صحافة دولية

صحيفة فرنسية: محتجو السودان في مواجهة إصرار العسكر

أكثر من 100 قتيل برصاص الجيش بعد فض الاعتصام- جيتي
أكثر من 100 قتيل برصاص الجيش بعد فض الاعتصام- جيتي

نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن إصرار المجلس العسكري السوداني على إحكام قبضته على السلطة وعدم إشراك المدنيين في الحكم.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في الليلة الفاصلة بين يومي الإثنين والثلاثاء، ألغى المجلس الانتقالي العسكري في السودان كل الاتفاقات الموقعة مع المعارضة. وعلى هذا النحو، بات الجيش يتفرد بالسلطة في البلاد.

وبينت أنه، كما في سيناريو فيلم مستهلك، ظهر رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، على شاشات التلفزيون مؤخرا ليعلن انتهاء فترة اللهو. فقد ألغيت جميع الاتفاقيات التي تم التوصل إليها منذ سقوط عمر البشير في 11 نيسان/ أبريل فضلا عن برنامج المعارضة، أي تحالف الحرية والتغيير. وبالنسبة للعسكر، لم يعد هناك أي مجال لتقاسم السلطة مع المدنيين. فبعد سبعة أسابيع، سقطت الأقنعة وظهرت الوجوه الحقيقية.

ومن أجل خلق موازنة أمام هذا الخبر السيئ بالنسبة للسودانيين، الذين خرجوا إلى الشوارع منذ أسابيع، أعلن الجنرال تنظيم انتخابات في غضون تسعة أشهر. لكن يبدو أن هذا الاحتمال لن يقنع أحدا، ذلك أن فرصة تنازل الجيش عن السلطة في هذه المناسبة ضئيلة، تماما مثلما حدث في مصر وكما يبدو أنه سيحدث في الجزائر.

وذكرت الصحيفة أن فك اعتصام المعارضة في حي النيل يوم الإثنين الموافق للثالث من حزيران/ يونيو، على حساب ما لا يقل عن 35 قتيلاً و635 جريحًا، أثبت إصرار المؤسسة العسكرية على الحصول على السلطة. وقد خضعت العاصمة يوم الثلاثاء الرابع من حزيران/ يونيو لرقابة مشددة من قبل الشرطة، وحُبس الصحفيون داخل فنادقهم.

في المقابل، نفى المجلس العسكري الانتقالي فض الاعتصام "بالقوة". لكن وفقا لمصادر عديدة، تدخلت "قوات التداخل السريع"، وهي وحدة عسكرية موازية مكونة من رجال ميليشيات الجنجاويد يقودها محمد حمدان دقلو الملقب بـ "حميدتي"، الرئيس السابق للمجلس الانتقالي العسكري.


إقرأ أيضا: إعلامي مصري: عسكر السودان يشبهون نظراءهم بمصر

 
وبينت الصحيفة أن إعادة سيطرة الجيش على دواليب السلطة يُطمئن في الواقع الأوساط الإسلامية، التي تثير لامبالاة تحالف الحرية والتغيير بمكانة الشريعة في المجتمع قلقها. كما تطمئن أيضا الحلفاء الخارجيين، أي مصر والسعودية والإمارات، الذين تتشارك معهم المؤسسة العسكرية المصالح ذاتها.

وتعتبر هذه الدول حليفا مهما يحمي السلطة العسكرية السودانية من رد فعل قوي من طرف القوى الديمقراطية الغربية، على غرار الولايات المتحدة وفرنسا. وينضاف إلى كل ذلك دعم روسيا، التي تعتبر الخرطوم قاعدة لدخول المنطقة دون الإقليمية، خاصة في إفريقيا الوسطى وليبيا. أما الصين، فهي منشغلة دوما بدعم الأنظمة الديكتاتورية الإفريقية التي تتعامل معها.

 

ونوهت الصحيفة بأن المعارضة السودانية لم تلتزم الصمت. ويعتبر تحالف الحرية والتغيير بمثابة ورقة الاحتجاج السلمي. وفي مواجهة تصميم العسكر، هل سيقبل المدنيون الخروج إلى الشوارع من جديد بأعداد هائلة من أجل دفع المجلس العسكري الانتقالي إلى إعادة فتح المفاوضات؟

وأوردت أن تحالف الحرية والتغيير "نجح في إظهار نجاعته وحس المسؤولية لديه. لكن عودة الحركات الإسلامية واختلال القوى وتصميم الجيش على سفك الدماء يقلل من حظوظ نجاحه. في المقابل، تشجع مشاكل الحياة اليومية التي دفعت السودانيين للتظاهر والاحتجاج، على غرار سعر الخبز، المتظاهرين على مواصلة المواجهة".

وعلى الصعيد الدولي، ندد الحلفاء الغرب لدول الخليج التي تدعم السلطة العسكرية السودانية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بأعمال العنف التي جدت يوم الإثنين الثالث من حزيران/ يونيو، ودعت إلى إعادة فتح المفاوضات. وكان موقف الأمين العام للأمم المتحدة يسير في هذا الاتجاه.

وأشارت الصحيفة إلى أن اختلاف وجهات النظر بين بكين وموسكو والرياض والقاهرة وأبو ظبي حول ملف السودان يقلص من هوامش تدخل القوى الديمقراطية. وعلى الرغم من أن فرنسا أصدرت بيانا يدين العنف، إلا أنها تحفظت عن تسمية المسؤولين عنه.

التعليقات (0)