اقتصاد عربي

لماذا يطرح السيسي شركات الجيش بالبورصة في هذا التوقيت؟

اقتصاد الجيش يُعد سرا حربيا وكان أحد أسباب الانقلاب على الرئيس مرسي- جيتي
اقتصاد الجيش يُعد سرا حربيا وكان أحد أسباب الانقلاب على الرئيس مرسي- جيتي

تنوعت قراءات السياسيين والاقتصاديين المصريين، لإعلان رئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، طرحه لبعض شركات القوات المسلحة في البورصة، حيث اعتبرها البعض فرصة لإدخال الشفافية على عمل هذه الشركات، بينما رأى آخرون أنها يمكن أن تفتح الباب أمام خصخصة الشركات المرتبطة بالتصنيع العسكري المباشر.

وكان السيسي أعلن قبل يومين، خلال افتتاحه لعدد من مشروعات الجيش البتروكيماوية، بمدينة أبو رواش الصناعية غربي القاهرة، عن عزمه طرح شركات الجيش بالبورصة، لكي تكون هناك فرصة للمصريين لأن يتملكوا أسهما في هذه الشركات.

وجاءت تصريحات السيسي، في إطار رده بشكل غير مباشر على الانتقادات الموجهة له بغياب الأولويات في ما يتعلق بالإنفاق الحكومي، وسيطرة الجيش على كل مفاصل الاقتصاد المصري، ووجود شبهات فساد كشفها المقاول والفنان المصري محمد علي، والتي كانت سببا في مظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر الماضي.

"تصادم الأمن القومي"

من جانبه يؤكد رئيس الأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقصاد الإسلامي، أشرف دوابة، لـ"عربي21"، أن "هناك عدة مبادئ حاكمة يجب الاتفاق عليها، وهي أن دخول الجيش في الأعمال والحياة المدنية أمر مرفوض، لعدة أسباب، أهمها أن الجيش مهمته حماية الحدود، والتصنيع العسكري".

ويشير دوابة إلى الأمر الآخر، وهو أن "الخصخصة في حد ذاتها سياسة جيدة، يجب التوسع فيها طبقا لشروط وضوابط محددة، لأنها تنعش الاقتصاد، وتخلق بيئة جيدة للتنافس والشفافية والإصلاح المؤسسي، الذي ينعكس بدوره على النشاط الاقتصادي".

 

اقرأ أيضا: هل يبيع السيسي شركات الجيش بالبورصة.. ماذا يعني ذلك؟

وبحسب أستاذ التمويل الاقتصادي، فإن الوضع بمصر مختلف، بسبب سيطرة الجيش على القطاع الاقتصادي وكل ما يرتبط به، واستخدام فكرة الأمن القومي، كسياسة حاكمة في التعاطي مع المشروعات التي يشارك فيها الجيش، وهو أمر في حد ذاته كفيل بغياب الشفافية والإصلاح، وعدم وجود أي منافسة شريفة ونزيهة، تساعد في صناعة البيئة الاقتصادية الجيدة، التي تتيحها الخصخصة.

ويضيف دوابة: "يبدو أن هناك مآرب أخري للنظام وراء هذه الخطوة، مثل الحاجة لمزيد من الأموال بسبب تأزم الوضع الاقتصادي، ووجود شح في السيولة، وعزوف المستثمرين عن الشراء في الشركات الحكومية التي تم طرحها بالفعل، ومن هنا جاءت فكرة طرح الشركات العسكرية المتحكمة في السوق، لأنها الوحيدة التي تحقق أرباحا جيدة الآن، ويمكن أن تجذب المستثمرين، بالإضافة لأنها يمكن أن تكون محاولة لتخفيف الضغط على الجيش، باعتباره المتحكم في الاقتصاد والسوق".

