مقالات مختارة

«صفقة القرن»: الجميع يكسب إلا الفلسطينيين

عبد الوهاب بدرخان
1300x600
1300x600

ولدت ميتة. لن تغيّر شيئا. تقضي على «حل الدولتين». تكرّس الظلم اللاحق بالشعب الفلسطيني منذ ما يقارب القرن. تصعّد العنف والإرهاب في المنطقة. تمدّ أجل الصراع في الشرق الأوسط. تفاقم الفرقة بين الأديان والكراهية بين العالمين الإسلامي والغربي.. أو على العكس: تزرع بذور حل قائم على الازدهار الاقتصادي، وتحسّن الكثير من أحوال الشعب الفلسطيني. تمهّد لإنهاء الصراع وإقامة سلام دائم في المنطقة. تشكّل أرضية تعايش سلمي بين أبناء الديانات السماوية الثلاث... أحكام وآراء، وعكسها، سيقت طوال عامين، ومنذ بدأت إدارة دونالد ترامب تتحدّث عن «خطة السلام»، أو ما خلعت عليه اسم «صفقة القرن» تمثّلا بالمقاولات التي اعتاد عليها رجل الأعمال/ الرئيس وقد اعتمد نهج السرّية والمساومة نفسه في إعداد «الصفقة»، منتدبا لها صهره (جاريد كوشنير) وأحد مقاوليه (جيسون غرينبلات) وسفيرا أمريكيا ولاؤه الأول لإسرائيل (ديفيد فريدمان). 

بعد تردّد وتأجيل وتعديلات متتالية لم يُعرف بعد إذا كان الجانب السياسي في «الخطة» بات جاهزا للإعلان، لكن تُفتح الستارة في اليومين المقبلين على «ورشة المنامة» لعرض الجانب الاقتصادي من «الصفقة» في غياب الفلسطينيين، أصحاب الأرض والحقوق والقضية، فهم يقاطعون أمريكا وكل ما تطرحه منذ اعترف رئيسها بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها. لم يكن أمام الفلسطينيين سوى هذين: المقاطعة والغياب، لأن الجانب الأمريكي اعتبرهم أصلا غير موجودين، ولا قيمة لقضيتهم عندما اتخذ قراراته في شأن القدس، بل اعتبر أيضا أن لا قيمة لتبني العرب قضيتهم كـ «قضية مركزية». ورغم أن واشنطن تسعى إلى ترغيب الفلسطينيين بـ «صفقتها» فإنها اعتمدت حيالهم سياسة تدمير منهجي بحرمان مئات الآلاف من أولادهم التعليم والطبابة، إذ تشنّ حملة لإلغاء وكالة «أونروا»، وقطعت كل مساعداتها بما فيها تلك المخصصة للمستشفيات، ودعمت إجراءات إسرائيلية تضييقية تتراوح بين الإبادة والتجويع وانتهاك المقدسات.

قيل في تبرير قرار القدس والإجراءات التي تلته، أنها كانت ردّا على عدم تعاون السلطة الفلسطينية مع مساعي كوشنير وغرينبلات لإحياء مفاوضات متوقفة منذ أعوام. غير أن الشروط التي طرحها هذان «الوسيطان» كانت نسخة أشد تطرّفا من شروط متطرّفي الحكومة الإسرائيلية. إذ تفترض مسبقا أن ليس هناك احتلال إسرائيلي، وأن الاستيطان «شرعي»، وأن القدس إسرائيلية، وأن «حق العودة» غير قابل للنقاش، وأن الحدود ترسم بالتفاوض من دون احترام القرارات الدولية، لكن الأسوأ والأخطر أن إدارة ترامب شاركت الحكومة الإسرائيلية في التخطيط لاستغلال «سلبية» الموقف الفلسطيني بسلسلة من الترتيبات لسرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية، إلى حد أن السفير فريدمان بات يزايد على بنيامين نتنياهو في مسألة ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية. ومع ذلك فإن أمريكا تقدّم «صفقتها» على أنها مشروع نمو وازدهار للشعب الفلسطيني!

مع استثناءات قليلة، أبدت جميع الدول المشاركة في «ورشة المنامة» مأخذا رئيسيا هو أن نجاح أي مشروع اقتصادي في وضع صراعي مرتبط أولا بوجود استقرار سياسي تساهم فيه الأطراف المعنيّة جميعا. إذا ينبغي لعراب «الصفقة» أن يثبت جملة اعتبارات، منها: أولا: أن «الخطة» تحظى بانخراط تام من الطرفين، ولا يراد تنفيذها رغما عن الفلسطينيين. ثانيا: أنها تراعي القوانين والقرارات الدولية الخاصّة بحقوق الفلسطينيين و «حلّ الدولتين» المتوافق عليها دوليا. وثالثا: أنها قادرة فعلا على إقامة سلام عادل ودائم، غير أن «الخطّة/ الصفقة» بنيت أساسا على «ظروف عربية» توهم بعض العرب بتحقيق مكاسب، وتسمح للأمريكيين والإسرائيليين بإقامة حال احتلال أو استعمار دائم لفلسطين وشعبها.

عن صحيفة العرب القطرية

1
التعليقات (1)
مصري جدا
الخميس، 27-06-2019 04:38 م
بل الجميع يخسر إلا الفلسطينيين ،، الجميع يخسر المبادئ والقيم وشرف الدفاع عن المقدسات والحقوق ،، الا الفلسطينيون هم الرابحون بثباتهم وإصراره على حقوقهم ،، والأيام دول ،،،