قضايا وآراء

مرة أخرى.. لمصر.. لا للأهلي والخطيب

ماجد عزام
1300x600
1300x600
فاز الأهلي الأسبوع الماضي بكأس السوبر المصري، بعدما هزم منافسه التقليدي الزمالك بسهولة كبيرة، رغم أن النتيجة لا تعبر عن سيطرة الأهلي التامة على المباراة وتحكمه بها معظم فتراتها..

البطولة الحادية عشرة تعادل في أهميتها ودلالاتها، وحتى تداعياتها، بطولة الدوري المصري الـ41 التي توّج بها نادي القرن في تموز/ يوليو الماضي.

كتبت هنا في آب/ أغسطس مقالاً بعنوان: "لمصر.. للعرب.. لا للأهلي والخطيب"، أشرح من خلاله كيف نجح الأهلي في الفوز بالبطولة الأصعب والأهم في تاريخه، رغم الحرب القذرة الشرسة والدنيئة التي شنّت عليه من قبل النظام وتركي آل الشيخ وأداتهما مرتضى منصور، لكسره تحطيمه وإخضاعه، وليس فقط منافسته والتغلب عليه رياضياً داخل المستطيل الأخضر..

باختصار، تعرض الأهلي خلال الموسم الماضي لحرب غير مسبوقة، بعدما رفض تدخل تركي آل الشيخ في شؤونه، كما يفعل في بلاده وبلاد أخرى أيضاً.

إظهار إدارة الأهلي الكارت الأحمر لتركي حفاظاً على مبادئ وتقاليد النادي العريق؛ أفقده صوابه، لدرجة أنه قرر شراء ناد آخر (الأسيوطي)، وصرف عليه مليارات الجنيهات لمحاربة الأهلي استنزافه وإضعافه. تركي لم يكتف بذلك فقط، بل حوّل الزمالك إلى "الأسيوطي ب"، بعدما جيّره الرخيص مرتضى منصور لتركي الذي أحضر الموسم الماضي المدرب ونصف الفريق، كما تبجح منصور علناً دون أن ينتبه إلى مغزى كلامه وانتهاكه الروح والمواثيق الرياضية الدولية، ناهيك عن التضحية باسم وتاريخ النادي العريق.

لم تقتصر الحرب المعلنة وغير المعلنة ضد الأهلي على تركي ومرتضى، بل تعدتهما إلى اتحاد كرة القدم الذي يديره النظام العسكري (مباشرة عبر أحد أذرعه)، حيث تلاعب الاتحاد في جدول الدوري بشكل فجّ وفظّ لصالح مرتضى والزمالك بصفته "الأسيوطي ب"، وتم هدم كل الأسس والمعايير المهنية الرياضية والتنافسية، عندما رفض الاتحاد إنهاء الموسم في بداية حزيران/ يونيو كما العالم كله، مؤجلاً النهاية إلى آخر تموز/ يوليو، خدمة لمرتضى ولإراحة فريقه المنهك بعد المشاركة في البطولة الأفريقية، كما لعودة نجمه فرجاني ساسي من الإصابة، كما أقر هو شخصياً (أي مرتضى) منذ أيام.

الأهلي واجه الحرب بمبادئه تقاليده والأهم التفاف الجمهور حوله، وتصرف دوما كأنه جزء من الدولة وليس النظام، وباحترافية ومؤسساتية طبعاً، ففاز بالبطولة عن جدارة، كما كان القدر مسانداً له أيضاً، فعاد فرجاني (الذي تأجّل الدورى لأجله) مرهقاً، بل حتى أصيب أثناء التوقف الحارس الأساسي للزمالك، وساهم بدلاؤه في إهداء اللقب للفريق الذي يستحقه أصلاً.