ووفق دوابة، فإن طرح شركات الجيش في البورصة يحتاج لعدة إجراءات، منها "إعادة الهيكلة الإدارية والقانونية لهذه الشركات، وإخضاعها لقوانين هيئة الاستثمار، ورأس المال، والشركات المساهمة المحدودة وغير المحدودة، ووجود متطلبات أخرى لحماية المساهمين، في ظل السمعة التي يتمتع بها الجيش خلال الفترة الراهنة، وتحكمه في الاقتصاد بأشكال مختلفة".

ويؤكد أستاذ الاقتصاد أن "توغل الجيش وسيطرته على مختلف القطاعات، وضعه في أزمة تمويل كبيرة، وفي ظل زيادة معدلات القروض، فإن النظام بدأ في البحث عن آليات تمويل بديلة، تمكنه من تجاوز أزمة السيولة التي يعاني منها في قطاعات المقاولات على وجه التحديد، التي أصبح الجيش المحتكر الأساسي لها، وفي المقابل فإن الركود الذي يشهده القطاع العقاري، حول الأموال التي تم إنفاقها بهذا القطاع لكتل خرسانية في الصحراء".

ويوضح دوابة أن "التخوف الأساسي هو تكرار تجربة تلاعب نظام مبارك في البورصة، ولكنها هذه المرة ستكون من خلال المؤسسة العسكرية، التي سوف تطرح أسهمها باعتبارها المدعومة من مؤسسة الرئاسة، وعدم التعامل معها سوف يعد بمثابة الخيانة العظمى، وهو أمر كفيل بتدمير البورصة المصرية، التي تعاني من مشاكل متعددة، وخسائر متتالية نتيجة سياسات نظام السيسي".

"لماذا الآن؟"

من جهته، حذّر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي السابق بمجلس الشورى المصري رضا فهمي، من "خطورة خصخصة شركات الجيش، حتى لو كانت الشركات المرتبطة بالأعمال المدنية، مثل شركة وطنية للمشروعات، ووطنية للصوبات الزراعية، وشركات جهاز الخدمة العامة، وغيرهما من الشركات التي تم إنشاؤها كغطاء للسيطرة العسكرية على السوق المصري".

ويؤكد فهمي لـ "عربي21"، أن "هناك شركات تابعة لوزارة الإنتاج الحربي، وأخرى تابعة للهيئة العربية للتصنيع، بالإضافة للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، التي تتولى تقريبا تنفيذ 50% من المشروعات بمصر الآن، وهي مؤسسات لها مهام عسكرية في الأساس وليست مدنية".

ويشير فهمي إلى أنه "من الناحية العملية فإن اقتصاد الجيش يُعد سرا حربيا، وأحد محددات الأمن القومي التي فرضها السيسي على مصر خلال السنوات الماضية، وكان ذلك أحد أسباب الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي، الذي كان يسعى لفرض الرقابة البرلمانية على اقتصاد الجيش، وهو ما يثير التساؤلات عن هدف السيسي الآن بإخراج هذا السر للعلن، وفتحه لبطن الجيش وميزانية بعض هيئاته أمام الرأي العام".

ويضيف رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي السابق، قائلا: "لو كانت الأمور قاصرة على محطات تموين البنزين والسولار، وشركات العقارات، فإن الأمر يمكن تمريره، ولكن الخطورة أن يكون ذلك بداية لخصخصة قطاعات أخرى لها صلات مباشرة بالتصنيع العسكري، حتى لو كان الموضوع من بدايته لنهايته لعبة يتحكم فيها العسكر لحصد المزيد من الأموال".

التعليقات (1)
مصري
الأحد، 03-11-2019 07:19 ص
مجرد فنكوش من فناكيش العسكر الانجاس كلاب الموساد في مصر أو هي شكل جديد لشركات توظيف الاموال التي كانت حقيقية و قام العسكر الانجاس بإفشالها و نشر القصص الكاذبه عنها المهم علي المصريين ألا ينساقوا وراء الافاق و المحتال السيسي و لكم في ترعة قناة السويس الجديدة العبرة و المثل التي اصبحت عبئ علي الاقتصاد المصري و علي جيب كل مصري .