ملفات وتقارير

"الإصلاح" اليمني يخرج عن صمته ويرفض عسكرة مدينة المهرة

أشار رئيس فرع الإصلاح بالمهرة إلى أنه من حق الأحزاب والمنظمات أن تطالب السلطة بتصحيح الأخطاء
أشار رئيس فرع الإصلاح بالمهرة إلى أنه من حق الأحزاب والمنظمات أن تطالب السلطة بتصحيح الأخطاء

أعلن حزب التجمع اليمني للإصلاح، لأول مرة، رفضه لعسكرة محافظة المهرة، الواقعة أقصى شرق اليمن، في موقف وصف بـ"المتقدم" في سياق الأزمة التي تعصف بهذه المحافظة.


وقال رئيس الفرع المحلي لحزب الإصلاح بالمهرة، مختار الجعفري، أمس الأول، إن الدعم الذي تحصل عليه السلطة المحلية يجب أن يسخر لدعم مؤسسات الدولة، وليس لإنشاء تشكيلات تعمل خارج سيطرتها.

 

جاء ذلك خلال مأدبة إفطار نظمها الحزب بمدينة الغيظة، عاصمة المهرة، لقيادات سياسية وحزبية واجتماعية، يوم الجمعة.

 

وأكد الجعفري أن المهرة تشهد اليوم احتقانا سياسيا لم تشهده من قبل، مضيفا أن هذه المحافظة ظلت بعيدة عن كل الصراعات التي عصفت باليمن، محذرا في الوقت ذاته من تحويلها لساحة للصراعات من أي طرف سياسي، وقال: لم يصر أي طرف سياسي على أن يجعل المحافظة ساحة للصراعات خلال الفترة الماضية.

وأشار رئيس فرع الإصلاح بالمهرة إلى أنه من حق الأحزاب والمنظمات أن تطالب السلطة بتصحيح الأخطاء.

كما دعا إلى التقارب لمصلحة  المهرة؛ لأن التاريخ سيكتب عن هذه الحقبة التاريخية فيما بعد ما الذي حدث وما الطرف الذي جرها إلى صراع أو فتنة.

ولمح القيادي الإصلاحي، الذي يشغل منصب وكيل أول محافظة المهرة، إلى أن هناك مصالح لبعض الدول (لم يسمها) من خلال الدعم الذي تقدمه للمحافظة، إلا أنه شدد على أن " أمن واستقرار محافظتهم مقدمة على كل انتماء أو دعم"، على حد قوله.

وعبر الجعفري عن أمنياته في انتهاء الانقلاب، في إشارة إلى انقلاب جماعة الحوثي، وعودة مؤسسات الدولة والمهرة في منأى عن الصراع.

مثير للانتباه

وتعليقا على ذلك، قال كاتب ومحلل سياسي يمني إن هذا الموقف مثير للانتباه؛ كونه يرفض وبشكل واضح التشكيلات الأمنية التي يجري تأسيسها بدعم من قبل السعودية، عبر حليفها راجح باكريت، حاكم مدينة المهرة.

وأضاف في تصريح لـ"عربي21"، مشترطا عدم كشف اسمه، أنه لا يمكن فهم وتفسير موقف إصلاح المهرة سوى أنه يحاول مسك العصا من المنتصف في محافظة ملتهبة.

وبحسب المتحدث ذاته، فربما يعود هذا الموقف إلى صفقة أبرمت مع السعودية لتحقيق هدفين؛ الأول لمصلحة الحكومة الشرعية برفض التشكيلات الأمنية والعسكرية التي تعمل خارج إطار الدولة، أما الهدف الثاني، فيكمن في "تحقيق مصالح المملكة في المهرة"، على حسب قوله.

وأشار السياسي اليمني إلى أن حزب الإصلاح يتمتع بثقل كبير في المهرة، من خلال شعبيته في أوساط القبائل هناك، فضلا عن كون كثير من الوجوه التي برزت في الاحتجاجات المناوئة للهيمنة السعودية وتدخلاتها هناك تنتمي سياسيا للحزب.

ولفت إلى أمر آخر، وهو أن هذا الموقف من قبل الفرع المحلي للإصلاح بالمهرة تمرد على قيادة الحزب، وذلك تحت ضغط الشارع الغاضب هناك.

واستدرك قائلا: "لا يمكن لفرع الحزب أن يظهر بهذا الموقف إلا منسجما مع قياداته العليا، فهو حزب منتظم وصارم".

ولم يستبعد أن يكون هناك ضوء أخضر حصل عليه إصلاحيو المهرة، ليقوم بدور المنقذ، ونزع فتيل الأزمة المشتعلة في هذه المحافظة الاستراتيجية.

