزبية، وقال: "عندما تنهش نفس الناس بشكل مستمر، سوف يصلون إلى مرحلة لا يعودون يهتمون".

كما أن التجمع الانتخابي في بيميدجي – التي تزعم أنها بلد بول بونيان – كانت بالنسبة للبعض مثل حسين مؤشرا بأن منيسوتا تتغير.

وكانت بيلترامي كاونتي حيث توجد المدينة أول منطقة تصوت في شهر كانون ثاني/ يناير لمنع إعادة توطين اللاجئين. ويخشى المسؤولون والمدافعون المحليون من أن تجمع ترامب الانتخابي كان توكيدا على الإسلاموفوبيا المتنامية.

وقالت حسن: "لا أريد تشغيل التلفاز وأجعل أطفالي يسمعون رئيسا يشتم مجموعتي الإثنية، بينما لم نفعل شيئا سوى الاندماج في الحياة الأمريكية.. هذه الانتخابات مسألة حياة أو موت".

التعليقات (0)