ملفات وتقارير

تصريحات "غريبة" من رئيس تونس تثير غضب الليبيين.. لماذا؟

سعيد قال: يجب على الليبيين وضع دستور مؤقت على غرار دستور أفغانستان- جيتي
سعيد قال: يجب على الليبيين وضع دستور مؤقت على غرار دستور أفغانستان- جيتي

أثارت تصريحات للرئيس التونسي، قيس سعيد بخصوص ليبيا، غضبا وردود فعل في الداخل الليبي، خاصة ما يتعلق بدستور البلاد، وسط تساؤلات عن دلالة هذه التصريحات الآن، وما إذا كان "سعيد" قد غير توجهه في ليبيا أو أنه بعيد عن فهم الحالة داخل البلاد.


وقال سعيد خلال زيارته لفرنسا ولقاء رئيسها إنه "يجب على الليبيين وضع دستور مؤقت، على غرار الدستور الذي جرى وضعه في أفغانستان سنة 2020، كما أنه رأى أن الشرعية الدولية في ليبيا هي شرعية مؤقتة" ولن تدوم، مؤكدا أن بلاده من أكثر الدول تضررا مما يحدث في ليبيا.


إشكالية ودستور دائم

 
وكرر قيس سعيد مرارا ملف "القبائل" في ليبيا وأهمية الاعتماد عليهم في حل الأزمة، بل والتقى من قبل بأعيان وحكماء عدة قبائل ليبية، وهو ما يراه مراقبون كثيرون أنه دليل على عدم إطلاع كاف من الرئيس التونسي بالداخل الليبي وأن دور القبائل اجتماعي وفقط، بل ويتم توظيف بعضهم سياسيا وعسكريا.


وأثارت تصريحاته الأخيرة بعض التساؤلات من قبيل: ألم يعلم "سعيد" أن لليبيا دستورا موجودا بالفعل وينقصه فقط الاستفتاء؟ وماذا يقصد بأن الشرعية الدولية هناك مؤقتة؟

 

اقرأ أيضا: سعيّد لماكرون: تونس تسعى لحل ليبي ليبي دون تدخل خارجي

من جهته، أكد عضو هيئة الدستور الليبي، إبراهيم البابا أن "تصريحات الرئيس التونسي بخصوص المسار الدستوري ربما نتجت عن عدم اطلاع كاف على المسار التأسيسي للدولة الليبية وهذه إشكالية".


وأضاف: "وليعلم الرئيس أن الليبيين انتخبوا هيئة تأسيسية أقرت دستورها في ليبيا وبأغلبية الثلثين من الأعضاء والقضاء الليبي حصن الهيئة ومشروعها ومجلس النواب أقر قانون الاستفتاء وكذلك مجلس الدولة ونحن الآن في آخر مرحلة لاعتماده دستورا دائما لليبيا تنبثق من مؤسسات تنفيذية وتشريعية دائمة".


نموذج أفغاني غير صالح


وفي تصريحات خاصة لـ"عربي21" أوضح "البابا" أن "الحل الوحيد للأزمة الليبية هو التمسك بهذا المسار الذي اختاره الشعب ابتداء من انتخاب الهيئة وانتهاء بإقرار الدستور، وإن الابتعاد عن هذا المسار سواء من الداخل أو الخارج هو ضرب الاستقرار في ليبيا، مؤكدا أن مثال النموذج الأفغاني الذي اقترحه "سعيد" غير قابل للتطبيق في ليبيا بل لا يمكن أن تدار به أي دولة بطريقة ناجحة"، وفق كلامه.


في حين وصف عضو مجلس الدولة الليبي، عادل كرموس "مقترح "قيس سعيد" بأنه "جاء مخيبا للآمال كون الأزمة الليبية لا تحتاج إلى دستور مؤقت أو دائم لأنهما موجودان حقيقة، وبالتالي الحل الدستوري موجود لكن من يعرقله الثورة المضادة التي تسعى من وراء ذلك لإنهاء أي مظهر من مظاهر الديمقراطية في ليبيا".


ثورة مضادة


ورأى "كرموس" في تصريحات لـ"عربي21" أن "الرئيس التونسي وبمقترحه هذا بقصد أو بدونه انزلق نحو توجه الثورة المضادة بمحاربة مشروع الدستور بزعم أنه لا يحقق آمال الليبيين في كثير من نصوصه، وبذلك فإن هذا المقترح لا يخدم الأزمة الليبية بقدر ما يزيدها تعقيدا عندما يعامل المجتمع الليبي على أنه قبائل، في حين يتجاهل كبريات المدن القريبة منه في المنطقة الغربية والتي تشكل ثلثي سكان ليبيا والتي لا وجود للنظام القبلي فيها"، حسب تصريحاته.


إحباط

 
وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر أشار إلى أن "تصريحات رئيس تونس تكشف عن جهل كبير بحقيقة الدولة الليبية وطبيعة الدور الذي تلعبه القبائل في الشأن السياسي، وما قاله "قيس سعيد" سبب خيبة أمل وإحباطا كبيرين لدى الداخل الليبي كون التصريح جاء من رئيس دولة جارة وصل للحكم عبر صناديق الاقتراع ومن خلال عملية ديمقراطية يفتخر بها الليبيون أنفسهم"، كما صرح.

