قضايا وآراء

من يغلب من في قيادة الحشد الشعبي.. المهندس أم الفياض؟

هارون محمد
1300x600
1300x600

لأن تشكيلة هيئة الحشد الشعبي، ملتبسة ويلفها الغموض، فإن من الطبيعي، أن تحدث خلافات واختلافات بين قادتها، كما حصل نهاية الأسبوع الماضي، عندما وصف رئيسها فالح الفياض تصريحات لنائبه أبي مهدي المهندس، بأنها لا تمثل الحكومة العراقية ولا القوات المسلحة التابعة لها، الأمر الذي فُسر بأنه أول شرخ في قيادة الحشد، يظهر إلى العلن، وهو ما أشاع قلقاً، لدى الأطراف والمرجعيات والكتل الشيعية، سواء الداعمة للحكومة أو المساندة للحشد، من تداعيات هذا الشرخ، ونتائجه في المرحلة المقبلة.

 

خلافات عميقة بين قيادات الحشد الشعبي


وكان المهندس الذي يوصف في الاعلام المحلي، بأنه القائد الميداني لقوات الحشد، قد صرح في أعقاب الهجمات التي دمرت معسكراً لفصائل حشدية قرب قاعدة (بلد) الجوية، البكر سابقا، جنوب محافظة صلاح الدين، اتهم فيها، الولايات المتحدة الأمريكية بأنها المسؤولة عن هذه الهجمات التي استهدفت عددأً من مستودعات الأسلحة التابعة للحشد، وقال: إن لديه معلومات تفيد بأن القوات الأمريكية أحضرت إلى قواعدها في العراق، أربع طائرات مسيّرة إسرائيلية، عبر جمهورية أذربيجان، مؤكداً أنه على علم بمواعيد انطلاق هذه الطائرات، ومعرفة مسارها، وحتى أوقات هبوطها، متهماً من طرف خفي، ما أسماه بـ (صمت) الحكومة، وعدم اتخاذها، إجراءات رادعة.

وقد أوقع المهندس نفسه، في حرج شديد، بهذا التصريح الذي يشي، بوجود خلافات عميقة، بينه وبين رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة عادل عبدالمهدي، بشأن مهام الحشد ومصيره، فقد تلقفت الأوساط العسكرية التي يميل أغلب قادتها إلى الحكومة، التصريح المثير، وسخرت منه، من خلال تسريبات، إلى وسائل إعلام محلية، ذكرت فيها، أن الذي يعرف مكان وجود هذه الطائرات، وأوقات انطلاقها وطيرانها وهبوطها، لماذا لم يتخذ تدابير، عسكرية وقائية، في الأقل لمنع تنفيذ هجماتها؟ خصوصاً وأن الحشد لديه مضادات جوية حديثة، من صواريخ ومدفعية، ذات تقنيات عالية، روسية وصينية وكورية وإيرانية!.

 

إذا صدقت الأنباء بأن زعيم مليشيا (بدر) هادي العامري، بات يقف إلى جانب ابن عمه في العشيرة، فالح الفياض، ضد أبي مهدي المهندس، فإن ذلك يمثل تحولاً سياسياً وعسكرياً


والحاصل.. أن تصريحات المهندس، ورّد الفياض عليها، لا يمثل تعارضاً، في الرأي، بين الإثنين، عن طبيعة الحشد ومسؤولياته وارتباطاته فحسب، وإنما يعكس جملة من التناقضات بينهما، في كيفية قيادة الحشد، وإدارة شؤونه، بعضها ظهر في الفترة السابقة، حول إعادة تنظيم الحشد وتأهيله، وهو ما رفضه المهندس، وحذر من إلحاقه، بالجيش والقوات المسلحة، وإنما طالب بأن يكون مستقلاً في تشكيلاته، وحراً في اتخاذ قراراته، وتحديد مناطق انتشاره، بمعزل عن وزارة الدفاع أو رئاسة أركان الجيش، وهو ما اعترض عليه الفياض، الذي يخشى من تحول الحشد، إلى مؤسسة عسكرية خارج إطار الدولة، ولا تخضع إلى قوانينها.

