قضايا وآراء

الإخوان المسلمون.. تقييم المسار

ماهر عبيد
1300x600
1300x600

بشكل مُلح تحتاج جماعة الإخوان المسلمين اليوم أكثر من أي وقت مضى لإجراء حوار استراتيجي معمّق بين علمائها ومفكريها وقادتها، وتحتاج لأن تستمع لتقييمات أهل الاختصاص والمشورة من أبناء الأمة المخلصين .


هدف هذا الحوار البحث عن طريق للخروج من حالة الاستضعاف والاستنزاف من ناحية، ومن الناحية الأخرى وضع أسس الإصلاح الحضاري والسياسي للأمة، وكذلك من أجل مناقشة قضاياها الكبرى، بعد ما مرّ بها من أحداث وبعد الملاحقات والاتهامات، لا بد من مراجعات جادة وتقييمات حقيقية لمسيرتها ولمسيرة العمل الإسلامي.


المطلوب حوار يقوم على منهجية علمية شفافة يراعي الواقع ويستشرف المستقبل، ولا يقفز عن البديهيات التاريخية، ويحتاج لتقدير موقف سياسي لما يجري في المنطقة وما يُحاك ضدها.


يوجد في الغرب مئات بل آلاف المراكز البحثية وآلاف المستشرقين المتخصصين في قضايا الشرق وفكره وتاريخه وعقائده وفنونه، يعمل فيها مفكرون ورجال سياسة ورجال مال، يضعون الخطط ويتابعون تنفيذها عبر أجهزة الدول والحكومات.

 

لقد خرجت القوى الاستعمارية من البلاد الإسلامية بجيوشها وسلاحها، وأبقت نظمها وقوانينها وأدواتها في الحكم، في مجالات المال والاقتصاد والأمن، كما استمر تأثير التغريب على المناهج والتشريعات والسياسة والإعلام.


نعلم أن الإخوان المسلمين خرجوا من رحم الضعف والتمزق والجهل في فترة وجود الاستعمار وسيطرته على كل شبر من الأرض الإسلامية؛ في آسيا وأفريقيا وبقايا في وسط وشرق أوروبا.


كان للإخوان فضل أن بعثوا في الأمة من جديد - عبر دعوتهم ونشاطهم وصحفهم - في حياة المسلمين "الإسلام" الحركي العملي، عقيدة وعبادة وسلوكا، برنامج نهوض وإصلاح حضاري.


منذ بدايات عهد الجماعة ومع ظهور الأطماع الغربية والصهيونية في فلسطين، اهتمت الجماعة بفلسطين وعملت على نشر الدعوة فيها، وتنبهت للخطر الصهيوني القادم وحذرت منه مبكرا، ثم شاركت بمئات المتطوعين في مقاومة الاستعمار البريطاني والاستيطان الصهيوني منذ أيامه الأولى، وكان للإخوان شرف إيقاظ الأمة وإحياء جذوة الثورة في الشعوب وإيقاظ روح الجهاد فيها، وكان شباب الإخوان هم عمود الثورات ضد الاستعمار والاحتلال.


وكان لها -مع غيرها من العاملين- دورا مهما في الصحوة الإسلامية بتجلياتها كافة على جميع الصُعُد، وبخاصة في مجال العمل السياسي والحزبي والبرلماني، والمطالبة بمبادئ الحريات السياسية وحرية التعبير وتشكيل الأحزاب والتداول السلمي على السلطة والقبول بنتائج صندوق الاقتراع، وغيرها من أسس الدولة المعاصرة.


هذا الدور والأثر الذي أحدثته الصحوة، والمطالبة بالحريات السياسية أرّق مضاجع الأعداء، الذين يريدون أن تظل الأمة في حالة الفراغ والتبعية، لا تملك قرارها ولا تملك مواردها.


لذا وضعت القوى الغربية ومن معها من المنتفعين خططها للحرب على جماعة الإخوان المسلمين، لأنها جماعة كبيرة ومنظمة ومنضبطة ومؤهلة لإفشال مشاريعهم ومخططاتهم واستمرار سياساتهم الاستعمارية، ولأنها تشكل الخطر الحقيقي على الاحتلال الصهيوني.


برغم الحرب الدائرة عليهم منذ الأربعينيات من القرن الماضي، كان الإخوان رواد الصحوة وأهل الدعوة والتربية، وبناء الحواضن والمؤسسات، وفرسان المقاومة.


كانوا يبنون وأعداؤهم يهدمون، يصلحون وأهل الأهواء يفسدون، كانوا يصيبون في مواقف ويخطئون في أخرى، ينجزون في بلد أو في مجال، ويسبقهم خصومهم في موقع آخر.


لدى عدوهم استراتيجيون ومفكرون ورواد تخطيط، وهم بدأوا الاهتمام بهذا المجال متأخرين.


خذ مثلا الحرب الدائرة عليهم في الإعلام والفن والسينما والأدب والرواية وحتى النكتة الشعبية، مع حصار اقتصادي وحصار في لقمة العيش، وملاحقة أمنية بوليسية ومنع مستمر من العمل السياسي، ومنع من السفر، ذلك كله كان حاضرا أمام قيادة الإخوان وكان له أثره في تقدير الموقف واتخاذ القرار، فحصلت أخطاء سياسية سهّلت على العدو في حربه، ومنحته فرصة الانقضاض على مكتسبات الربيع العربي.


لهذه الأسباب وغيرها نقول لقادة الحركات الإسلامية ومفكريها: أنتم اليوم بحاجة ماسة لعقل جمعي يفكر في مصير الأمة ومستقبلها، وما السبيل للخروج من حالة الاستضعاف والحصار والملاحقة؟


يجب الإجابة عن هذه الأسئلة، أيها أجدى الإصلاحية والثورية؟ هل الأفضل الفصل بين العمل السياسي والعمل الدعوي؟ أم تذهب الجماعة باتجاه الانسحاب من العمل السياسي لمدة زمنية كما يطرح البعض؟ أو الخروج من حلبة العمل السياسي أو خوضها بأدواتها الحقيقية؟!


1
التعليقات (1)
مصري جدا
الأربعاء، 24-07-2019 01:01 م
يستطع أن يتفهمه البعض ان منصات القيادة للمعارضة المصرية الإسلامية منها والمدنية تجاوزتها طبيعة المرحلة ولم تعد مناسبه لاستكمال دورها القديم لاعتبارات كثيرة جدا منها التداعيات والآثار الكارثية التي حلت بمصر شعبا ودولة ووطن بسبب الإهدار المتكرر للفرص والتبديد الدائم للثروات والموارد المتاحة ،،، بقايا القيادات الحالية تفتقد لمقومات القيادة والإدارة المطلوبة للحاضر والمستقبل ،، تفتقد للمعلومات والكفاءات والعلاقات ،، ولا تظهر إلا في المناسبات الوطنية او الدينية او الكارثية ببيانات لا قيمة لها ،،، نحن بحاجة ل منصات قيادة جديدة قادرة على صناعة أدوات إعادة التوازن لمعادلة الصراع ،، نعم الإخوان ثروة قومية ككيان ومنهج وموارد خاصة البشري منها ،، نعم الحفاظ على بناء الجماعة وأجب وطني ،،، لكن وبكل اسف بقايا قيادات الجماعة هنا وهناك معول هدم وليست وسيلة بناء ،،، منصات قيادة جديدة ،، هذا هو الحل ،،