 

اقرأ أيضا: سعيّد يزور فرنسا.. أزمة ليبيا على رأس مباحثاته مع ماكرون

وفيما يتعلق بأن الشرعية في ليبيا "مؤقتة"، قال الوزير لـ"عربي21": "هو يقصد شرعية حكومة الوفاق، وهي لا شك شرعية خارجية ومؤقتة فعلا، لكن الدعوة إلى الانتخابات في هذه المرحلة المبكرة والحرب لم تضع أوزارها هي حق أريد به باطل وهي محاولة للدخول من النافذة بعد أن تعذر الدخول من الباب"، بحسب تعبيره.


تصريحات منطقية وصحيحة


في حين قال الباحث التونسي في العلاقات الدولية، نزار مقني إن "ما قاله الرئيس في "فرنسا" حول ليبيا يمثل وجهة نظر أخرى حول الحل في ليبيا، وتصريحه بأن شرعية "الوفاق" مؤقتة يعتبر صحيحا لأن هذه الحكومة تستند في شرعيتها على اتفاق "الصخيرات" ولا تستند على شرعية الصندوق واختيار الشعب".


وأضاف: "أما فكرة أن القبائل بإمكانها لعب دور مؤسساتي في ليبيا فهي فكرة يمكن أن تمثل منطلقا مجتمعيا لإيجاد حل قانوني وسياسي على قاعدة تجميع القبائل لتتحمل مسؤولية في تقرير مصير ليبيا"، حسب رأيه.


وفي تعليقه على الردود الغاضبة في ليبيا ضد تصريحات "سعيد"، قال "مقني": "أغلب من غضبوا هم "إسلاميو ليبيا" وغضبهم نابع من أنهم يستمدون شرعيتهم من حكومة "الوفاق" التي يساندونها ميدانيا وسياسيا، وبالتالي فإن القول بأن شرعيتهم "مؤقتة" يجعلهم في حرج كبير في علاقة بالبحث عن حل وتسوية نهائية للنزاع في ليبيا"، كما قال لـ"عربي21".

التعليقات (6)
احمد
الخميس، 25-06-2020 10:13 م
قيس إنقلب على الشرعية عندم تحصل على قرض من ماكرون
zakaria
الأربعاء، 24-06-2020 01:15 م
تصريحات من اجل البقاء في كرسي الرئاسة
مواطن ليبي
الأربعاء، 24-06-2020 06:22 ص
ان طرحكم للامر لايعدو كونه امتداد لقصور الراي وانعدام البصيرة لدى الرءيس التونسي، لانكم وان عرضتم اراء بعض الليبيين والتي هي صحيحه تماما فانكم ختمتم براي تونسي اخر غافل (ولن اقول جاهل) وختمتم بان الاسلاميين وراء هذا الاعتراض على الجمل الفارغه التي قالها قيس سعيد، رغم علمكم ان الاراء التي طرحتموها تمثل اراء ليبيين لايتبعون تيارات اسلاميه اصلا،.
ليس بالكلام وحده يصنع الرجال
الثلاثاء، 23-06-2020 11:05 م
لم استرح لهذا الرئيس عندما سمعت خطابه لاول مرة اثناء الانتخابات الرئاسية التي تمت في تونس و اعتبرته ظاهرة صوتية كباقي حكام العرب الذين كانوا يتاجرون بالقضية الفلسطنية امام شعوبهم و في الخفاء ينسقون مع الكيان الصهيوني وها نحن نراهم الآن يزحفون تحت ارجل نتن ياهو كي يقبلهم حلفاء. صدق المثل القائل ليس كل ما يلمع ذهبا
رئيس لا يصلح رئيساً
الثلاثاء، 23-06-2020 07:52 م
سبق أن ذكرت مرات عديدة أن هذا الشخص "سعيد" لا يصلح أن يكون رئيساً وأن الشعب التونسي خُدع فيه وكثير جداً من مواقفه مستهجَنة تماماً، سواء فيما يتعلق بمعارضة اعتذار فرنسا أو عدم تأييد حكومة الوفاق الشرعية في ليبيا، أو الانبطاح أمام فرنسا الاستعمارية، أو اختيار رئيس حكومة هو أصلاً ضد الثورة التونسية. أليس من المستغرب أن تتزامن تصريحاته المخزية بخصوص ليبيا مع تصريحات جاره تبون رئيس الجزائر، فإن تصريحاتهما تصبان في نفس الاتجاه ولا غرابة في ذلك، فالمصدر واحد وهو "ماما فرنسا". من المؤسف أنه حتى في الحالات التي كُتب فيها قدر من النجاح للربيع العربي مثل تونس، فإن الأحداث قد جاءت بأشخاص هم في المحصلة النهائية من المسايرين لهذه الثورة المضادة.