صحافة دولية

واشنطن بوست: هكذا ترك البغدادي تنظيمه والعالم العربي

واشنطن بوست: البغدادي ترك تنظيما محاصرا وعالما عربيا ينشد التغيير السلمي- جيتي
واشنطن بوست: البغدادي ترك تنظيما محاصرا وعالما عربيا ينشد التغيير السلمي- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق ديفيد إغناطيوس، يقول فيه إن مقتل زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي ترافق مع مطالب التغيير في العالم العربي.

 

ويقول إغناطيوس في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "التكهن بما سيحدث في العالم العربي هو بالضرورة لعبة بلهاء، لكن لو نظرنا للأمر بطريقة مختلفة، فإن التشدد المفرط الذي مثله أبو بكر البغدادي وصل ذروته، فيما تحولت محاولاته لبناء خلافة إلى رماد، والكثير من الشباب المسلمين باتوا يفهمون هذا الأمر". 

 

ويشير الكاتب إلى أن "البغدادي أنشأ حركة كانت مسرحا للعنف علامته التجارية هي تصوير العنف الوحشي: ذبح السجناء وإغراقهم وهم في الأقفاص وحرقهم بالنار، وكانت الفوضى الإباحية تهدف إلى إحداث الصدمة والغضب وجذب الأتباع للحركة، ونجح التنظيم في المحاولات كلها، ومن الصعب تذكر طاقة سامة مثل تلك التي جذبت المسلمين من أنحاء العالم كله إلى تنظيم الدولة، الذي أعلن خلافته، خاصة في ذروتها عام 2014". 

ويستدرك إغناطيوس بأن "لحظة الخلافة انتهت، ففي الأسابيع التي سبقت مقتل البغدادي كان الشباب العربي في شوارع القاهرة وبيروت وبغداد يطالبون بالتغيير، لكن ليس العودة إلى زمن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في القرن السادس الميلادي، فحركة الاحتجاج الجديدة علمانية وسلمية". 

ويلفت الكاتب إلى أن "تنظيم الدولة لا يزال يمثل تهديدا قاتلا، خاصة فلوله المحاصرين الذين يبحثون عن انتقام لزعيمهم الذي قتل، إلا أن الناجين من التنظيم سيجدون صعوبة في العثور على خليفة يملك المزيج ذاته الذي حمله البغدادي من العلم الديني والتعطش للقتل". 

 

وينقل إغناطيوس عن مؤلف كتاب "قيامة تنظيم الدولة" ويليام ماكنتاس، قوله "يبدو أن هناك بندولا يتحرك مرة ثانية نحو الاحتجاج"، ويلاحظ أن الحركة الشعبية التي عرفت بالربيع العربي سبقت في اندلاعها ظهور تنظيم الدولة، وحذر قائلا: "إن لم تنتج طاقة الاحتجاجات أي شيء هذه المرة فإن هناك احتمال لانفجار عنف جديد". 

ويورد الكاتب نقلا عن محلل مطلع، قوله: "قد يكون العالم العربي على مفترق طرق"، وأضاف أن تنظيم الدولة دمر بشكل كبير وخسر خلافته وزخمه وزعيمه الآن، مشيرا إلى أن لدى الشباب العربي خيارات أخرى للتعبير عن غضبهم.

وينوه إغناطيوس إلى أن "تظاهرات الشوارع التي اندلعت في العراق ومصر ولبنان في الأسابيع القليلة الماضية لديها موضوع واحد: الغضب الشعبي ضد فساد النخب الحاكمة، ورغم اختلاف الأنظمة في البلدان الثلاثة، إلا أنها تعاني من التحدي ذاته، وهو المطلب من القاعدة للتغيير". 

ويقول الكاتب: "يبدو التحرك نحو التغيير حتى في الأنظمة الديكتاتورية، مثل السعودية وإيران، ففي كلا البلدين هناك عامل مشترك كبير، وهو دفع المرأة باتجاه التغير الاجتماعي والسياسي، وفي كل من الرياض وطهران تطالب النساء بالخروج إلى الأماكن العامة دون حجاب".

ويفيد إغناطيوس بأن "السعودية كانت تعد المصدر المخفي الداعم للأصولية الإسلامية، وكانت مساندة للجماعات المتطرفة التي تشبه تنظيم الدولة، لكن الأمر لم يعد كما في السابق، ففي مقابلة مع رئيس رابطة العالم الإسلامي الشيخ محمد العيسى سألته فيها عن موقفه لو أرادت ابنته خلع الحجاب، فكان جوابه أنه سيحاول الحديث معها بالحسنى وشرح الموقف الديني، لكن لو رفضت فإنه سيحترم خيارها". 

ويجد الكاتب أن "الاحتجاجات في لبنان هي الأكثر إثارة؛ لأنها جلبت قطاعات المجتمع اللبناني كلها: السنة والشيعة والمسلمين والمسيحيين، ويطالب المحتجون بتفكيك النظام السياسي كله واستبداله، وليس فقط استبدال الأثرياء السياسيين، لكن أيضا حزب الله الذي تدعمه إيران، وهتف المتظاهرون في مدينة طرابلس السنية دعما للمتظاهرين الشيعة في الجنوب وصور، والعكس صحيح". 

وينقل إغناطيوس عن النائب السابق في البرلمان، روبرت فاضل، الذي شارك في الاحتجاجات، قوله: "قد يكون لبنان البلد العربي الوحيد الذي دخل مرحلة ما بعد الطائفية"، مشيرا إلى أن حزب الله حاول مواجهة هذه المطالب بمحاولة الحفاظ على الوضع القائم. 

ويؤكد الكاتب أن "النظام السياسي في العالم العربي مفكك لدرجة أن أي مطالب للتغيير عادة ما تقود إلى الفوضى وعودة نظام جديد من الديكتاتورية، كما حدث في مصر والدول التي اجتاحها الربيع العربي عام 2011، فالحركات الشعبية لا تولد قادة قادرين على جعل التغيير أكثر من كونه شعارا". 

ويرى إغناطيوس أن "فراغ ما بعد البغدادي قد يؤدي إلى ظهور زعيم متطرف جذاب قادر على إشعال الغضب من جديد، ومن هنا فإن مكافحة للإرهاب بشكل حذر لا تزال ضرورية للتعامل مع ما تبقى من تنظيم الدولة". 

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "ما يدعو للبهجة اليوم في العالم العربي أن الهتافات التي نسمعها ليست تلك المؤيدة لتنظيم الدولة التي ترافقها أشرطة ذبح، لكنها أمر مختلف، حركة علمانية متشددة تطالب بالتغيير".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)