قضايا وآراء

لماذا يحلفون على أمور لم تحدث بعد؟

عدنان حميدان
1300x600
1300x600

تنامى في الآونة الأخيرة استخدام اليمين بالله للقسم على أمور غيبية يتوقع أصحابها أن تحدث بالمستقبل؛ وهم بأَيمَانهم الواثقة يشعرونك وكأنهم يعلمون علم اليقين أن هذه الأمور ستحدث قطعا! ليس هذا فحسب بل تجدهم يحددون مدة زمنية لذلك!

ما أعلمه أن الوحي الإلهي توقف بوفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأما الرؤى في المنام فأقصى ما يمكن معها أن يُستأنس بها على المستوى الشخصي دون تحويلها لأحكام أو تعميمها على الناس ؛ ذكر العطار في حاشيته على كتاب محلي جمع الجوامع: " ولا يلزم من صحة الرؤيا التعويل عليها في حكم شرعي لاحتمال الخطأ في التحمل وعدم ضبط الرائي ".

وعليه أتساءل لماذا يصر بعض أهل العلم والدعاة والمشايخ على القسم بالله تعالى لأجل أمور غيبية؟ ولماذا لا يعطون لأنفسهم استثناء يسمح لهم بالنزول عن السلم الذي صعدوا إليه؛ حين أقسموا بالله يقينا على ذلك دون تعريض أنفسهم أو فكرتهم النبيلة للحرج ؟ وكيف لهم مواجهة جمهورهم ومحبيهم حين يتجاوز الزمن أيمانهم؟

الشيخ الفاضل حازم أبو إسماعيل - المرشح الرئاسي السابق وأحد ضحايا نظام الانقلاب في مصر والمسجون في ظروف لا إنسانية عَزَلته عن العالم منذ عدة سنوات- نقل عنه مقربون منه أنّه أقسم بالله العظيم قبل أيام على رحيل السيسي خلال أسبوعين؟! فكيف سيكون موقف الشيخ أبو إسماعيل -إن صح هذا النقل عنه- إن لم يرحل السيسي خلال تلك المدة؟!

لم يكن الشيخ أبو إسماعيل وحده في هذا المضمار فقد سبقه الشيخ الموقر فوزي السعيد بذلك حين أقسم بالله كثيرا من على منصة رابعة بعد انقلاب السيسي في يوليو 2013 على عودة الرئيس مرسي رحمه الله للحكم !! وبقينا ننتظر تحقيق ذلك القسم حتى وافـي الأجل الرئيس مرسي دون تحقيق ما أقسم عليه الشيخ السعيد!

وفي السياق اذكر مقطعا مصورا للشيخ محمد العريفي عام 2012 يقسم فيه بالله تعالى على هلاك بشار الأسد! بل إن الداعية بدر المشاري لم يكتف بأن يقسم بالله بشأن هلاك بشار على يد الثوار بل ربط ذلك بالدليل القائم على أحاديث الفتن والدجال وما يرتبط بآخر الزمان! فهل عدم هلاك بشار حتي الآن يعني أن ذلك الربط قد فقد الخيط الناظم له أساسا؟!

أتفهم سعي كثير من المصلحين والدعاة لبث الأمل والتفاؤل في نفوس أنصارهم ولكن ثمة فارق بين ذلك وبين الإفراط في تأميل الناس بأمور قد ينتهي بهم الحال حال عدم تحققها إلى اليأس والإحباط ، فالله الله في أنصاركم ومحبيكم حتي لا تفقدوا ثقتهم بكم.

تتبعت الفتاوى في هذا السياق فوجدت حديثا للشيخ المنجد فك الله أسره يقول فيه: " من يحلف جزافا على شيء لا يعلم عنه فهذا آثم ؛ لأنه يحلف على غيب بالنسبة له لا يعلمه " واعتقد أن هذا وجيه، ومع ذلك لست هنا بصدد توزيع فتاوى وأحكام فقهية على دعاة وعلماء هم أفضل مني قدرا ومكانة ، ولكن هي كلمات رأيت أن واجب النصيحة يقتضي التنبيه لها، ومع ثقتي الكبيرة بسلامة نواياهم في أيمانهم؛ إلا أننا تعلمنا على أيدي علمائنا ومشايخنا أن الإخلاص وحده لا يكفي فخير العمل أخلصه وأصوبه وليس أخلصه فقط.

3
التعليقات (3)
ساميه ابو الغيلات
الأربعاء، 02-10-2019 06:40 م
عنما يقع الانسان في وحل اليأس يريد اي حبل نجاه والامل هو حبلهم الوحيد
عبدالعزيز أصلان البرى
الأربعاء، 02-10-2019 07:35 ص
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك فعلا الموضوع يحتاج إلى عدم جعل الرؤيا والأحلام مصدر من المصادر إنما يجب نشر الثقة مع الأخذ بالأسباب
منصور الخزام
الأربعاء، 02-10-2019 06:42 ص
يتأولون حديث رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لا يأبه له، لو أقسم على الله لأبره.

خبر عاجل