كما أن هذا الموقف المتقدم من قبل حزب الإصلاح، وفقا للمصدر السياسي، تزامن مع تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات من لهجته الحادة ضد السعودية، وإعلانه الحرب على قوات الجيش في سيئون، ثاني كبرى مدن محافظة حضرموت، وإحدى أكبر مناطق النفوذ التابع للمملكة.

وأردف بالقول إنه "ربما اقتنعت الرياض مؤخرا أن هناك تمردا كبيرا يقوده الكيان الانفصالي، المدعوم من أبوظبي، ضد الدولة اليمنية وتواجدها، وبالتالي، لا بد من خيارات بديلة، تتمثل في "تعزيز تواجد المكونات السياسية، ومنها الإصلاح، لتكون ملتصقة بالشارع؛ حتى يسهل التفاهم معها".

وذكر أن هناك قناعة سعودية للحد من خطر المجلس الانتقالي الذي تشكل أواسط العام 2017، بتمويل إماراتي، بعدما صار يتجاوز حدوده كثيرا، وأصبح أداة عبث وتدمير، إلى جانب الاتهامات التي يسوقها ضد المملكة، والهجوم الشرس الذي يتعرض له سفيرها بشكل مستمر من قبل ناشطيه.

وتوقع السياسي اليمني، الذي رفض كشف اسمه، أن يكثف حزب الإصلاح من حراكه السياسي، خاصة في محافظات الشرق (حضرموت والمهرة وشبوة)، خلال الفترة المقبلة؛ لتقوية وجوده.

وتشهد محافظة المهرة التي توصف بأنها "بوابة اليمن الشرقية"، منذ وقت سابق من العام الماضي، حراكا شعبيا رافضا لسياسات الرياض وهيمنتها على منفذي شحن صرفيت وميناء نشطون ومطار الغيظة الدولي وإغلاقها.

تطور جديد

من جانبه، اعتبر الصحفي والناشط السياسي، عبدالجبار الجريري، ما أدلى به رئيس فرع الإصلاح بالمهرة تطورا جديدا فيما يخص موقفه في هذه المحافظة، بعدما ظل محايدا خلال الفترة السابقة.

وقال الجريري، في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن هذا التطور يعكس حجم الأخطار التي تحدق بهذه المحافظة، وهدر المال على المليشيات التي يتم تشكليها خارج إطار المؤسسات الرسمية.

وأضاف: "ينبغي على الأحزاب، وفي مقدمتها "الإصلاح"، أن يرفعوا أصواتهم عاليا لأجل وطنهم، في ظل هذا التدهور والضياع، مشيرا إلى أن الصمت عن ذلك لا يعدو كونه "مشاركة، ولو غير مباشرة، في تمزيق البلد وملشنته".

وأوضح الناشط السياسي أنه ليس مستبعدا أن ينخرط الحزب، بعد هذا الإعلان، في خضم الحراك الشعبي المناهض لتجاوزات القوات السعودية المتواجدة في المهرة منذ أكثر من عام. لافتا إلى أن ما تقوم به تلك القوات في المهرة لا يرق لأحد، بل دفعت مسؤولين حكوميين كبارا في التعبير عن امتعاضهم من وجود سعودي بهذا الشكل غير القانوني.

وباتت التحركات السعودية في محافظة المهرة المطلة على بحر العرب، الحدودية مع سلطنة عمان، محل عدم رضى من قبل السلطات الشرعية التي اعتبرتها "استفزازا لها"، وفقا لما كشفه مصدر يمني لـ"عربي21" مطلع الشهر الجاري.

اقرأ أيضا: مصدر: تحركات الرياض بالمهرة استفزت القيادة اليمنية

وفي 5 أيار/ مايو الجاري، هاجم وزير الداخلية في الحكومة الشرعية، أحمد الميسري، بشكل عنيف، التحالف العسكرية الذي تقوده الرياض، على خلفية تحركاته العسكرية في الشرق اليمني، مؤكدا أن شراكته مع الشرعية كانت لأجل التوجه نحو الحوثيين شمالا، وليس شرقا.

اقرأ أيضا: وزير داخلية اليمن يشن هجوما عنيفا هو الأول ضد السعودية (شاهد)

وبموقف الفرع المحلي لحزب الإصلاح هذا، يكون قد انضم إلى مواقف أحزاب سياسية بالمهرة، الرافضة لعسكرة محافظتهم، والمطالبة أيضا برحيل القوات السعودية منها.

التعليقات (0)