سياسة عربية

شريكا عبد المهدي بالحكومة ينكرانه قبل يوم من مساءلة البرلمان

من المفترض أن يجري تصويت على سحب الثقة بعبد المهدي في البرلمان
من المفترض أن يجري تصويت على سحب الثقة بعبد المهدي في البرلمان

اتفق الشريكان الرئيسيان لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ليل الثلاثاء الأربعاء، على سحب دعميهما له، في أوج موجة الاحتجاجات التي تتسع في العراق.


وأعلن رجل الدين الشيعي النافذ، مقتدى الصدر، والقيادي زعيم كتلة الحشد الشعبي في البرلمان هادي العامري، أنهما سيتعاونان لـ"سحب الثقة" من عبد المهدي، المستقل الذي يطالب الشارع بإسقاطه منذ مطلع تشرين الأول/ أكتوبر.


واتفق الرجلان، اللذان كانا يخوضان ما يشبه حربا باردة بينهما في الآونة الأخيرة، على التخلي عن عبد المهدي، قبل ساعات من جلسة برلمانية سيشارك فيها رئيس الحكومة.


ومن المفترض أن يجري تصويت على سحب الثقة بعبد المهدي، بحسب ما أكد الصدر في تغريدة.


لم يولِ عبد المهدي أهمية لدعوته إلى البرلمان على الفور. لكنه خصص رسالة مطولة للرد على الصدر، الذي دعا ليلة الاثنين في تغريدة إلى انتخابات نيابية مبكرة.


وقال رئيس الوزراء في رسالته: "إذا كان هدف الانتخابات تغيير الحكومة، فهناك طريق أكثر اختصارا، وهو أن تتفق مع (هادي) العامري لتشكيل حكومة جديدة". والعامري قائد منظمة "بدر" ورئيس ائتلاف "الفتح"، ثاني أكبر كتلة برلمانية وتمثل فصائل الحشد الشعبي.

 

"ارحل"

ورد الصدر على الفور عبر صفحته في تويتر قائلا: "كنت أظن أن مطالبتك بالانتخابات المبكرة فيها حفظ لكرامتك"، داعيا العامري "للتعاون من أجل سحب الثقة".

وأضاف الصدر أنه "في حال عدم تصويت البرلمان فعلى الشعب أن يقول قولته"، مذيلا تعليقه بوسم "#ارحل".

وانضم الصدر الثلاثاء إلى عشرات آلاف المتظاهرين في النجف، معززاً الضغط على السلطات التي تواجه هذه الحركة الاحتجاجية التي سقط نحو 250 قتيلاً حتى الآن.


ظهور الصدر في واجهة المشهد بمدينة النجف المقدسة لدى الشيعة جنوب بغداد، وهو الذي يقدم نفسه اليوم راعيا للإصلاح، خلط كل الأوراق في الحراك غير المسبوق في البلاد، الذي انطلق من ساحة التحرير في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر.


منذ بداية الحراك، يرفض المتظاهرون أي محاولة لركوب الموجة سياسيا، والإبقاء على طابعها الشعبي المطلبي، وصولا إلى تغيير الدستور وكل الطبقة الحاكمة المحتكرة للمناصب منذ سقوط النظام السابق في العام 2003.


لكن الصدر تبنى سريعا تلك المطالب، وهو المنادي باستقلالية القرار في بلد ينقسم بين نفوذ إيراني وأمريكي.


وصل سليل آل الصدر الذي يتبعه الملايين، من إيران مباشرة إلى ساحات الاعتصام في النجف، حيث جال بسيارته البيضاء، في رسالة واضحة إلى رئيس الحكومة عادل عبد المهدي الذي دعاه إلى الاستقالة، رغم أنه عراب الحكومة الحالية.


كانت أولى خطوات الضغط السياسي للصدر على عبد المهدي، يوم السبت الماضي، حين قرر نواب كتلة "سائرون" التي يزعمها رجل الدين بدء اعتصام داخل البرلمان، الذي بدوره طالب رئيس الحكومة بالحضور إلى مجلس النواب للمساءلة.


بين البرلمان والشعب حاليا، جسر الجمهورية الذي يفصل المنطقة الخضراء، حيث المقار الحكومية، عن ساحة التحرير التي صارت مركزا للحراك. وهناك تمطر القوات الأمنية المتظاهرين بين الفينة والأخرى بالغاز المسيل للدموع، لثنيهم عن التقدم، بحسب مراسل من وكالة فرانس برس.


