صحافة دولية

مجلة أمريكية: ماذا يعني تغير سياسة بريطانيا بالنسبة لنا؟

رأت المجلة أن التوصل إلى اتفاق تجاري ثنائي بين أمريكا وبريطانيا سيكون صعبا للغاية- جيتي
رأت المجلة أن التوصل إلى اتفاق تجاري ثنائي بين أمريكا وبريطانيا سيكون صعبا للغاية- جيتي

سلطت مجلة أمريكية الضوء على تغير السياسة الخارجية البريطانية، بعد خروج لندن من الاتحاد الأوروبي، وانعكاس ذلك على الولايات المتحدة.


ولفتت مجلة "ذي أتلانتك" في مقال ترجمته "عربي21"، إلى غياب المملكة المتحدة عن مؤتمر ميونخ للأمن، والذي انعقد في منتصف شباط/ فبراير الماضي، مؤكدة أن رئيس المؤتمر الدبلوماسي الألماني وولفانغ اشينغر، عبّر عن حزنه لغياب بريطانيا عن المؤتمر، وهو ما يؤشر لمصير لندن بعد "بريكست".


وأشارت المجلة إلى أن هناك قلقا حقيقيا في واشنطن، وتحديدا من جانب الكونغرس، بشأن انشغال بريطانيا بتحدياتها الداخلية، وتعثر رؤيتها التي كانت تتوقع خروجها من الاتحاد الأوروبي، سيمنحها فرصا كثيرة للتجارة والتفاعل مع العالم.


وأوضحت أن الولايات المتحدة تنظر للعالم من منطلق التنافس بين القوى العظمى والمقايضات المؤلمة، متطرقة لتصريحات مساعدة وزير الخارجية الأوروبي بإدارة أوباما فيكتوريا نولاند: "يبدو أن المملكة المتحدة مثل أمريكا تحرق نفسها"، بحسب وصفها.


وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه على مدار الشهور الأربعة الماضية، حدث "شيء مثير"، بالسياسة الخارجية لبريطانيا، تمثل في محاولة عقد صفقات حول شبكات (5 جي) مع هونغ كونغ، والسعي للانضمام لمعارك جديدة، في ظل تفكير استراتيجي جديد.

 

اقرأ أيضا: هذا تأثير "بريكست" على أسواق المال الأوروبية


ورأت أن "بريكست" شكل نقطة تحول في إعادة ترتيب القوى الأوروبية، مؤكدة أن أي تراجع بريطاني، سينعكس استراتيجيا على أمريكا.


وتوقعت المجلة أنه بحال فاز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، فقد يجد فرصة لإصلاح العلاقات مع المملكة المتحدة، بل مساعدة لندن على اكتشاف دورها في أوروبا وخارجها.


ولفتت إلى أن العلاقات بين أمريكا وبريطانيا تراجعت بشكل كبير على مدى العقد الماضي، مشيرة إلى أن العلاقة بين الرئيس السابق باراك أوباما ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون كانت "دافئة"، نظرا لاهتمام الأخير بشؤونه الداخلية.


وأكدت "ذي أتلانتك" أن الديمقراطيين الأمريكيين كانوا مقتنعين بأن وعد "كاميرون" بإجراء استفتاء حول مغادرة الاتحاد الأوروبي، هو عمل شخص مسكون بالسياسة المحلية، وتم تأكيد هذا الاعتقاد خلال "سنوات الفوضى" التي أعقبت الاستفتاء.


وأشارت إلى أن الديمقراطيين والجمهوريين بأمريكا يخشون أن يؤدي بريكست إلى حدود بين شمال وجنود إيرلندا، ما سيقوض "اتفاقية الجمعة العظيمة"، مفيدة بأن مؤسسة الأمن القومي الأمريكية كانت أكثر قلقا، من سياسة المملكة المتحدة تجاه الصين.

 

اقرأ أيضا: تركيا: نقترب من توقيع اتفاق التجارة الحرة مع بريطانيا


وتحدثت عن علاقات "كاميرون" مع الصين عام 2015، وما مثلته من "عصر ذهبي"، نتج عنه سماح بكين بالاستثمار في البنية التحتية البريطانية الأساسية، بما في ذلك الطاقة الذرية، منوهة إلى أنه في العام اللاحق كانت رئيسة الوزراء تيريزا ماي أكثر "ارتيابا".


