مقالات مختارة

حملة الكذب والتزييف التي يشنها الإعلام في بريطانيا ضد حزب العمال بتهمة العداء للسامية

كينيث سورين
1300x600
1300x600

عندما كنت في لندن مؤخراً، بث برنامج بانوراما في تلفزيون البي بي سي حلقة لتسليط الضوء على ما قيل إنه أزمة معاداة السامية داخل حزب العمال

في حلقة برنامج بانوراما تلك، التي كانت بعنوان "هل حزب العمال معاد للسامية؟" اتهم عدد من الوشاة الذين كانوا من قبل يعملون داخل الحزب قيادة الحزب بالتقاعس عن التصدي لمعاداة السامية في صفوفه. 

 

إلا أن حلقة "هل حزب العمال معاد للسامية؟" مشوبة بعدد من الأخطاء الجسيمة..

 

فعلى سبيل المثال، ظهر فيها كل من إيلا روز وأليكس ريتشاردسون رغم أنهما كانا قد ضبطا متلبسين في برنامج وثائقي بثته قناة الجزيرة وهما يناقشان سبل تقويض النشطاء المؤيدين لفلسطين داخل حزب العمال أثناء لقاء جمعهما مع شخص يعمل في السفارة الإسرائيلية (هو العميل الإسرائيلي شاي مازوت الذي ما لبث أن طرد من بريطانيا بعد انكشاف أمره). 

أخفق برنامج "هل حزب العمال معاد للسامية؟" في التعريف بكل من روز وريتشاردسون باعتبارهما في حقيقة الأمر ناشطين مؤيدين لإسرائيل. 

وأخفق أيضاً في الإشارة إلى أن وثائقي الجزيرة كشف عن الأساليب التي تلجأ إليها السفارة الإسرائيلية بما في ذلك إعداد "قائمة بالأشخاص المستهدفين" وتشكيل مجموعات واجهة لخدمة المصالح الإسرائيلية والتصدي لأنصار القضية الفلسطينية. 

ويذكر أن روز، التي تشغل مقعداً داخل المكتب التنفيذي للحركة العمالية اليهودية، وهي مجموعة مرتبطة بحزب العمال، كانت تعمل في السفارة الإسرائيلية. أما ريتشاردسون فيعمل مساعداً لعضو البرلمان جوان ريان، التي ترأست تكتل أصدقاء إسرائيل في حزب العمال ثم تركت الحزب في نوبة سخط فجائية احتجاجاً على ما ادعت أنه سلوك جيريمي كوربين "الكاره لإسرائيل". 

وثمة حاجة لتوضيح نقطتين..

أولاً، طبعاً لا يمكن الجزم بنقاء حزب العمال تماماً من معاداة السامية، فمعاداة السامية موجودة في كل قطاعات المجتمع البريطاني، وحزب العمال ليس استثناء في ذلك. 

إلا أن استطلاعاً للرأي أجرته مؤسسة يوغوف في عام 2017 حول سلوك البريطانيين تجاه اليهود، وذلك بتكليف من الحملة ضد معاداة السامية (سي إيه إيه)، خلص إلى أن أنصار حزب العمال أقل نزوعاً نحو حمل آراء معادية للسامية مقارنة بنظرائهم في حزب المحافظين أو في حزب الاستقلال البريطاني اليميني المتطرف، بينما وجد أن أنصار حزب الأحرار الديمقراطيين هم الأقل نزوعاً نحو اعتناق معتقدات معادية للسامية. وجد الاستطلاع أن 32 بالمائة من أنصار حزب العمال لديهم على الأقل سلوك واحد معاد للسامية، بحسب التعريف الذي وضعته سي إيه إيه، مقارنة بما يقرب من 30 بالمائة في حالة حزب الأحرار الديمقراطيين و39 بالمائة في أوساط مؤيدي حزب الاستقلال البريطاني و40 بالمائة في حالة حزب المحافظين. 

ثانياً، لا بد من الاعتراف بأن رد حزب العمال على التهم الموجهة له بمعاداة السامية كان بطيئاً ومتعثراً. 

ولذلك يمكن اعتبار إقدام حزب العمال على فتح موقع جديد على الإنترنيت بعنوان "لا مكان لمعاداة السامية" خطوة مرحباً بها، فهو خطوة في الاتجاه الصحيح. 