هذا الأخذ والرد العلني بين الصدر وعبد المهدي ليس محط إقناع للمتظاهرين في الشارع، الذين يصرون على "إسقاط النظام".


واتسعت دائرة الاحتجاجات الثلاثاء في العراق، بتظاهرات طلابية واعتصامات في جنوب البلاد، بعدما كسرت بغداد ليل الاثنين بالسيارات والأبواق والأناشيد حظر التجول الذي فرضه الجيش.


وشهدت مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة، التي تبعد نحو مئة كيلومتر إلى جنوب بغداد، ليلة احتجاجات عنيفة، إذ أفاد مراسلون من وكالة فرانس برس عن سماع إطلاق رصاص حي في محيط مبنى مجلس المحافظة، فيما أعلنت المفوضية العراقية لحقوق الإنسان عن مقتل متظاهر.


وأكدت دائرة الطب العدلي في كربلاء لفرانس برس مقتل شخص برصاصة في الرأس وأخرى في الصدر، فيما نفى المسؤولون الرسميون في المحافظة سقوط أي قتيل.


في أنحاء أخرى من البلاد، طالب عشرات الآلاف من المتظاهرين بإنهاء نظام تأسس قبل 16 عاما، إثر سقوط الدكتاتور صدام حسين، ويقول العراقيون إنه يلفظ أنفاسه الأخيرة.

 

اقرأ أيضا: البرلمان العراقي يدعو عبد المهدي للمساءلة.. والصدر يعلق

"حلقة مفرغة"


ومنذ بداية الحراك الشعبي في 1 تشرين الأول/ أكتوبر في العراق؛ احتجاجا على غياب الخدمات الأساسية، وتفشي البطالة، وعجز السلطات السياسية عن إيجاد حلول للأزمات المعيشية، قتل 240 شخصا، وأصيب أكثر من ثمانية آلاف بجروح، عدد كبير منهم بالرصاص الحي.


وشهدت التظاهرات المطلبية أيضا سابقة في العنف بالتعاطي معها، إذ سقط 157 قتيلا في الموجة الأولى منها بين الأول والسادس من تشرين الأول/ أكتوبر، و83  قتيلا حتى الآن في الجولة الثانية التي بدأت مساء الخميس.


وشددت الأمم المتحدة أنه "يجب أن تنتهي هذه الحلقة المفرغة من العنف".


وبدت الموجة الثانية أكثر كسرا للحواجز. ففي المحافظات الجنوبية الشيعية العشائرية المحافظة، شارك عدد كبير من النساء بالاحتجاجات.


كما امتنع آلاف الطلاب والطالبات عن الذهاب إلى المدارس، فيما أقفلت جميع الدوائر في الحلة والديوانية والكوت والناصرية، بحسب مراسلين من وكالة فرانس برس.


والتحقت نقابات مهن مختلفة، بينها نقابة المعلمين ونقابة المحامين، التي أعلنت إضرابا لمدة أسبوع، ونقابة المهندسين ونقابة أطباء الأسنان بالاحتجاجات، رغم الإجراءات الأمنية التي تعرقل الوصول إلى أماكن الاعتصامات والتظاهرات.


وتوافدت حشود المتظاهرين صباح الثلاثاء إلى ساحة التحرير في وسط بغداد، التي يحتلها المحتجون منذ مساء الخميس، وعلت الهتافات ضد حكومة عادل عبد المهدي.


وقالت دعاء (30 عاما) التي خرجت لمرات عديدة، ليل الاثنين الثلاثاء: "هل ظنت الحكومة أننا سنبقى في المنزل؟ أبدا، لقد خرجنا إلى الشارع".


وأشار متظاهر آخر يضع كوفية على كتفيه ويلف على خصره علما عراقيا إلى أن "ساحة التحرير لن تفرغ حتى يحصل التغيير".


وقالت امرأة ترتدي حجابا أسود اللون وبيدها علم عراقي: "لا نريد هذه الحكومة بعد. نريد حكومة انتقالية وتغيير الدستور" بدلا من الدستور الحالي الذي وضع في العام 2005 بإشراف أمريكي.


ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، المستقل غير المدعوم حزبيا أو شعبيا، لا يزال رهينة زعماء الأحزاب التي أتت به إلى السلطة ويتهمها المحتجون بالتقصير في توفير الوظائف والخدمات، وبملء جيوب المسؤولين بأموال الفساد الذي كان سبب تبخّر أكثر من 450 مليار دولار.

التعليقات (0)