قضايا وآراء

عنصرية أوروبية ...إيطاليا نموذجا

فرج شلهوب
1300x600
1300x600

شيء مخجل أن تبذل جهدا على مدى أكثر من شهر لاستكمال أوراق تأشيرة سفر لروما، تكون محصلته حديث خارح الأبواب المغلقة بجوار الدرج.. فقط من أجل توصيل رسالة، دون جدوى، لمسؤول ايطالي ينضح عنصرية واشياء اخرى.

 

مهزلة، الاختصار الحقيقي لرحلة مقيته ومملة، من أجل الحصول على تأشيرة، رغم وجود دعوة نظامية، والتأشيرة ليست للعمل ولا للسياحة.. ولكن لزيارة شقيق قرر توجيه دعوة لي لزيارته في بلاد يفترض أنها تحترم الانسان وتنبذ العنصرية.


قبل أن اكتشف أن إيطاليا موسوليني وبرلسكوني (!!) تزدري العربي، حتى في دياره، وسفارتها التي يفترض أن تعمل على تقديم صورة جميلة عن بلادها، وتشكل جسرا للتواصل مع الشعوب والثقافات .. اختارت وعن سابق قصد وإصرار، أن تقدم نموذجا بائسا في التعامل العنصري البغيض.


فالسفارة لا تستقبل طلبات الحصول على تأشيرات السفر، واوكلت المهمة لمكتب تجاري.. ولكم أن تحللوا لماذا؟


ربما تكتشفون أن السفارة ليست سعيدة باستقبال متطفلين، يتهالكون على أبوابها .. تنظر لهم كذباب ، فاوكلت مهمة التعامل معهم لمكاتب خارجها..


وحتى تكتمل صورة البؤس.. وضعت السفارة سلسلة طويلة من الاجراءات والأوراق المطلوبة، التي تشعرك بالازدراء.. وكأنك متسول عليك أن تبرهن أنك عكس ذلك.. حتى تحظى بتأشيرة زيارة .. تبدأ من طلب احضار ورقة تثبت أنك تعمل في وظيفة محترمة، وما زلت على رأس عملك، توضح فيها الراتب الذي تتقاضاه.


كما تحتاج لكشف حساب بنكي يظهر ملاءتك المالية.. وأنك تستطيع الانفاق على نفسك ولست فقيرا يذهب ليمد يده.


ومطلوب أن تحجز تذكرة طيران سلفا  وقبل أن تحصل على التأشيرة ..وليس مهما أن تفقد قيمة التذكرة إذا لم يقبل طلبك...


تماما مثلما أنك مطالب أن تحصل على بوليصة تأمين صحي مدفوعة، من خلال شركة تأمين للمدة التي تحددها للزيارة.. وأيضا قبل أن تستبين إذا ما كنت ستحصل على تأشيرة أم لا..


وليس مهما ،مرة ثانية، إذا ما فقدت قيمة التأمين ..إذا لم تمنح التأشيرة..


هل انتهى الأمر ...لا البتة ..فأنت ما زلت في أول الطريق..


وتحتاج أن ترفق صورة عن الدعوة الموجهة لك.. ومهم ان تشمل الدعوة على التزام الداعي بتامين السكن وضمان النفقة.. والا فانت تحتاج لحجز فندقي مسبق..


وبالطبع لا بد ان ترفق صورة عن جواز سفر الداعي.. وصورة عن جواز سفرك ..وصورة شخصية.. وان تقوم سلفا بحجز موعد لتقديم الطلب عن طريق الموقع الالكتروني.. ومن المهم هنا ان تجد لك مهندس كمبيوتر ليقوم بعملية الحجز الالكتروني.. فكل ما سبق من أوراق هم.. والنجاح في حجز موعد هم آخر.. قد يحتاج منك لأيام وأيام..


