سياسة عربية

بدء مشاورات تشكيل حكومة لبنان وتعهد بتأليفها خلال أسبوعين

بدأ أديب الاستشارات غير الملزمة صباح الأربعاء في مقر إقامة رئيس البرلمان نبيه بري- جيتي
بدأ أديب الاستشارات غير الملزمة صباح الأربعاء في مقر إقامة رئيس البرلمان نبيه بري- جيتي

انطلقت مشاورات رئيس الحكومة اللبنانية المكلف مصطفى أديب الأربعاء، مع الكتل البرلمانية لتشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد اختتام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته الثانية لبيروت في أقل من شهر.


وأعلن ماكرون أنه انتزع تعهدا من القوى السياسية، بإتمام مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، خلال مدة قياسية أقصاها أسبوعان، لافتا إلى أن مهمة الحكومة محددة ومؤلفة من كفاءات، تحظى بالدعم السياسي، وتركز على إجراء إصلاحات عاجلة، مقابل حصولها على دعم دولي.


وقال ماكرون في تغريدة موجهة للبنانيين بموقع "تويتر" الأربعاء: "في لحظة مغادرتي بيروت، أود القول مجددا وبقناعة: لن أتخلى عنكم".

 

 

وعد رئيس الحكومة اللبنانية المكلف مصطفى أديب بتشكيل "حكومة اختصاصيين" تستعيد الثقة محليا وخارجيا.

 

وجاء تصريح أديب (48 عاما)، الذي نقله التلفزيون الرسمي، إثر انتهاء استشارات نيابية غير ملزمة مع القوى السياسية لتشكيل الحكومة المقبلة.

 

وقال أديب، وهو سفير سابق في برلين، لصحفيين إن "الحكومة يجب أن تكون حكومة اختصاصيين (كفاءات لا تنتمي إلى قوى سياسية) تعالج التحديات، وتستعيد ثقة اللبنانيين والمجتمعين الإقليمي والدولي".


وأضاف: "استمعت إلى آراء وأفكار تعطينا زخما كبيرا من أجل السرعة بالتأليف (تشكيل الحكومة).. القواسم المشتركة بين اللبنانيين أكثر بكثير من أي نقاط اختلاف".


وأوضح أن "الأفكار السياسية كانت حول السلم الأهلي والأزمة الاقتصادية والاجتماعية، كارثة المرفأ والإصلاحات البنيوية، والوقت اليوم للعمل وليس للكلام".

وعادة ما يستغرق تشكيل الحكومة أسابيع أو حتى أشهر، إلا أن الضغط الفرنسي بدا واضحا خصوصا مع تعهد ماكرون بالعودة إلى بيروت في نهاية العام، ودعوته الأطراف السياسية إلى اجتماع في باريس الشهر المقبل يعقد بموازاة مؤتمر دعم دولي جديد.


وجرى تكليف أديب (48 عاما) بتشكيل الحكومة الاثنين، قبل ساعات من وصول ماكرون، وهو شخصية غير معروفة إجمالا من اللبنانيين، وجاءت تسميته بعد نيله دعم أبرز القوى السياسية اللبنانية، وعلى رأسها تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري وحزب الله ورئيس الجمهورية ميشال عون.

 

اقرأ أيضا: لماذا وافقت أحزاب لبنان على تكليف "أديب" لرئاسة الحكومة؟

وبدأ أديب الاستشارات غير الملزمة صباحا في مقر إقامة رئيس البرلمان نبيه بري، جراء تضرر مجلس النواب في انفجار المرفأ، ويلتقي تباعا الكتل البرلمانية، ولم يصدر عنه أي تصريح بعد في ما يتعلق بصيغة الحكومة التي سيشكلها.


ودعا رئيس كتلة حزب الله محمد رعد بعد لقاء أديب، إلى تشكيل "حكومة فاعلة ومنتجة ومتماسكة"، في وقت طالبت فيه النائبة بهية الحريري باسم كتلة المستقبل بالإسراع في تأليف "حكومة اختصاصيين".


ومارس ماكرون في بيروت ضغطا كبيرا على القوى السياسية، في ما اعتبره "فرصة أخيرة" لإنقاذ النظام السياسي والاقتصادي المتداعي. وأعلن في مؤتمر صحفي بعد لقائه مساء الثلاثاء تسعة ممثلين عن أبرز القوى السياسية، بينها حزب الله المدعوم من طهران، أن "الأطراف السياسية كافة من دون استثناء التزمت.. بألا يستغرق تشكيل الحكومة أكثر من 15 يوما".