ينزع حزب العمال نحو الانشغال بالطعن في دوافع من يتهمونه بمعاداة السامية، بينما كان حرياً به أن يركز بدلاً من ذلك على تفنيد هذه التهم نقطة بنقطة، وذلك أن كثيراً منها لا أساس له من الصحة، بل هي في كثير من الأوقات ذات طبيعة كيدية. وهذا ينطبق تماماً على برنامج بانوراما (المذكور أعلاه). 

يشترط حزب العمال على من يترك العمل لديه من موظفين أن يوقعوا على تعهدبالتزام الكتمان. وقد تكون هناك أسباب وجيهة لوجود مثل هذا التعهد في أي مؤسسة، ولكن في نفس الوقت يترك مثل هذا التعهد انطباعاً بأنه محاولة للجم وإسكات من يغادرون المؤسسة لأي سبب من الأسباب. 

ولقد نقض عدد من الموظفين السابقين في حزب العمال ممن شاركوا في برنامج بانوراما تعهدهم بالتزام الكتمان، وبالطبع زين برنامج بانوراما سلوكهم ذلك على اعتبار أنه "شجاعة في ظروف كئيبة ومأساوية في بعض الأوقات" من خلال تحولهم إلى وشاة. 

 

ربما يحتاج حزب العمال إلى إعادة النظر في استخدامه لاتفاقيات التعهد بالتزام الكتمان. ففعالية مثل هذه الاتفاقيات أثبتت أنها محدودة.

 


فعلى سبيل المثال، كان عدد من النساء من ضحايا سلوك ترامب المفترس قد وقعن اتفاقيات تعهد بالتزام الكتمان مقابل تقاضي أموال أو رشاوى، ولكنهن تحررن من تلك التعهدات فيما بعد حينما جاء الوقت المناسب، ولم يتمكن ترامب، رغم كل ما أوتيه من نفوذ وما مارسه من وعيد وتنمر، من منعهن، بل وقف أمامهن لا حول له ولا قوة. 

ما يحتاج إليه حزب العمال، ضمن أشياء أخرى، هو تشكيل وحدة لتفنيد الأباطيل والرد عليها، تكون لديها القدرة على إنتاج مادة يمكن أن تكون على البث المباشر خلال ساعات من صدور أي ادعاء باطل بوجود سلوك معاد للسامية. يمكن للفريق العامل في هذه الوحدة أن تكون لديه الصلاحيات ليتصرف من تلقاء ذاته، أو قد يكون من الأنسب إعداد هذه المادة ليستخدمها الناطقون الرسميون باسم الحزب في تصريحاتهم أو في مؤتمراتهم الصحفية.

وبدلاً من القول إن الأشخاص الذين ظهروا في برنامج بانوراما كانوا "موظفين ساخطين"، إلخ.. وهو تصريح لا يضيف جديداً ولا يفيد شيئاً، فإنه يمكن لوحدة التفنيد هذه أن تسلط الضوء على الخداع الذي مارسته البي بي سي حينما أخفت الهوية الحقيقية لكل من إيلا روز وأليكس ريتشاردسون باعتبارهما عنصرين مرتبطين بالسفارة الإسرائيلية وحينما أخفقت في الإشارة إلى الأساليب التي تستخدمها السفارة الإسرائيلية للنيل من منتقدي إسرائيل ومعارضيها بسبب معاملتها السيئة للفلسطينيين. 

ويمكن لهذه الوحدة أن تكون مفيدة على الأقل في قضية مشهورة أخرى؛ وهي قضية عضو البرلمان كريس ويليامسون، المؤيد بشدة لجيريمي كوربين، والذي صدر قرار بتجميد عضويته ثم أعيد إلى الحزب ثانية، وها هو الآن يتعرض للتجميد تارة أخرى بسبب قوله إن حزب العمال "كان اعتذارياً جداً" في تعامله مع "أزمة معاداة السامية". 

وإليكم في ما يأتي ما قاله ويليامسون بالضبط: 

"في معرض تصدينا لبلوى معاداة السامية لقد قمنا بالفعل بأكثر مما قام به أي حزب سياسي آخر، ومع ذلك فما زالت تتعرض سمعتنا للتشويه. فالحزب الذي بذل أكثر من غيره في مواجهة العنصرية يتعرض الآن للشيطنة وتلصق به تهمة العنصرية والتعصب. وعلي أن أقول إن رد حزبنا يتحمل جزءاً من المسؤولية عن ذلك، لأننا برأيي انسحبنا إلى الخلف أكثر من اللازم وقدمنا الكثير من التنازلات، وكنا مبالغين في اعتذاريتنا". 

