ملفات وتقارير

بظروف قاسية.. الاحتلال يحتجز الأطفال في سجن "الدامون"

الاحتلال أصدر حكما على الطفل مؤيد العناتي بالسجن لمدة 11 شهرا وغرامة مالية بقيمة 2000 شيكل- عربي21
الاحتلال أصدر حكما على الطفل مؤيد العناتي بالسجن لمدة 11 شهرا وغرامة مالية بقيمة 2000 شيكل- عربي21

لم يعد للراحة والهدوء مكان لدى عائلة الأسير الطفل مؤيد العناتي (14 عاما) منذ نقله قبل عشرين يوما مع عشرات الأسرى الأطفال من سجن "عوفر" إلى أحد الأقسام القديمة في سجن "الدامون" شمال فلسطين المحتلة.


وتشعر العائلة التي تسكن مخيم الفوار جنوب الخليل جنوب الضفة المحتلة، بأن طفلها بات أبعد من أي وقت مضى، رغم أنها مرت بظروف قاسية منذ اعتقاله قبل خمسة أشهر، حيث كان برفقة شقيقه حين أوقفه الجنود على حاجز "الكونتينر" العسكري قرب مدينة بيت لحم، وقاموا باعتقاله والاعتداء عليه بالضرب.


ويقول والده لـ"عربي21" بأن قوات الاحتلال نقلت طفله مؤيد إلى زنازين التحقيق فور اعتقاله؛ وهناك تعرض للضرب والاعتداء لمدة خمسة أيام على الأقل، وبعدها نقل إلى قسم الأطفال الأسرى في سجن عوفر الذي يقبع فيه مئات الأطفال مع وجود ممثل عنهم من الأسرى الفلسطينيين لضمان حقوقهم.


ولكن إدارة سجون الاحتلال قامت قبل أقل من شهر بنقل 34 أسيرا من الأطفال إلى أحد أقسام سجن الدامون، حيث رفضت وجود أي ممثل معهم من الأسرى ما يعني هضم حقوقهم والاستفراد بهم حسب ما توضحه عائلاتهم.

 

اقرأ أيضا: الأسرى بسجون الاحتلال يهددون بالتصعيد رفضا لسياسة القمع

ويؤكد والد الأسير العناتي بأن طفله كان من بين الأسرى الذين نقلوا للدامون دون وجود أي تواصل معه طيلة هذه الفترة، مبينا بأن العائلة كانت تقوم بزيارته مرتين شهريا ولكنها الآن ممنوعة من الزيارة.


ويضيف: "بسبب صغر سنه فإن الزيارات كانت ترفع من معنوياته وتنسيه صعوبة السجن بعض الشيء، ولكنه الآن ممنوع من الزيارة ولا نعلم عنه شيئا، وكانت هناك فقط زيارة من أحد المحامين لهم والذي أبلغنا بظروف قاسية للغاية يعيشونها".

 

ظروف قاسية جدا

 

ويوضح العناتي نقلا عن المحامي بأن "الأسرى الأطفال في سجن الدامون محتجزون داخل بيوت حديدية متنقلة قديمة ومهجورة منذ أكثر من 15 عاما، ولا توجد فيها فتحات للتهوية، كما أن سقفها الحديدي منخفض فلا يتمكن الأطفال من النوم داخلها بأريحية حيث ترتطم رؤوسهم بالسقف، إضافة إلى كونها باردة جدا في هذه الأيام، ويرفض السجان إعطاءهم أغطية كافية أو ملابس دافئة، حيث يُسمح لكل طفل باقتناء غطاء خفيف واحد.


ويشير إلى أن السجان كذلك يمنعهم من اقتناء أداة تسخين الطعام فيضطرون لتناول المعلبات الباردة، بينما تمتلئ هذه الغرف بالفئران والحشرات ولا يسمح لهم بالخروج منها إلا ساعة يوميا في ممر ضيق بينها، كما صدر قرار بعقابهم وحرمانهم من زيارة الأهل لمدة أربعة أشهر وغرامة مالية باهظة على كل أسير منهم دون معرفة السبب.