"الإنذار الأخير"


وأعلن ماكرون تنظيم مؤتمر دعم دولي جديد للبنان مع الأمم المتحدة في باريس في النصف الثاني من شهر تشرين الأول/ أكتوبر. وكان المجتمع الدولي تعهد في مؤتمر نظمته باريس بعد أربعة أيام من انفجار المرفأ بتقديم 250 مليون يورو لدعم اللبنانيين على ألا تمر بمؤسسات الدولة المتهمة بالفساد.


وفي موازاة مؤتمر الدعم المرتقب، "تم توجيه دعوات إلى الرؤساء الثلاثة" للمجيء إلى باريس في الوقت نفسه لتقييم ما تم تحقيقه من خارطة طريق جرى الاتفاق عليها، وفق ماكرون الذي قال إنه سيوجه الدعوة أيضا إلى "كل القوى السياسية".


وقال ماكرون إن "خارطة الطريق ليست شيكا على بياض أعطي إلى السلطات اللبنانية. إذا لم يتم الإيفاء بالوعود في تشرين الأول/ أكتوبر، فستكون هناك عواقب". وعما إذا كان ذلك يعني فرض عقوبات، لم يستبعد ماكرون ذلك، وقال: "إذا تم فرض عقوبات، فسيكون ذلك بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي".

 

اقرأ أيضا: ماكرون يحذر لبنان من العقوبات: "لن نقدم شيكا على بياض"


واعتبرت صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله أن ماكرون تصرف "كما لو أنه مرشد الجمهورية اللبنانية في مئويتها. تحدث كمن يعطي الإنذار الأخير. إما أن تنفذ الحكومة المقبلة خريطة طريق وضعتها فرنسا من ألفها إلى يائها وإما لا مساعدات والانهيار آتٍ مع العقوبات".


وعنونت صحيفة النهار: "حكومة اختصاصيين على وقع مهلة ماكرون".


وكتب عماد الخازن على فيسبوك: "يحدثوننا عن السيادة، وهم ينتظرون رئيس جمهورية أجنبية ليصرخ في وجههم ويهدّدهم حتى يعرفوا كيف يديرون البلد".


وسألت أولغا فرحات: "ما كان شعور المسؤولين أمس عندما سمعوا من الرئيس الفرنسي كيف يجب أن يتصرفوا إزاء شعبهم؟".


إصلاحات "تجميلية؟"


وبدا واضحا إصرار ماكرون، الذي يعرف أن رهانه السياسي في لبنان "محفوف بالمخاطر" على تحديد جدول زمني لإحراز تقدم، في وقت فقد فيه لبنانيون كثر ثقتهم بقدرة الطبقة السياسية على إحداث تغيير حقيقي، لما لذلك من تبعات على شبكة المصالح والمحسوبيات التي نسجتها على مر السنوات.


ويقول أستاذ العلوم السياسية في بيروت وباريس كريم بيطار لوكالة فرانس برس: "يدرك الجميع في لبنان أنه لم يعد لديهم ترف الوقت، وهم على بيّنة من أنهم سيكونون عرضة لضغط متزايد، من فرنسا ومن المانحين والمجتمع الدولي".


ويعرب عن اعتقاده بأن الضغط الفرنسي "قد يؤدي إلى إحداث شكل من التغيير على المدى القصير" في أداء المسؤولين الذين قد يحاولون "الإيحاء بأنهم قاموا بالجزء المتّرتب عليهم من الاتفاق لناحية إجراء إصلاحات تجميلية"، إلا أنه يبدي شكوكا إزاء "موافقتهم على إجراء إصلاحات هيكلية ومنهجية يحتاجها لبنان بشدة لأنها قد تعني نهايتهم".

 

اقرأ أيضا: تعرف إلى شخصية رئيس حكومة لبنان المكلف مصطفى أديب


وكرر ماكرون مطالب المجتمع الدولي بإجراء إصلاحات سريعة في قطاعات عدة بينها الكهرباء والمرفأ والمصرف المركزي، وإعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي لم تسفر 17 جلسة بينه وبين الحكومة اللبنانية عن أي نتيجة.


وفي إطار الضغط الدولي المتواصل، يصل إلى بيروت الأربعاء مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر في ثاني زيارة لمسؤول أمريكي منذ الانفجار. وسيحضّ المسؤولين وفق بيان عن الخارجية على "تنفيذ إصلاحات.. وتشكيل حكومة تتصدى للفساد".


وفي موقف لافت، حذر البابا فرنسيس الأربعاء من أن لبنان يواجه "خطرا شديدا" وأنه لا ينبغي التخلي عنه.


وفيما ينتظر المجتمع الدولي من قادة البلاد ترجمة التزاماتهم، يرجّح بيطار أن يكونوا "على استعداد لترك البلاد تنهار في الفوضى بدلاً من قبول إصلاحات هيكلية عميقة"، تعني عمليًا "إطلاقهم النار على أقدامهم".

التعليقات (0)