بالطبع ستذهب في الموعد المحدد للمكتب المعني بتقديم الأوراق.. ستكتشف الموظفة في الاستقبال انك تحمل طلبين لك ولزوجتك.. تنصحك بالعودة واحضار الزوجة لأنه غير ممكن أن تقدم طلبا لها الا بحضورها.. وتحتاج ليس فقط احضار جواز السفر الخاص بها وبك بل وهوية الأحوال المدنية.. 


وقبل أن تغادر ..ستنادي عليك لتذكرك بضرورة احضار ترخيص المؤسسة التي تعمل بها وسجلها التجاري النسخة الأصلية وصورة عنها..


انت ما تزال مندهشا.. وستعود ادراجك خائبا.. لتحجز موعدا جديدا.. وتجتهد لاستكمال الاوراق التي تم التاكيد عليها في الزيارة الاولى.. ولا تنس احضار الزوجة وأوراقها كاملة..


في الاستقبال ،مرة ثانية،ستتفقد الموظفة الأوراق.. وستخبرك أن الكثير من الأوراق يحتاج لترجمة.. وأنت لم تفعل.. ولأنك في المرة السابقة انفجرت في وجهها.. لفجاجة الاوراق والمتطلبات.. تتفادى غضبك.. لتكتشف انك لا زلت لم تصل الى مكان المقابلة.. فالمقابلة في طابق اخر.. يغلق فيه الموظفون على أنفسهم.. وحين تمد الاوراق من الطاقة للموظفة.. ستقول لك انت لا تستطيع الدخول.. لأن الموعد المحجوز باسمك لا يشتمل على حجز منفصل للزوجة.. 


تخبرها انك حضرت من مكان بعيد.. وانك من شهر تجاهد لاستكمال الاوراق..


تقول لا مجال.. احجز موعدا جديدا.. 


تطلب ان ترى مسؤولا لتصرخ في وجهه.. كفى استخفافا.. تقول لك آسف..  


تسالها هل من الاحترام للبشر ان تحاوروهم من خلف ابواب مغلقة بجوار الدرج ..


الناس لهم كرامة وايطاليا ومن ورائها اوروبا ليست جنة الله.. وما تفعلونه عنصرية وازدراء ...هي لا تسمعك او لا تريد..


تدير ظهرك وتعود ادراجك ..لم تسلم اوراقا ولم تر مسؤولا معنيا لتقول له عيب ما تصنعون..


لا يعقل ان تغلقوا الابواب في وجوه الناس.. وتمرمروهم بطلبات سخيفة لا منطق وراءها!


الا يمكنكم وضع غرفة استقبال لحوار البشر بصورة ادمية؟


خذو منهم الطلبات وارفضوها اذا لم يلائمكم تفاصيلها؟


لماذا كل هذه الاوراق والاجراءات البائسة ؟.. ولماذا الافتراض ان من يطلب التاشيرة يتسولكم والمطلوب أن يبرهن لكم عكس ذلك؟


عيب هذا.. ولا يليق بدول تزعم التحضر واحترام حقوق الانسان ونبذ العنصرية.


تحضرون الى أغلب البلاد العربية دون تأشيرة او تأخذونها  في المطار في خمس دقائق.. ولا تعطون تأشيرة .. الا بعد كل هذه السلسلة من الاساءات ..


لستم الملومون.. الملوم ..من لا يعاملكم بالمثل.. او يصدق احترامكم لحقوق الانسان ونبذ العنصرية..
تبا للعنصرية ...وتبا لكل تعال فارغ.. وازدراء لئيم..


لقد كنت محبا لايطاليا لأن لي شقيقا يحمل المواطنة الايطالية.. منذ أكثر من ثلاثين عاما.. لكنني بعد هذه التجربة المرة ازدري ايطاليا.. وازدري عنصرية طافحة تعج بها اجراءاتها للحصول على تأشيرة زيارة.. لست آسفا على أنها لم تتم..

1
التعليقات (1)
صلاح
الجمعة، 11-06-2021 08:52 ص
الحكومات العربيه هي من سمحت بان يمسح بكرامتنا الأرض