واستدركت: "لكنها دعمت خططا للسماح لشركة الاتصالات الصينية (هواوي) بلعب دور في شبكة (5 جي) في بريطانيا، رغم التقديرات الأمريكية والأسترالية بأن ذلك سيعرض أمن الأنظمة البريطانية للخطر"، مضيفة أن "لندن كانت تأمل أن تزيد من علاقاتها الاقتصادية مع الصين، دون تعريض تحالفها مع أمريكا للخطر، ولكن لم يكن ذلك ممكنا".


وأشارت المجلة إلى أن ترامب دعم "بريكست" كلاميا، رغم تراجع العلاقات البريطانية الأمريكية إلى أدنى مستوى لها منذ أزمة السويس عام 1956، موضحة أن "ترامب قوض عمليات مكافحة الإرهاب بالمملكة المتحدة، والتحقيقات فيها، واتهم المخابرات البريطانية بالتجسس عليه".


وتابعت: "عامل ترامب ماي باحتقار، وتدخل في مفاوضات المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي، وانتقد موقف ماي"، لافتة إلى أن "ترامب بدا وديا تجاه رئيس الوزراء بريس جونسون، إلا أنه لم يمنحه أي امتيازات ذات أهمية في اتفاقية تجارية، ولا حتى في التغير المناخي والاتفاقية النووية مع إيران".


واستكملت المجلة بقولها: "اختلفت إدارة ترامب مع لندن بخصوص الصين، ولكن لم يكن هناك أي مؤشرات للغرابة في دخول دبلوماسية صبورة، لبناء تحالف من الديمقراطيات المتشابهة في عقليتها، للتعامل بشكل جماعي مع الصين".

 

اقرأ أيضا: ميركل تدعو لندن لتحمل العواقب الاقتصادية بعد "بريكست"


وأكد المجلة أن "الديمقراطيين يرون بشكل كبير أن بريكست، يعد تصرفا أحمقا، وسوف يجعل المملكة المتحدة أضعف وأفقر"، معتقدة أنهم لا يحبون جونسون، ويرونه مشابها لترامب.


وقالت إن "المحللين يفترضون أن إدارة بايدن المحتملة، ستهمل ببساطة المملكة المتحدة، وتعتبرها في آخر الطابور، وسيسمحون للندن بأن تعاني مما كسبت يداها"، مستدركة: "لكن تعديل جونسون لسياسته الخارجية، قد يغير الطريقة التي ستنظر فيها الإدارة الأمريكية الجديدة لبريطانيا".


وبيّنت أن "جونسون منع هواوي من العمل في البنية التحتية لشبكة 5 جي في بريطانيا، وعمل مع أستراليا وكندا وأمريكا لفرض عقوبات على الصين، لتصرفاتها في هونغ كونغ، وعرض حق اللجوء لثلاثة ملايين من سكان هونغ كونغ، وأنهى اتفاقية تسليم المطلوبين مع بكين".


ولفتت إلى أن المملكة المتحدة اقترحت منظمة دول ديمقراطية جديدة، وفرضت عقوبات على أشخاص متورطين في انتهاك حقوق الإنسان، بمن فيهم 25 روسيا و20 سعوديا، وجنرالات كبار في "ميانمار"، ومنظمتان من كوريا الشمالية.


وذكرت المجلة أن مقربين من جونسون أكدوا أن الحكومة تدرك الآن، أن السنوات العشر الماضية من السياسة الخارجية لم تكن فعالة، وأن المملكة المتحدة بحاجة لاستراتيجية مختلفة، عن النظر للعالم خارج أوروبا على أنه فرصة اقتصادية عظيمة.


وشددت على أن جونسون يعتقد أن مصلحة بلاده الضرورية تقتضي نظاما مفتوحا، دون المخاطرة بين الكتل المتنافسة، معتبرة أن لندن لا يمكنها العودة إلى النظام الليبرالي القديم القائم على العولمة والدمج بلا حدود، لذلك يتحدث جونسون وحكومته عن صفقة جديدة، تسمح بتدخل أكبر للحكومة بالاقتصاد.


ورأت أن التوصل إلى اتفاق تجاري ثنائي بين أمريكا وبريطانيا سيكون صعبا للغاية، معتقدة أن حديث ترامب عن مفاوضات بشأن ذلك، لم يكن إلا للاستعراض، في حين قد ينضم بايدن إلى اتفاقية الشراكة بشكل "هادئ" وسيعمل على ما رفض ترامب فعله.


واعتبرت المجلة أن "بريكست سيبقى عاملا يعقد أي علاقة مع إدارة بايدن"، موضحة أن "المسألة بالنسبة لأمريكا، هي كيف يمكنها مساعدة المملكة المتحدة بأفضل شكل، كحليف أساسي، للحفاظ على تأثيرها الدولي".

 
التعليقات (0)