ويبين بأن إدارة السجون ما زالت ترفض وجود ممثل عن الأسرى الأطفال الذين تم نقلهم من سجن "عوفر"، وهو ما يعني استمرار حالة الاستفراد بهم دون اهتمام رسمي ولا شعبي ولا حتى إعلامي يصل إلى المستوى المطلوب، على حد قوله.


ويتابع: "حين قام الاحتلال بنقلهم في البداية خدعهم وأخبرهم بأنه سينقل معهم ممثلين عنهم ولكنه نقلهم وحدهم؛ وهذا بالنسبة لنا أمر خطير فالقلق يداهم كل أوقاتنا ولا نعلم كيف هي أحوال مؤيد ومن معه من الأطفال، كما أن هيئة الصليب الأحمر الدولية مقصرة فلم تقم بزيارتهم حتى الآن".


وبسبب هذه الظروف القاسية قام الأطفال بالاحتجاج فلم يجدوا سوى الطرق على الجدران الحديدية التي تحيط بهم، فقام الجنود بقمعهم والتضييق أكثر على ظروف اعتقالهم.

 

معاناة خاصة


ويعاني الأسير الطفل العناتي من حالة نفسية صعبة جراء قتل الاحتلال لابن عمه وصديقه خليل العناتي قبل خمسة أعوام، حيث يحتاج إلى جلسات علاج نفسي في أوقات محددة، والتي تحرمه منها إدارة السجون، بل تزيد من الضغط عليه.


ويشير الوالد إلى أن الاحتلال أصدر حكمه على الطفل بالسجن لمدة 11 شهرا وغرامة مالية بقيمة 2000 شيكل (550 دولارا)، ورفض الاحتلال طلبا من عائلته لتخفيض الحكم نظرا لوضعه النفسي، كما أن الاعتقال حرمه من إكمال دراسته في الصف التاسع.

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يعتدي على الأسيرات.. ويعزل "قاصرين" منذ أسبوعين

ويتابع: "هذا طفل مكانه المدرسة والملعب وليس السجن القاسي، نعيش أياما قاسية ووالدته مرضت وتعبت كثيرا بسبب حالته في السجن، فنحن نناشد الاهتمام بحالتهم إعلاميا والعمل على إعادتهم بين الأسرى في الأقسام العادية".


سلب الحقوق

 

 ويعتبر نشطاء في مجال الدفاع عن الأسرى بأن خطوة الاحتلال في نقل الأسرى الأطفال تستهدف إضعافهم والاستفراد بهم وبالتالي كسر معنوياتهم.


وينوه مدير مركز حريات للحقوق المدنية حلمي الأعرج بأن نقل الأسرى الأطفال إلى سجن الدامون يأتي في سياق الهجوم الممنهج ضد الحركة الأسيرة وخاصة الأطفال الذين يعتبر الاحتلال أن دورهم متنامٍ في النضال الفلسطيني.


ويؤكد في حديث لـ"عربي21" بأن الاحتلال يريد عزلهم عن محيطهم من الأسرى للاستفراد بهم والضغط عليهم وابتزازهم والتنكيل بهم وكسر إرادتهم وضرب معنوياتهم؛ فحين يتم عزلهم بهذه الأعمار الصغيرة بمفردهم تنشأ لديهم حالة من الضياع خاصة وأن الجنود يقومون بالاعتداء عليهم والتنكيل بهم وسلب حقوقهم.


ويحذر من أن نقل الأسرى دون وجود ممثل عنهم كما جرت العادة يعني تغييب الحياة التنظيمية والتعليمية وجعل الأسرى في حالة تيه، مبينا بأن الأطفال حين يكونون بين الأسرى تكون لديهم حالة من التنشئة والتعليم والتثقيف، كما تكون لديه حالة من التحمل والانتماء والحياة اليومية الأقوى فلا يشعر أنه داخل سجن فيستمد قوة من الآخرين ممن حوله.


ويضيف: "حين يكون الأسير الطفل محاطا بالأسرى القيادات وذوي التجربة يستمد منهم الصمود والانتماء الوطني، ولكن الاستفراد بهم سياسة ترهيب، ورغم ذلك فإن أطفالنا يستمدون الصمود من هذه التجارب التي علمتهم الإرادة الصلبة فيتحولون إلى كبار وقادة ومناضلين قادرين على الدفاع عن أنفسهم".

التعليقات (0)