سياسة دولية

فلسطينيو بريطانيا يتخوفون من تراجع حرية الرأي بحزب العمال

فلسطينيون يطالبون حزب العمال بعدم الخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية- (حزب العمال)
فلسطينيون يطالبون حزب العمال بعدم الخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية- (حزب العمال)

أعرب عدد من قيادات الجالية الفلسطينية في بريطانيا عن تخوفهم من انكماش مساحة حرية التعبير داخل حزب العمال عندما يتعلق الأمر بالحقوق الفلسطينية وبالصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. 

جاء ذلك في رسالة مفتوحة تم توجيهها لقيادة حزب العمال البريطاني وقعها أكاديميون ونشطاء وصحفيون ومحامون ورؤساء مؤسسات تضامنية أغلبهم من أعضاء حزب العمال البريطاني الذي يعتبر تاريخيا الحزب البريطاني الأكثر تضامنا مع الشعب الفلسطيني. 

وجاء في الرسالة، التي وصلت "عربي21" نسخة منها، أن المساحة المتاحة لعرض حقائق تاريخ الشعب الفلسطيني وحقائق المعاناة المستمرة والصراع مع الاحتلال في الفضاء العام باتت مهددة بشدة في ظل القيادة الجديدة لحزب العمال، وخاصة بعد تبني قيادة الحزب التعريف الجديد لعداء السامية الذي حدده التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، بما في ذلك الإجراءات التأديبية داخل الحزب، دون الإشارة إلى المخاوف المتعلقة بالتهديد الذي تشكله هذه الأمثلة المعتمدة مع التعريف على حقوق الفلسطينيين وأعضاء الحزب الذين يدافعون عن حقوقهم ويعملون من أجل العدالة للشعب الفلسطيني. 

وأشارت الرسالة إلى أن حزب العمال يتحمل مسؤولية خاصة في معالجة المظالم المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، الذي حرم من حقه في تقرير المصير إبان الانتداب البريطاني بسبب الدور الذي لعبته بريطانيا كقوة استعمارية أدت إلى نكبة عام 1948، عندما تم تهجير الفلسطينيين قسرا من منازلهم. 

وفي الوقت الذي أشاد فيه موقعو الرسالة بأهمية الالتزامات التي قدمها حزب العمال في المؤتمرات الحزبية الأخيرة، بما في ذلك رفض ما يسمى بـ "صفقة القرن" وأي حل مقترح لا يقوم على أساس الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير والعودة إلى دياره، على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي، ورحبوا بدعوة قيادة الحزب لفرض حظر على سلع المستوطنات ردا على مقترحات إسرائيل بضم مساحات أخرى من أراضي الضفة الغربية المحتلة، إلا أنهم أعربوا عن قلقهم العميق إزاء الخطوات التي يتم اتخاذها داخل الحزب والتي يقولون بأنها لن تؤدي إلا إلى تقليص المساحة المتاحة في حزب العمال للفلسطينيين البريطانيين وغيرهم من الأعضاء لتأكيد حقوقهم في النضال من أجل إنهاء اضطهاد الشعب الفلسطيني. 

وأكدوا بشكل لا لبس فيه على أن التعامل مع مشكلة معاداة السامية داخل الحزب يجب ألا تتعارض مع الالتزامات السياسية لحرية التعبير ولحماية الحقوق الفلسطينية. وألا تكون على حساب احترام حقوق الفلسطينيين في النضال ضد الاحتلال وضد العنصرية الإسرائيلية، وشددوا على أن احترام حق الفلسطينيين وأنصارهم في التعبير عن معاناتهم من الاحتلال لا يتعارض بأي شكل من الأشكال مع محاربة معاداة السامية، بل إنه جزء لا يتجزأ من هذا النضال ضد العنصرية. 

وحذروا في ذات الوقت من الخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية. وشددوا على أن الصهيونية هي أيديولوجية سياسية وحركة أدت إلى تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم، ودعمت وأنشأت الدولة التي تميز ضدهم وتحرمهم من حقوقهم الجماعية، سواء أولئك الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري في الضفة والقطاع والقدس، أو حتى أولئك المواطنين الفلسطينيين في دولة إسرائيل، أو أولئك الذين يعيشون في المنفى كلاجئين محرومين من حقهم بالعودة الى وطنهم.  

وقال زاهر بيراوي رئيس منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني وأحد الشخصيات الموقعة على الرسالة أن تعهدات زعيم الحزب الجديد "كير ستارمر" في سباق الانتخابات لقيادة الحزب وعلاقاته مع المجموعات الموالية لإسرائيل في الحزب، مثل "مجلس النواب اليهودي"، و"أصدقاء إسرائيل في حزب العمال"، و"حركة العمال اليهود"، هي التي جعلت الحزب أكثر تشددا في النظر للحركة التضامنية مع فلسطين، حيث منح ستارمر لهذه المجموعات الداعمة لدولة الاحتلال نفوذا كبيرا في الحزب سيمكنها من تفسير وتطبيق تعريف معاداة السامية بالشكل الذي يخدم دولة الاحتلال ومنع انتقادها، وسيصبح انخراط قياديي وأعضاء حزب العمال في أي أنشطة مؤيدة لفلسطين أمرا صعبا.  

وأضاف بيراوي: "إن هذا السلوك لقيادة الحزب أثر بشكل ملحوظ على قدرة الفلسطينيين وحملات التضامن مع فلسطين في المملكة المتحدة على التواصل مع قيادات حزب العمال، وعلى تنظيم الفعاليات التضامنية، وخصوصا إذا ما تضمنت هذه الفعاليات انتقادا لإسرائيل". 

جدير بالذكر أن زعيم حزب العمال السابق "جيرمي كوربين" كان من أكثر المؤيدين للحقوق الفلسطينية والمطالبين بإنهاء الاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويعتقد بأن مواقفه من القضية الفلسطينية كانت سببا رئيسيا للإطاحة به في انتخابات الحزب الأخيرة في نيسان (إبريل) الماضي.

واختار "حزب العمال" البريطاني المعارض، في نيسان (أبريل) الماضي، كير ستارمر (57 عاما)، زعيما جديدا له، خلفا لليساري جيرمي كوربين، الذي شغل زعامة حزب العمال المعارض في الفترة بين 2015 و2020.

 

إقرأ أيضا: تقدير يرصد سياسة قيادة "العمال البريطاني" تجاه قضية فلسطين


 
التعليقات (0)