أي أن ويليامسون كان يقول إن حزبه كان اعتذارياً أكثر من اللازم في رده على الاتهامات الموجهة للعمال بمعاداة السامية (وهي تهم في جلها مفتراة ولا أساس لها) ولم يقصد القول إن الحزب كان اعتذارياً أكثر من اللازم تجاه ما في داخل الحزب من معاداة السامية. 

ومع ذلك فقد سارع ويليامسون بالاعتذار عن عدم تحريه الاتزان في استخدام التعابير اللغوية، إلا أن الانتهازيين الذين لا يعرفون شفقة ولا رحمة، ومعظمهم من العاملين في قطاع الإعلام، ألصقوا به ما لم يكن يقصد قوله، وظلوا يروجون لذلك حتى وصموه به. 

لو كان هناك فريق مختص بتفنيد الأباطيل والرد عليها لانبرى مباشرة للرد على باطلهم ذلك، وحتى لو لم يكتب له النجاح التام في ذلك، فسيكون على الأقل قد أفلح في وقف وابل الاتهامات الباطلة الذي انهمر على ويليامسون. 

والأمر الآخر الذي يمكن لفريق وحدة تفنيد الأباطيل أن يقوم به هو الكشف عن الارتباطات المالية المباشرة القائمة بين أولئك الذين كل همهم هو إلصاق تهمة معاداة السامية بحزب العمال (وكثيرون منهم ينتمون إلى بقايا أتباع بلير داخل الحزب) واللوبي المؤيد للصهيونية داخل بريطانيا، بل وحتى مع السفارة الإسرائيلية في لندن وهو ما كشف عنه وثائقي الجزيرة المشار إليه آنفاً (وثائقي "اللوبي"). 

 

ويمكن أن يكون من مهمات فريق وحدة تفنيد الأباطيل إعداد تقرير شهري يتضمن قائمة بالبيانات المحدثة بعد بحث مستفيض لكشف هذه الارتباطات المالية. 

نظرياً لا يوجد ما يعيق الحصول على معلومات حول مَن هي المنظمات التي يتقاضى منها هذا السياسي أو ذاك دخلاً مالياً (فذلك هو ما يعنيه بالضبط الارتباط المالي بين طرفين)، إذ إن الجماعات التي تنظم الحملات سواء في بريطانيا أو في الولايات المتحدة تقدم معلومات بشكل دوري حول السياسيين الذين يتلقون دخلاً مالياً من أفراد (على سبيل المثال الأخوان كوخ في الولايات المتحدة ومناصر بريكسيت آرون بانكس في بريطانيا) أو من منظمات مثل قطاع الصناعات الدوائية (المرشح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي كوري بوكر)، وقطاع القمار (وفي هذا يبدو أن السياسيين من ولاية لويزيانا يُستهدفون بشكل خاص من قبل متبرعي هذا القطاع)، وقطاع صناعة السجائر (نبيل المحافظين كين كلارك)، وقطاع صناعة البيرة والمشروبات الكحولية، وقطاع الخدمات المالية (الديمقراطي تشاك شومر، والمعروف بسيناتور وال ستريت)، وصناعات الطاقة الكربونية (مثل عضو الكونغرس الجمهوري عن فرجينيا مورغان غريفيث في نفس الحي الذي أقيم فيه)، ولوبي السلاح الأمريكي (العديد من السياسيين الجمهوريين)، وإيباك (عدد لا يحصى من السياسيين الأمريكيين من الحزبين)، الصحافة (بوريس جونسون ومنافسه اللدود على زعامة حزب المحافظين مايكل غوف؛ كلاهما يتلقون مبالغ لا بأس بها من الصحف اليمينية بصفتهما الصحفية)، وغير ذلك كثير. 

وفي هذا المجال لا ينبغي من حيث المبدأ أن يحصل السياسيون البريطانيون والممولون لهم داخل اللوبي الصهيوني البريطاني على أي إعفاءات. 

 

كل ما يحتاج حزب العمال إلى فعله هو التصريح بالحقائق لا أكثر ولا أقل.

 


وكبادرة حسن نوايا، يمكن أن يُدعى السياسيون الذين ترد أسماؤهم في هذه القائمة لأن يدلوا بدلوهم ويتقدموا بتصحيح أو توضيح إن رأوا ذلك. 

