مقالات مختارة

قصة عُشبة الجلجامش الأمريكي

توفيق أبو شومر
1300x600
1300x600

نشرت صحف يوم الاثنين 16-3-2020 خبرا، أعادني هذا الخبر إلى أقدم الأساطير والملاحم الأدبية البابلية، وهي ملحمة جلجامش الأدبية الشعرية، التي حدثت في القرن الثامن عشر قبل الميلاد.


"تحكي الأسطورة قصة بطل مدينة (أوروك) البابلية، جلجامش، وهو من نسل الآلهة، أرسلت له الآلهة منافسا من السلالة البشرية لكبح جماحه، هو (أنكيدو) غير أن جلجامش تمكن من شراء ولائه وصار صديقَه الأوحد، فأصبح جلجامش أكثر قوة من ذي قبل، ما دفع الآلهة أن تقتل (أنكيدو) البشري، لأنها لم تتمكن من قتل جلجامش، لأنه من سلالة الآلهة، لإضعاف جلجامش.


حزن جلجامش بعد موت رفيقه، وقرر البحث عن نباتِ (الخلود)، وهو عُشبة بحرية تُجدد الشباب، استطاع أن يحصل عليها بعد أن غاصَ في أعماق البحار.


أحس بالسعادة والفرح بهذا الإنجاز الكبير، واحتفل احتفالا كبيرا، كانت نتيجتُه الخيبة والألم، عندما تسلل ثعبانٌ إلى صندوق عُشبة الخلود وأكلها، هكذا خَلُد الثعبانُ، ومات جلجامش حزينا خائبا!" انتهت الأسطورة.


أما الخبر الذي جدَّد عندي ذكرى أسطورة جلجامش الأدبية فقد نشرتْه الصحف:
"عرضَ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وفق صحيفة، دي فيلت الألمانية، يوم 16-3-2020م صفقة لشراء معامل إنتاج التطعيم الألمانية (كيورفاك) المختصة بابتكار التطعيمات ضد وباء الـ"كورونا"، ودعا رئيس الشركة لزيارة البيت الأبيض، وعرض، ترامب مبلغا كبيرا نظير الشراء، غير أن الحكومة الألمانية غيَّرت بسرعة مجلس إدارة الشركة، ومنعتْ هذه السرقة، لأن اللقاح غير خاضع للاحتكار التجاري، فهو ملكٌ للبشرية!" انتهى الخبر.


هناك تماثلٌ بين النيويوركي، دونالد ترامب، وبين الأوروكي، جلجامش، كلاهما يسعى للقوة، وكلاهما يسعى لحياة أبدية.


إن محاولة دونالد ترامب شراء معامل إنتاج اللقاحات في ألمانيا تُشبه بالضبط رحلة بحث جلجامش عن عُشبة الخلود الأبدية، حتى لو كان الثمن هلاك نصف البشر!


جلجامش الأميركي النيويوركي يرغب في تغيير كل العالم، فهو لا يسعى إلى احتكار مصادر القوة فقط، بل يسعى لتغيير مسار البشر أجمعين، فهو ضمن منظومة عالمية لا تهدف فقط لتطويع العالم، بل تهدف للتخلُّص من كل الماضي، وإعادة صياغة البشرية، وفق معطيات، برزت واضحة جليَّة، بمناسبة وباء "كورونا"!


من أبرز هذه المعطيات، فرض حظر التجول العالمي، لهدف زيادة الاستهلاك، وإدماج الشاذين عن القطيع في الشبكات الرقمية، أي تحويل البشر إلى رقائق كمبيوترية.


إلغاء الثروات الطبيعية، كالبترول والمعادن، بوساطة المضاربات التجارية، وتخفيض أسعارها، وإيقاف رحلات الطيران المعتمدة على استهلاك النفط، وتحويل كل الثروات إلى مالكي الشركات الرقمية الكبرى!


تغيير النمط التقليدي البائد لأبرز المفاهيم الاجتماعية، بحيث تصبح الشبكات الرقمية هي البديل عن الأسر التقليدية، وعن الأصدقاء، وعن زملاء المهنة والعمل.


إلغاء صك النقود المعدنية والورقية، بتهمة أنها المسبب في نقل الأمراض، فهي الناقل الرئيس لمعظم الأمراض، وأبرزها فيروس "كورونا"، ليصبح المال كله في صيغة رقمية إلكترونية، تتبع مباشرة لأباطرة العالم.


تغيير أدوات السيادة التقليدية، بحيث تصبح الجيوش، والشرطة، وأنظمة الأمن المختلفة تقليدا بائدا، لغرض تعزيز الرقابة الإلكترونية، بوساطة الأجهزة المحمولة، فهي الرقيب الحسيب!


إلغاء نظام التعليم القديم، في أشكاله التقليدية، مدارس، معاهد، جامعات، وتحويل التعليم إلى برامج كمبيوترية تحمل برامج مُصممة فقط لخدمة مبتكريها، في مقابل دفع أثمان باهظة للقادرين على دفع تكاليف برامج التعليم!.

عن صحيفة "الأيام" الفلسطينية

1
التعليقات (1)
مع فلسطين ظالمة أو مظلومة
الخميس، 19-03-2020 08:31 م
وينك يا اخ العرب : قرأت خبرا بداية تسعينات القرن الماضي؛ ولما أعدته في المدرج و انا في الجامعة انفجر كل المدرج بالضحك إلا الأستاذ؛ الذي طلب من الجميع الانصات بدل هذه القهقهات:ولما وجدت تشجيعا من الأستاذ أعدت الخبر بشيء من الثقة والأناة؛ الخبر يقول: ان المخابر في امريكا تعد مصلا يكفي لحقن كل البشرية احترازا من وقوع كارثة بيولوجية جرثومية ولا ينجو منها إلا من كان مطعما بذاك اللقاح؛ فيهرع البشر قاطبة لشراء هذه الامصال؛ وعند التمكن من الغرض يتم طمأنة العالم باختفا المخاوف ويكون المصل قد تحول إلى صفائح وشراءح في الاذرع يمكنها تزويد كبريات الشركات الامريكية بمعرفة حاجيات السكان الاستهلاكية عبر الاقمار والستيلايت مما يدر اموالا لا قبل لأحد في العالم بها فتكون قد نجحت من جهتين بيع الامصال وربح الأموال -من المواد الاستهلاكية المتوفرة لديها عبر شركاتها العابرة للقارات حسب حاجات البشر ومتطلباتهم - - من خلال التجسس الذاتي عليهم في منازلهم ومتاجرهم-------------