سياسة عربية

تعرف على أبرز أسباب ضعف "قسد" أمام "نبع السلام"

عنصر من الوحدات المسلحة الكردية بمناطق شرقي الفرات- جيتي
عنصر من الوحدات المسلحة الكردية بمناطق شرقي الفرات- جيتي

أظهرت المعارك منذ إعلان الجيش التركي عن بدء عمليته العسكرية "نبع السلام"، بالتشارك مع قوات المعارضة السورية، انهيارات في دفاعات قوات "سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تشكل الوحدات الكردية عصبها الرئيسي.

ورغم أن العملية العسكرية لم تكن مفاجئة لـ"قسد"، إلا أن قوات "الجيش الوطني" والجيش التركي، حققت تقدما سريعا خلال اليوم الأول من المعارك، حيث وصلت إلى مشارف مدينتي رأس العين، وتل أبيض، قاطعة طريق رأس العين- الدرباسية، ومتوغلة في العمق السوري بمسافة تتجاوز الخمسة كيلو مترات، في حين باتت مدينة تل أبيض شبه محاصرة.

في الأثناء، أكدت وزارة الدفاع التركية، مقتل 228 عنصرا من "قسد"، جراء الضربات التي تشنّها شمال شرقي سوريا.

وأوضحت الوزارة على حسابها الرسمي في "تويتر" أن، من بين القتلى 19 سقطوا في غارة جوية على منطقة رأس العين شمال غربي الحسكة.

وأرجع مراقبون تقهقر "قسد" إلى أسباب عدة، منها ما هو متعلق بتركيبتها والحاضنة الشعبية، ومنها ما هو مرتبط بغياب الدعم الجوي الذي اعتادت "قسد" عليه، خلال معاركها مع تنظيم الدولة.

التجنيد الإجباري

الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد أديب عليوي، وضع التجنيد الإجباري الذي تمارسه "قسد" على نطاق واسع في مناطق سيطرتها على رأس الأسباب التي تضعف قدرتها القتالية.

وقال لـ"عربي21": لقد جندت "قسد" الأطفال وزجت بهم في المعارك رغم حظر القوانين الدولية لهذه الممارسات، دون اختبار قدراتهم على القتال.

ونجم عن ذلك وفق عليوي، غياب الرغبة القتالية لدى مقاتليها من المجندين قسرا، وفقدان "قسد" للحاضنة الشعبية في مناطق سيطرتها.

وفي هذا الصدد، أكد مدير مصدر محلي خاص لـ"عربي21"، تسجيل حالات انشقاق جماعي للمجندين قسرا في صفوف "قسد" خلال الأيام القليلة الماضية.

وقال طالبا عدم الكشف عن اسمه، إن نحو 70% من عناصر "قسد" هم من المجندين قسرا، من أبناء العشائر العربية، وهؤلاء ينتظرون الفرصة المواتية للانشقاق.

فقدان "قسد" للحاضنة الشعبية

وأضاف المصدر: "تعرض أبناء المناطق الشرقية السورية إلى أقسى أنواع التنكيل والظلم، بدءا من النظام، ومرورا بتنظيم الدولة الإسلامية، ووصولا إلى قسد والمليشيات الكردية".

وقال: إن ممارسات "قسد" وظلمها أفقدها الحاضنة الشعبية، لصالح "الجيش الوطني" المشارك في هذه المعركة.

ومشاطرا المصدر في الرأي، شدد رافع العكلة الرجب، شيخ عشيرة "الشعيطات"، في حديث خاص لـ"عربي21" على تأييد العشائر العربية لعملية "نبع السلام".

وقال الرجب، فور دخول القوات البرية إلى مناطق "قسد"، تم استقبالهم من قبل الأهالي بحفاوة، ما يؤكد الرفض الواسع الشعبي لمليشيات "قسد".

وعلى النسق ذاته، أشار الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد عبد الله الأسعد، إلى تأييد المجتمع المحلي والأوساط الشعبية على اختلاف المكونات في مناطق شرق الفرات، لعملية "نبع السلام".

وقال لـ"عربي21": إن كل ما في المنطقة يساعد على تقدم وإنجاح عملية "نبع السلام"، ما يعطي انطباعا بأن المعركة لن تكون طويلة.

وأضاف الأسعد، أن بوادر الخسارة المعنوية بدت واضحة على"قسد"، قبل الخسارة العسكرية، حيث من الواضح أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد تقدما نوعيا لـ"نبع السلام"، قياسا على ما تم تحقيقه حتى اللحظة.

طبيعة المنطقة

ومن عوامل النجاح الأخرى التي جاء الأسعد على ذكرها، هي طبيعة المنطقة غير المعقدة، التي لا تساعد "قسد" على التحصن، إلا داخل التجمعات السكانية بين المدنيين.

وتشير المعطيات التي تأتي من مناطق الاشتباك، بأن "قسد" وجهت وسائلها الدفاعية نحو التجمعات السكانية، وهو الأمر الذي أكده مدير شبكة "الخابور" إبراهيم الحبش.

