إيكونوميست: أي صلة بين الطرق الأمريكية وزيادة العنف بالعراق؟

نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا في عددها الأخير، تحت عنوان "طرق للدمار: هل قاد بناء الطرق في العراق إلى عنف أكثر؟"، تتحدث فيه عن الدور الأمريكي في تخريب العراق. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى دراسة جديدة كشفت عن التداعيات غير المقصودة للمساعدات الأمريكية. 

 

وتقول المجلة عن الطريق السريع الذي يربط العاصمة العراقية بغداد بالعاصمة الأردنية عمان "يطلق عليه السائقون بأنه (الطريق السريع إلى جهنم)، فقد كانت الهجمات على الطريق الذي يربط بغداد بعمان منتظمة في عام 2014، لدرجة كان فيها السائقون يدفعون ثلاثة أضعاف المطلوب منهم في المعدل العادي لنقل البضائع عبر هذا الشريان".

 

ويلفت التقرير إلى أن العصابات والمليشيات كانت على الطريق تشكل تهديدا مستمرا، مشيرا إلى أن الجهاديين التابعين لتنظيم الدولة قاموا بإقامة حواجز، وفرضوا على أصحاب السيارات حوالي 300 دولار، وكانوا يعطونهم الفاتورة بعد الدفع. 

 

وتفيد المجلة بأنه تم تأمين الطريق، الذي يعرف رسميا باسم الطريق السريع 10 أخيرا من قبل الجيش العراقي، لكن من يقود سيارته عليه لا يزال يواجه خطر الابتزاز أو الهجمات. 

 

ويكشف التقرير عن أن "أمريكا أنفقت مبالغ كبيرة من المال لتحسين الطريق السريع 10 بعد عام 2003، والإطاحة بصدام حسين، وعلى مدى عقد استمرت فيه الحرب أنفقت الولايات المتحدة 12 مليار دولار على مشاريع البنية التحتية، وتبنى الرئيس جورج دبليو بوش فكرة تحسين الشوارع؛ أملا في تحسين الاقتصاد وتخفيف العنف". 

 

وتستدرك المجلة بأن ورقة عمل قدمت للجمعية الاقتصادية الأوروبية، تشير إلى أن الجهود تركت آثارا عكسية، وحصلت كاتبة الورقة البحثية تامار غوميز، طالبة الدكتوراة في كلية إمبريال في جامعة لندن، على بيانات واسعة، مشيرة إلى أن الخرائط الرقمية تظهر الطرق الجديدة التي أقيمت، حيث زاد طول شبكات الطرق في الفترة ما بين 2002- 2011. 

 

ويذكر التقرير أن وكالات الحكومة الأمريكية احتفظت بسجلات عن النفقات على البنى التحتية، وقام مركز بحثي في جامعة ميريلاند بإعداد قائمة لحوادث العنف ووقت حدوثها وأماكنها، لافتا إلى أن غوميز جمعت البيانات، واستخدمت تحليلا إحصائيا للنظر في العلاقة بين بناء الطرق، والتقدم الاقتصادي والعنف في العراق. 

 

وتقول المجلة إنها وجدت أن بناء الطرق لم يؤد إلى الهدف المنشود، وهو تحقيق الاستقرار، بل إنه قاد إلى العنف السياسي، وحتى مع زيادة الناتج القومي العام نتيجة للبناء زاد الهجمات، و"بعبارات أخرى فإن الآليات العسكرية والسياسية المرتبطة ببناء الطرق تفوقت على الآثار الاقتصادية المنشودة"، ولم تجد علاقة ترابط بين بناء الطرق والعنف؛ والسبب هو لأن معظم الأموال ضاعت في الفساد. 

 

ويتساءل التقرير عن السبب الذي أدى فيه بناء الطرق في العراق إلى مزيد من العنف، مشيرا إلى أن واحدا من الأسباب هو أن الطرق في العراق لم تبن للأغراض التجارية فقط بل للعمليات العسكرية أيضا، واستخدم الجنود الأمريكيون الطرق الجديدة لشن هجمات عسكرية ونقل الإمدادات، ما جعلها هدفا للمتمردين والقنابل المصنعة محليا. 

 

وتنوه المجلة إلى أن المتمردين استخدموا الطرق أيضا لنقل الإمدادات وشن هجمات، ووجدت دراسة عن الحرب الأمريكية في أفغانستان أعدت عام 2010، أن نسبة 86% من العمليات التي قام بها المتمردون كانت قرب الطرق، و"لا يوجد هناك أي سبب يدعو للقول إن العراق مختلف كثيرا". 

 

وبحسب التقرير، فإن غوميز تقدم سببا آخر، وهو أن بناء الطرق في العراق متجذر في السياسة، فالطرق التي مولها الأمريكيون هي تعبير عن الاحتلال الأمريكي للعراق، ولهذا تحولت إلى "أهداف مميزة".

 

وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أن المسؤولين الأمريكيين اعترفوا بأنهم فشلوا في الحصول على دعم محلي لمشاريعهم، "مع أن الطرق المؤدية إلى جهنم طالما ممهدة بالنوايا الحسنة".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)