قد يتفاجأ البعض حين يعلم أن صحيفة الغارديان، التي من المفروض أنها ليبرالية، هي التي تقود حملة "معاداة السامية" ضد حزب العمال. كثيرون هم الذي يتوهمون بشأن الغارديان ويحسنون الظن بها. 

طوال تاريخها، كانت الغارديان محسوبة على الحزب اللبرالي الوسطي، والذي يتجلى اليوم في صورة حزب الأحرار الديمقراطيين. أما دعمها لحزب العمال فيقتصر إلى حد بعيد على صعود نجم الاشتراكيين من أتباع تيار بلير داخل الحزب. 

أربعة فقط من كتاب أعمدتها الحاليين – وهم أديتياشكربورتي وجورج مونبوا وفرانسيس ريان وغاري يونغ، وكلهم له احترامه ومهابته – يعملون خارج إطار الأجندة السياسية الوسطية. 

يمثل قوة الدفع في حملة "معاداة السامية" التي تشنها الصحيفة على حزب العمال أحد كتاب الأعمدة الآخرين فيها، ألا وهو جوناثان فريدلاند. 

كان فريدلاند في مقتبل عمره المهني يعمل مراسلاً لصحيفة الغارديان في واشنطن، وكان في تلك الأيام التي لم يكن يعرفه فيها الكثيرون يذيل تقاريره ومقالاته بعنوان بريده الإلكتروني. وذات مرة، بعد أن قرأت له مقالاً شممت منه رائحة التحيز لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، أرسلت له رسالة بالإيميل أنبهه فيها إلى تفاصيل تشير إلى تأهبه المسبق في تقاريره للانحياز نحو الصهيونية. لم أتوقع أن أتلقى منه رداً، وفعلاً لم يصلني منه رد حتى الساعة. 

منذ ذلك الحين ارتقى فريدلاند داخل الغارديان وبلغ منها علواً، حتى بات الآن يشرف على السياسة التحريرية للصحيفة بشأن كل ما يتعلق بإسرائيل. ويبدو أن أمرين يشغلان بال فريدلاند بشكل خاص. 

أما الأول فهو إجبار حزب العمال على تبني تعريف معاداة السامية الأخرق، والذي خرجت به الرابطة الدولية لذكرى الهولوكوست (إهرا). 

يكتنف هذا التعريف غموض يصل إلى مستوى غاية في البؤس، لدرجة أنه لا قبل له بالوقوف أمام القانون، وهو مرفق بتشكيلة واسعة من "التوضيحات" على معاداة السامية دون أي محاولة لتوصيف، ناهيك عن تبرير، تعليل ممكن لما وقع عليه الاختيار من "توضيحات". 

وفيما يأتي نص التعريف المذكور أعلاه: 

"إن معاداة السامية عبارة عن تصور معين لليهود، قد يعبر عنه بالكراهية تجاه اليهود. تتوجه تجليات معاداة السامية، سواء كانت لفظية أو فعلية، ضد الأفراد اليهود أو غير اليهود، و/أو ضد ممتلكاتهم، وضد مؤسسات الجالية اليهودية ومرافقها الدينية".

لا خلاف على معظم "التوضيحات" بالنسبة لأي شخص لا يمارس العداء للسامية، ولكن بعضها ليست كذلك. وهذه لها في واقع الأمر علاقة مباشرة بالنشاطات الداعمة للقضية الفلسطينية، ومنها على سبيل المثال: 

+ اتهام المواطنين اليهود بأنهم يوالون إسرائيل أكثر مما يوالون مصالح الأقطار التي ينتمون إليها. 

+ الادعاء بأن وجود دولة إسرائيل مسعى عنصري. 

+ تطبيق الازدواجية في المعايير من خلال مطالبة إسرائيل بسلوك لا يتوقع أو لا يطلب من أي دولة ديمقراطية أخرى. 

+ إجراء مقارنات بين السياسة الإسرائيلية المعاصرة والسياسة النازية. 

ما من شك في أن الغاية من إيراد هذه المجموعة بالذات من "التوضيحات" هو الخلط بين انتقاد إسرائيل من جهة ومعادة السامية من جهة أخرى. 

 

إلا أن التعبيرات التي تشتمل على معاداة لإسرائيل أو معاداة للصهيونية لا تعني بالضرورة معاداة السامية.