ووفق آراء العديد من المراقبين، فان تصرفات المهندس الأحادية، في قيادة الحشد، وتهميش رئيسه الرسمي فالح الفياض، وتجميد عشرات الضباط الذين نسبهم رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي للعمل والمشورة في غرفة عمليات الحشد، أعطت انطباعاً، بأن أبا مهدي، هو القائد الحقيقي والفعلي للحشد، وأن الحكومة هي مجرد، غطاء سياسي ومالي فقط، وليس من حقها، التدخل في شؤونه، أو إصدار الأوامر إليه، وقد ظهرت قوة المهندس في عام 2016، عندما نجح في حشد النواب الشيعة الذين يمثلون الأغلبية في البرلمان، على سحب الثقة من وزير المالية السابق، الكردي هوشيار زيباري، بسبب مطالبة الأخير، بكشوف رواتب منتسبي الحشد، بعد تزايد الحديث عن وجود أكثر من خمسين ألف منتسب (فضائي) تُحوّل رواتبهم إلى أبي مهدي المهندس شخصياً.

 

كفة الفياض أرجح


وعموماً.. فإن من السابق لآوانه، الاستنتاج، بأن الخلافات بين الفياض ونائبه المهندس، ربما تقود إلى إقالة أحدهما، وتثبيت الآخر، فاللعبة السياسية في العراق، قائمة على ما يسمى بـ (التوافق) في كل شيء، ابتداءً من القرارات، وانتهاء بالتعيينات، رغم أن كفة الفياض محلياً، هي الأرجح، لأنه من شيعة الداخل، وأمضى سنوات، رهن الاعتقال في العهد السابق، إضافة إلى أنه ينتمي، إلى أسرة شيوخ لعشيرة (البو عامر) وهي العشيرة الشيعية الوحيدة، القاطنة، في حزام بغداد السنّي، بمنطقة (الراشدية)، بينما المهندس، واسمه الحقيقي جمال محمد جعفر ابراهيمي، فقد أمضى أكثر من نصف عمره في ايران، بعد هروبه إليها، من الكويت، لاتهمه بالضلوع في الهجوم على سفارتي فرنسا وأمريكا، في نهاية العام 1983، والمشاركة في تخطيط، محاولة اغتيال أمير الكويت السابق الشيخ جابر الأحمد الصباح، في الخامس والعشرين من آيار (مايو) 1985، واسمه مدرج في لوائح الارهاب الأمريكية، ومحكوم عليه غيابياً من المحاكم الكويتية.

 

ظهرت قوة المهندس في عام 2016، عندما نجح في حشد النواب الشيعة الذين يمثلون الأغلبية في البرلمان، على سحب الثقة من وزير المالية السابق، الكردي هوشيار زيباري


وإذا صدقت الأنباء بأن زعيم مليشيا (بدر) هادي العامري، بات يقف إلى جانب ابن عمه في العشيرة، فالح الفياض، ضد أبي مهدي المهندس، فإن ذلك يمثل تحولاً سياسياً وعسكرياً، لمصلحة الفياض، ويضمن شيئاً من التوازن في القوى، بين رئيس هيئة الحشد، المدعوم من الحكومة العراقية وقواتها العسكرية النظامية، وبين نائبه الذي يحظى بدعم الحرس الثوري الإيراني، وذراعه الضارب، فيلق قدس، بقيادة الجنرال قاسم سليماني، الذي أقام للمهندس حفل تكريم في طهران، في تموز (يوليو) الماضي، ومنحه وسام (التفوق والشجاعة) وسط مهرجان عسكري حضره قادة القوات الإيرانية، بجميع تشكيلاتها ووحداتها.

كما يلتف حول المهندس، جميع فصائل الحشد، التي يطلق عليها، صفة أو تسمية (الولائية) التي تعتبر، الولي الفقيه الايراني، على خامنئي، مرجعها الديني والسياسي الأعلى، وأبرزها عصائب الحق بقيادة قيس الخزعلي، وكتائب النجباء، برئاسة أكرم الكعبي، وسرايا خرسان بزعامة علي الياسري، وكتائب الإمام علي التي يقودها شبل الزيدي، وكتائب سيد الشهداء برئاسة أبي آلاء الولائي، وكتائب حزب الله بقيادة المهندس نفسه، إضافة إلى عشرات المليشيات المنضوية للحشد.

التعليقات (0)