ملفات وتقارير

العلاقات بين الإمارات وإيران.. تقارب أم إعادة تموضع؟

تتناقض خطوات الإمارات مع سياستها المشتركة مع السعودية منذ سنوات ضد إيران- إرنا
تتناقض خطوات الإمارات مع سياستها المشتركة مع السعودية منذ سنوات ضد إيران- إرنا

لفتت اجتماعات وفود عسكرية إماراتية وإيرانية في العاصمة طهران، لمرتين متتاليتين خلال الأسبوع الجاري، الأنظار حول خفايا التحول المفاجئ لأبو ظبي تجاه العلاقة مع جارتها، رغم تأكيد المسؤولين الإماراتيين أن التنسيق يقتصر على تعزيز وترسيخ الأمن الحدودي.


ووقّع البلدان مذكرة تفاهم الخميس، بين قائد حرس الحدود الإيراني قاسم رضائي، وقائد قوات خفر السواحل الإماراتي علي محمد مصلح الأحبابي، كثمرة لاجتماعين حملا عنوان "دبلوماسية الحدود"، وتنص المذكرة على أنه "في حال الطوارئ الحدودية يتم التنسيق بين الجانبين من خلال وسائل التواصل أو الاجتماعات الحضورية".


وتتناقض الخطوات الإماراتية الأخيرة، مع السياسة التي تنتهجها أبو ظبي بالتحالف مع السعودية منذ سنوات ضد إيران، أو ما تسميه هاتان الدولتان "الخطر الإيراني بالمنطقة".


وأمام هذا التناقض، يثار تساؤلات عدة منها، ما أسباب تغير الموقف الإماراتي تجاه طهران؟ وهل يقتصر التعاون بين البلدين على الحدود والتنسيق أم يمهد لعودة واسعة لعلاقاتهما؟.


ويجيب على ذلك، أستاذ العلاقات الدولية علي باكير بالقول، إن "علاقات الإمارات مع إيران كانت قائمة ولا تزال قائمة"، موضحا أنها "لم تنقطع خلال المرحلة الماضية بالرغم من البروبغندا الإعلامية الإماراتية التي كانت تشير إلى عكس ذلك".

 

اقرأ أيضا: "لترسيخ الأمن الحدودي".. مذكرة تفاهم بين إيران والإمارات


ويشير باكير في حديث لـ"عربي21" إلى أن "الإمارات هي أكبر شريك تجاري لإيران في الخليج، وظلت حتى فترة قريبة أكبر شريك تجاري لإيران عالميا بعد الصين".


وأظهرت تقارير أن الإمارات تصدرت قائمة الدول العربية من حيث التبادل التجاري مع طهران خلال عام 2017، بقيمة 13 مليار دولار، وتستحوذ دبي على نحو 90 بالمئة من إجمالي حجم التبادل التجاري، بينما بلغت الصادرات الإيرانية نحو خمسة مليارات دولار، فيما بلغت الصادرات الإماراتية إلى إيران نحو سبعة مليارات دولار.


وكان من المفترض أن يصل الرقم إلى 30 مليار دولار بعد توقيع الاتفاق النووي بين طهران والدول الغربية، وبحسب المصادر الرسمية الإيرانية، فإن الإمارات هي أكثر دول العالم تصديرا لإيران، إذ تشكل صادراتها نحو 30 بالمئة من واردات إيران.


ورغم ذلك، تشهد العلاقات الإماراتية الإيرانية توترا مستمرا بسبب الجزر الثلاث "طنب الكبرى"، و"طنب الصغرى"، و"أبو موسى"، المتنازع عليها بين أبو ظبي وطهران، وتقول الأولى إنها محتلة من قبل الثانية.

 

حماية المصالح


وفي هذا الإطار، يوضح باكير أن "جوهر الاختلاف الآن، هو التعاون الأمني والعسكري الحدودي، الذي يعد مدخلا لتعميق العلاقات الأمنية بين الطرفين"، معتقدا أن "جوهر هذا التغيير مرده إلى سعي أبو ظبي لحماية مصالحها أولا، وإن تناقض ذلك مع ما تطرحه خليجيا أو إقليميا أو دوليا".


ويبين أن "أبوظبي أدركت أن ترامب ليس مستعدا الآن لخوض حرب مع إيران، لاسيما بعد إسقاط الطائرة المسيرة الأمريكية، وأن الغرب كذلك ليس مستعدا للدفاع عن مصالحه بالقوة بعد قرصنة السفينة البريطانية، وأن الإمارات ستكون الخاسر الأكبر في أي تصعيد عسكري".