رغم فوز الأهلي ببطولة الدوري، في مواجهة الحرب القذرة للنظام تركي ومرتضى، إلا أن هؤلاء لا يكلوا لا يملوا ولم يتوقفوا عن محاربة النادي لتطويعه وابتزاز الإدارة والجمهور للانطواء تحت عباءته، كما أداته مرتضى الرخيص المكلف أساساً بمحاربة الجمهور، بما فيه جمهور الزمالك نفسه، الذي قتله في مذبحة الدفاع الجوي (2014)، بينما استمر تركي في حربه ضد الأهلي ضمن معادلة محدثة بدأت مع شتم واستهزاء الجمهور به، وعدم الاكتفاء بتحويل مرتضى للزمالك إلى "الأسيوطي ب"، لكن بتعمد كيل الشتائم الإهانات والأكاذيب بحق الرئيس كابتن محمود الخطيب ومجلس إدارته؛ الذي طرد تركي شرّ طردة من الأهلي والبلد بشكل عام.

الشاهد أننا خلال الشهرين الماضيين شهدنا نسخة مصغرة عن الحرب المتعددة للعام الماضي، بدأت بتعيين النظام زملكاويا موتورا متماثلا مع مرتضى (عمرو الجنايني) لإدارة اتحاد كرة القدم شكلاً، رغم وجود كفاءة بحجم مصطفى مراد فهمي (صاحب الخبرة الكبيرة الممتدة في إدارة الاتحادين الأفريقي والدولي)، وتنفيذ توجيهات الصول القابع في الظلام، الذي يديره فعلاً الذي اتخذ قرارا بإهداء بطولة كأس مصر هذا العام لمرتضى كما جرى العام الماضي، مع تذكر تصريح مدير الاتحاد القديم ثروت سويلم؛ الشهير عن رغبة مرتضى في الفوز ببطولة، بينما قام رئيس نادي سموحة فرج عامر (موقع يلا كورة الثلاثاء 13 آب/ أغسطس) بفضخ القصة من خلال تصريحه العلني عن تعيين حكم مرتشٍ لإدارة المباراة النهائية والتلاعب بنتيجتها، مقابل تعيينه في منصب مهم بالشركة الراعية التي يملكها العسكر ويدير الاتحاد والرياضة عموماً من خلالها، طبعاً إضافة إلى تحقيق مكاسب مالية تسويقية هائلة لصالحهم مع هيمنتهم شبه التامة على الاقتصاد.

إهداء بطولة الكأس لمرتضى هذا العام جرى بنفس السيناريو تقريباً، وبدأ بإخراج الأهلي منها بعد تعيين حكم مشبوه أخلاقياً وضغيف فنياً، حرم نادي القرن من فوز مستحق أمام "الأسيوطي ب" (بيراميدز) فى دور الـ16 للبطولة.

في النهائي لعب الزمالك الذي حوله تركي هذا العام إلى "الأسيوطي 1" مقابل "الأسيوطي ب) (بيراميدز سابقاً)، مع استقدام حكم أجنبي مجهول وبحضور عشىرين ألف متفرج، وهو رقم كبير جداً في مباراة محلية، خاصة أن الأهلي واجه "الأسيوطي ب" قبلها بأيام دون جماهير. وهنا يجب الانتباه إلى أن بيراميدز سابقاً قدم أداء مشبوها متخاذلا في الحد الأدنى، وكأنه تعمد هو الاخر إهداء البطولة لمرتضى وشقيقه "الأسيوطي أ".

خلال هذه الفترة (شهرين) غادر تركي مضطراً مهاناً، ولم يرد تفكيك الأسيوطي نهائياً لحفظ ماء وجهه، ولكنه حوله إلى "الأسيوطي أ"، على عكس العام الماضي، مع تحويل الزمالك نفسه إلى "الأسيوطي أ" عبر مرتضى، كما موّل عشر صفقات للنادي ومدرب جديد لمنافسة الأهلي، إضافة إلى استمرار مرتضى في حملة الشتائم والإهانات الأكاذيب بحق الخطيب ومجلس إدارته.