وأضاف لـ"عربي21"، أن "قسد" تحصنت داخل مدينتي تل أبيض بريف الرقة ورأس العين بريف الحسكة، وذلك لدفع المقاتلات التركية إلى استهداف المدن، وتصوير ذلك على أنه عمليات ضد المدنين.

وقال الحبش، إن "قسد" تمارس الدعاية الكاذبة، على أمل أن يتغير الموقف الأمريكي، المساند للعملية التركية، وذلك في إشارة منه إلى حديث الرئيس الأمريكي عن خطوط لا يجب على تركيا تجاوزها.

 

إقرأ أيضا: هكذا رد المقداد على مبادرة "قسد" للحوار مع النظام السوري

 

 والخميس، أكد مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية أن العملية العسكرية التركية في شمال سوريا لم تتخط في هذه المرحلة الخطّ الأحمر الذي وضعه ترامب.

وردا على سؤال حول تعريف هذا الخط الأحمر، قال إنه يشمل "التطهير العرقي" وكذلك "القصف الجوي أو البري العشوائي ضد المدنيين".

وأضاف المسؤول الأمريكي أمام صحافيين طالبا عدم كشف اسمه "ليست لدينا أمثلة بارزة على تصرف كهذا في هذه المرحلة، ولكنّها ليست سوى بداية العملية العسكرية التركية".

مصدر عسكري من المعارضة، أكد لـ"عربي21" أن "قسد" تحاول الانسحاب من المناطق المكشوفة، نحو المدن الكبيرة، وذلك حتى تصعب مهمة السيطرة على قوات "غصن السلام"، دون استخدام الضربات الجوية، وهو الأمر الذي من شأنه مساعدة "قسد" على إدعاءات استهداف تركيا للتجمعات السكانية.

وأوضح المصدر أن "قسد" تحاول دفع تركيا نحو قصف المدن، لممارسة الدعاية الإعلامية المضللة، لتأليب الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ضد "نبع السلام"، على أمل أن يسهم ذلك في وقفها.

غياب الغطاء الجوي

لكن، ورغم ذلك، بدا المصدر العسكري جازما بأن العملية ستحقق أهدافها وفق الخطة المرسومة والجداول الزمنية، مرجعا ذلك إلى ضعف البينة العسكرية لـ"قسد"، وغياب دعم طائرات التحالف الدولي.

وتابع المصدر، خلال معارك التنظيم كانت "قسد" تقوم بعمليات التمشيط البري، بعد تدمير وحرق طائرات التحالف لكل شيء، على حد تأكيد المصدر الذي أشار إلى الدمار الكبير الذي طال مدينة الرقة، في أثناء المعارك التي سبقت دحر تنظيم الدولة الإسلامية عنها.

وقال إن "قسد" اعتادت القتال بمؤازرة الطائرات، بينما هي تقاتل الآن دون هذا الغطاء، وهذا ما سيسهل المهمة على قوات "نبع السلام".

كما أشار المصدر إلى محاولة "قسد" ترهيب المجتمع الدولي من خلال الحديث عن احتمال عودة التنظيم، وذلك في رغبة منها باستعطاف ود المجتمع الدولي، والتذكير بأنها كانت طرفا في الحرب على "الإرهاب".

وفي السياق ذاته، لفت المصدر إلى التأثير السلبي الذي أحدثه قرار ترامب بالتخلي عن "قسد" في صفوف المليشيات الكردية، وقال "قسد أساسا كانت عنوانا عريضا استغل دعم المجتمع الدولي والتحالف الدولي لوجه الخصوص، للظهور بمظهر الطرف القوي، غير أن تخلي هذه الأطراف عنها، أعادها إلى حجمها الطبيعي، وكشف أنها طرف لا يستطيع القتال دون دعم غير محدود من التحالف الدولي".

ومضى قائلا، "لا زالت "قسد" تعوّل على عودة الدعم الأمريكي لها، وفي حال تيقنت فعلا بأن ذلك لن يتحقق، فمن المرجح أن نشهد انهيارا واسعا في صفوفها، وخصوصا أنها مكونة من مجموعات غير متجانسة".

التعليقات (2)
الهادي الجزائري
السبت، 12-10-2019 05:42 م
قسد لا تمثل إلا نفسها ولا تمثل الأكراد المسلمين ولا يدافع عنها إلا أعداء الإسلام
منير
الجمعة، 11-10-2019 10:01 م
سبب آخر هو ان عملية غصن الزيتون ودرع الفرات السابقة جعل السوريون يعودون الى ديارهم وهم يعيشون بأمان وحرية في تلك المناطق المحررة من قسد والوحدات الكردية فمثلا مدينة عفرين شهدت عودة الحياة اليها بعيدا عن سطوة عناصر قسد ووالوحدات الكردية لذلك يتمنى اهالي المناطق التي ستتحرر بعملية نبع السلام ان تعود اليها الحياة كما عادت الى عفرين من قبل.