 


بالقياس، لو أن أفريقياً (على سبيل المثال) صدرت عنه تصريحات معادية لأمريكا فهذا لا يعني أنه معاد للبيض أو معاد للمسيحية أو أي شيء من هذا القبيل. 

ولا يمتنع عن رؤية ذلك إلا شخص في غاية الغباء أو شخص متحامل حقود. 

وبناء عليه يتوجب أن يكون واضحاً لكل ذي بصيرة وصاحب ذهنية نزيهة أن إسرائيل ما هي سوى مسعى عنصري – ولا أدل على ذلك من القانون الإسرائيلي بات الآن يعتبر أن إسرائيل دولة لليهود دون سواهم وذلك على الرغم من أن عشرين بالمائة من سكانها هم من العرب. 

كما أنه لا يرقى سلوك إسرائيل بشكل عام إلى المعايير التي يمكن توقع أن تلتزم الدول الديمقراطية بها – ومن ذلك على سبيل المثال استخدام القناصة لقتل وإثخان المسعفين والصحفيين في غزة رغم أنهم يتميزون بما يلبسونه من سترات تدل على مهنهم. 

وما من شك في أن بعض جوانب السياسة والممارسة الإسرائيلية تشابه بعضاً مما كان ينتهجه أو يمارسه النازيون – ومن ذلك على سبيل المثال مصادرة مساكن الفلسطينيين وهدمها بشكل تعسفي، واستخدام الكلاب المدربة لعض أو حشر المتظاهرين، والاستخدام المتكرر للعقوبات الجماعية، واستخدام التجويع كسلاح من أسلحة الاحتلال، والإتلاف المتعمد للمحاصيل الزراعية، واستخدام القناصة لاستهداف المدنيين غير المسلحين، وغير ذلك. 

ينبغي أن توصف هذه الأمور المتشابهة بشكل واضح ودقيق ومفصل – ولا يفي بالغرض أن يقال فقط، على سبيل المثال، إن إسرائيل تشبه ألمانيا النازية، حيث سيستغل الصهاينة مثل هذه العبارة ليدافعوا عن إسرائيل بحجة أنها في أمور كثيرة أخرى لا تشبه ألمانيا النازية (ومن الواضح أن أوجه الاختلاف بينها وبين ألمانيا النازية موجودة). 

وأما الأمر الآخر الذي يركز فريدلاند اهتمامه عليه فهو الحيلولة دون أن يصل جيريمي كوربين إلى منصب رئيس الوزراء، فلطالما كان كوربين مناصراً قوياً للحقوق الفلسطينية، وقد يترتب على وجوده على رأس الحكومة البريطانية إعادة تقييم للسياسة البريطانية تجاه عدد من القضايا ومنها الموقف من حركة المقاطعة بي دي إس. 

لقد تقدمت جمهورية إيرلندا البلدان الأوروبية في اتخاذ موقف مؤيد لحركة المقاطعة من خلال حظرها لجميع المنتجات القادمة من المستوطنات غير القانونية، ويخشى الصهاينة من أنه إذا ما وصل كوربين وزملاؤه في حزب العمال إلى السلطة فقد يتجاوزون الموقف الإيرلندي ويتبنون إجراءات أكثر راديكالية، ومنها على سبيل المثال الاعتراف بالدولة الفلسطينية. 

ولذلك فإن ثمة حاجة لتوجيه سؤال واحد على الأقل إلى منتقدي كوربين المناصرين للصهيونية داخل حزب العمال (وداخل صحيفة الغارديان) الذين يتهمونه بمعاداة السامية: "إذا ما اعترف حزب العمال بقيادة كوربين بدولة فلسطين، فهل ستعتبرون مثل ذلك الاعتراف فعلاً معاديا للسامية؟".

بتواطؤ من قبل وسائل الإعلام، فقد ووجه كوربين في أكثر من مناسبة بقضايا، يعتقد بأنها كلها تقريباً مفبركة، وذلك من قبل الصهاينة داخل حزبه ومن قبل أنصارهم في وسائل الإعلام المختلفة. 

لقد آن الأوان ليقوم كوربين وأنصاره بدورهم في تحدي الناقدين الصهاينة ومنهم جوناثان فريدلاند بقضايا تحرجهم بما تشتمل عليه من حقائق داحضة، وهذا يتطلب أن يجتهد حزب العمال في صياغتها بدقة ويتحرى صدقية محتواها. 

 

(عن مجلة "كاونتربانش" الأمريكية، ترجمة "عربي21")

التعليقات (0)