إلى ذلك تصرفت النائحة المستأجرة ساعتين يومياً لمرتضى، بذهنية إعلام أحمد سعيد.. كان ثمة تهليل للصفقات، رغم أن معظمها عادية أو متوسطة وتمت دون رؤية فنية (عبر ولي العهد أمير مرتضى)، ثم تم تضخيم المدرب الجديد الصربي ميتشو، رغم أنه يمتلك سيرة ذاتية عادية (متوسطة أو جيدة في أحسن الأحوال)، مع انحدار أخلاقي وتماه من قبل ميتشو مع المنظومة التي يديرها مرتضى، حيث قال بعد أيام فقط من وصول المدرب إن حب الزمالك يجرى في دمه، كما زعم أنه رفض أموال الأهلي من أجل الزمالك، رغم أن الإعلان عن التعاقد معه تم صباح 17 آب/ أغسطس، بينما كان الأهلي يملك مدربا (مارتن لاسارتي)، ولولا أخطاء التحكيم المتعمدة والخروج من بطولة كأس لما تمت إقالته أصلاً.

مع إقالة لاسارتي اشتغل الذباب الالكتروني لتركي كما النائحة المستأجرة التي يموّلها تركي أيضاً، لمهاجمة النادي والإدارة، وبث الإحباط في صفوف الجمهور، مع تحرره نسبياً بعد تنازله الصوري عن "الأسيوطي ب". انخرط ترك علناً في الحرب ساخراً من مجلس الإدارة لتأخره في التعاقد مع مدرب (رغم أن القصة لم تستغرق سوى أسبوعين)، ثم تم التشكيك في كفاءة لجنة التخطيط التي يرأسها الأسطورة طه إسماعيل، كما مجلس الإدارة لاختياره مدرب جديد هو السويسرى رينيه فايلر، الذي رغم صغر سنة إلا أنه يتمتع بشخصية قوية طبعاً، وطموح وكفاءة لدرجة أنه فاز بالدوري البلجيكي في عمر 43 سنة، وهو أحد الدوريات العشرة الكبرى في أوروبا.. بلجيكا التي كان يقول عنها أستاذنا اليساري في جامعة الخرطوم أن دخلها القومى يعادل تقريباً دخل كل دول إفريقيا جنوب الصحرا ء، ما عدا نيجيريا النفطية وجنوب أفريقيا، أي أن مدرب الأهلي الشاب فاز بالدوري في دولة يعادل دخلها القومي دخل كل الدول التي حقق مدرب "الأسيوطي أ" ميتشو البطولة فيها، علماً أنه لم يحقق شيئاً لافتاً منذ ثماني سنوات تقريباً.

إذن بدأ الموسم الجديد كما انتهى الماضي، في ظل حرب ثلاثية ضد الأهلي، وحملة إعلانية (أحمد سعيدية) ممولة من تركي مع تصوير "الأسيوطي أ" كفريق لا يقهر، والتشكيك في قدرة مدرب الأهلي ومجلس إدارته، كما الفريق كله. ثم جاءت مباراة السوبر لتنسف كل ذلك.. الأهلي فاز بالبطولة بسهولة كبيرة، وأثبت مدربه الشاب أنه صاحب رؤية وشخصية، بينما ظهر مدرب الزمالك على حقيقته عادياً متوسطاً في معظم الأحوال .

هذا الفوز وأد الحرب الخبيثة الدنيئة والمتجددة في مهدها، ولا شيء يعبر عن المشهد الرياضي المصري الحالي أكثر من المباراة نفسها، حيث مرتضى أداة النظام والمحمء منه انفلت بعد الخسارة موجهاً الشتائم للأهلي وإدارته، على مرأى ومسمع من ممثل وزارة الرياضة وإدارة الاتحاد، بينما مجلس الإدارة الأهلي يتجاهله باستعلاء وتسام، منشغلاً بسيلفي الانتصار، بينما كان الاحتفال صاخباً أيضاً في الملعب وعلى السوشيال ميديا، كون الجمهور فهم ببساطة مغزاه ودلالته، حيث الأهلي الركن الأصيل فى الدولة المصرية عصي على الانكسار والانهيار، حتى لو سعى النظام لأخذ البلد في هذا الاتجاه.
التعليقات (0)