ويتابع باكير قائلا: "لذلك رأت الإمارات أنه من الأفضل حماية مصالحها من خلال التقارب أكثر مع إيران"، منوها إلى أن "هناك معطيات اقتصادية تضاف إلى المعطيات السياسية والأمنية، فالإمارات خسرت كثيرا جراء الحصار على قطر والمغامرات الإقليمية التي تطلبت صرف الكثير من المال".


ورأى أن أبو ظبي "تحاول الآن التعويض بالحد من التوتر مع إيران، ضاربة بعرض الحائط علاقاتها مع السعودية وأولويات العلاقات الإماراتية السعودية"، مضيفا أن "هذا الموقف سيترك تداعياته على الحساسات السعودية لاحقا"، بحسب تعبير باكير.

 

اقرأ أيضا: MEE: الإمارات تتراجع عن الضغط والتصعيد ضد إيران


وتفاقم التوتر بين الإمارات وإيران على خلفية الصراع المحتدم في اليمن منذ نحو 5 سنوات، بين القوات الحكومية مدعومة بالتحالف العربي، الذي تعد الإمارات عضوا فيه رغم انسحابها جزئيا مؤخرا، والمسلحين الحوثيين الذين تُتهم إيران بدعمهم.


كما أنه زاد التوتر على خلفية اتهام إيران باستهداف أو تحريض جماعات أخرى على استهداف ناقلات نفطية في الخليج العربي، وهو ما نفته طهران.


وتعليقا على تغير نهج الإمارات تجاه إيران، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إننا "نرحب بالتحول في سياسة دولة الإمارات"، مضيفا أن "الإمارات جارتنا كما السعودية والبحرين"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا".


وأجاب وزير الخارجية الإيراني على أسئلة صحفيين قائلا: "الإيرانيون دائما مهتمون بعلاقات حسن الجوار إذا غيروا سياساتهم، وتوقفوا عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول".


وفي الموضوع ذاته، يقول المختص بالشأن الإيراني طلال عتريسي، إن "هناك تغيرا واضحا ومحدودا في السياسة الإماراتية تجاه التعامل مع إيران، وهذا التغير ناتج عن أكثر من عامل"، مبينا أن "هناك خلافا داخليا إماراتيا في استمرار الحرب على اليمن، ومخاوف من تورط أبوظبي بالحرب".

 

علاقات محدودة


ويؤكد عتريسي في حديث لـ"عربي21" أن "دبي تخشى من الحرب كعاصمة اقتصادية، لذلك الإمارات بدأت تحسب هذا الحساب، من المخاوف الداخلية من سقوط قصف على دبي أو أبوظبي"، مضيفا أن "توقعات الحرب على إيران من الولايات المتحدة انتهت، من خلال تأكيد واشنطن أنها تريد الحوار".


ويشير إلى أن "الإمارات أخذت خطوة إلى الوراء بسحب جزء من قواتها الموجودة باليمن والاعتماد على القوات المحلية"، معتبرا أن أبوظبي رأت "أفضل السبل للتعبير عن هذا التغير هو في الحوار مع إيران، وهي تعتبر التفاهم مع إيران ممكنا، خصوصا أن الإمارات لم تسلك سبيل التحريض نفسه الذي سلكته السعودية"، على حد قوله.


وحول توسع العلاقات الإماراتية الإيرانية، يستبعد عتريسي أن تتطور العلاقات كثيرا، مؤكدا أن "الإمارات لا تريد أن تبتعد كثيرا عن الموقف السعودي والسياسات الأمريكية تجاه إيران، وهي تحاول فقط إيجاد طريق قريب من موقف الكويت على سبيل المثال، وليس مثل موقف عُمان، وتريد الحفاظ على علاقات ثقة مع إيران، لتجنب التصعيد والتهديدات".


ويشدد عتريسي على أن "ذلك لن يكون على حساب القطيعة مع السعودية والابتعاد عنها، وهي مرحلة تهدئة، واستعادة بناء الثقة من خلال الزيارات التي تمت بين البلدين منذ ست سنوات"، معتقدا أنه "يمكن أن تتطور العلاقات لاحقا بحسب الموقف من وقف الحرب باليمن أو غير ذلك".

التعليقات (0)