علوم وتكنولوجيا

أسرار الإنترنت القذرة.. تعرّف على المسؤولين عن تطهيرها

أصبح يحق للجميع أن تكون لهم مجموعة من الحقائق الخاصة بهم التي ستوفرها عملية التطهير الخاصة بفيسبوك- أ ف ب
أصبح يحق للجميع أن تكون لهم مجموعة من الحقائق الخاصة بهم التي ستوفرها عملية التطهير الخاصة بفيسبوك- أ ف ب

نشرت صحيفة "الغادريان" البريطانية تقريرا سلّطت من خلاله الضوء على قصص المُكلّفين بحذف المحتوى العنيف والجنسي من منصات التواصل الاجتماعي، الذين عانوا الأمرّين بسبب ما يشاهدونه يوميا حتى أن بعضهم واجه العديد من المشاكل على الصعيدين الشخصي والعملي.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إحدى النساء حاولت ترك عملها في إحدى شركات التكنولوجيا بعدما شاهدت صورا فظيعة تم خلالها التنكيل بفتاة تبلغ من العمر ست سنوات.

 

لكن سرعان ما قُوبل مطلب استقالتها بالرفض، حيث أعلمها مديرها أن كل ما سيعترضها خلال العمل هو جزء لا يتجزأ من الوظيفة التي اختارت العمل فيها.

وذكرت الصحيفة أن الصور لا زالت تطارد المرأة، التي اختارت عدم الكشف عن اسمها، حتى أن صوتها يرتعش كلما شرعت في الحديث عنها.

 

وعموما، تعد هذه الموظفة واحدة من عشرات الآلاف من المشرفين على مراقبة المحتوى الذين توظفهم الشركات في الفلبين، الذين يخضعون بدورهم لإشراف شركات التكنولوجيا الكبرى، المُكلّفين بتطهير مواقع التواصل الاجتماعي من أسوأ ما تقدمه البشرية كلما سنحت لها الفرصة.

وأفادت الصحيفة أن إحدى حلقات سلسلة "ستوري فيل" الوثائقية، التي تحمل عنوان "أكثر أسرار الإنترنت قذارة: المسؤولون عن عملية التطهير" والتي عُرضت على قناة "بي بي سي"، جمعت ببراعة الاتهامات الشخصية والسياسية بهدف نقد الجهود التي تبذلها شركات على غرار جوجل وتويتر وفيسبوك لحماية الأشخاص الذين يعملون لصالحهم.

 

بالإضافة إلى نقد البنية التحتية الاجتماعية والسياسية التي لازالت تعد الطريقة المثلى للحفاظ على سلامتنا.

وأضافت الصحيفة أن هؤلاء المشرفين على مراقبة المحتوى الذين يعملون لصالح أطراف خارجية، والذين لم يتم الكشف عن أسمائهم وأسماء الشركات التي يعملون فيها، يتمركزون في العاصمة الفيليبينية، مانيلا التي تبعد حوالي 7000 ميل عن وادي السيليكون.

 

اقرأ أيضا : غوغل تواجه الإعلانات "السيئة" وتزيل المليارات منها

 

ففي هذه المدينة، ليس أمام الفرد سوى خيارين للعمل؛ إما نبش القمامة وبيع كل ما يجده في نهاية كل يوم قبل أن يصيب مرض عضال جسمه أو الحصول على راتب مقابل نبش صفحات الإنترنت بشكل يومي.

وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء "المشرفين" مكلّفون بحذف حوالي 25 ألف منشور يوميا من مجموع ما يرسله المستخدمون إليهم.

 

وفي هذا السياق، صرّح أحد الموظفين قائلا: "إن هذا العمل يُلحق أضرارا بعقلك". وأفاد موظف آخر قائلا: "إنه بمثابة الفيروس المستقر بداخلي، حيث يخترق ذهني على مهل ويغيّر ردود فعل جسمي".

وأوضحت الصحيفة أن أحد هؤلاء المشرفين، وهو مختص في تقييم مقاطع الفيديو الحية التي يرتكب خلالها المستخدمون جرائما في حق أنفسهم، انتحر شنقا بعد أن طلب ثلاث مرات نقله من هذا القسم.

 

وعلى الرغم من أنه يمكن للموظف أن يغض بصره حتى لا يشاهد مثل هذه الجرائم، إلا أن المديرين يعودون للنظر في العديد من العيّنات الخاصة بالقرارات التي اتّخذها جميع الموظفين، وذلك من أجل التأكد من صحتها.

وفي الحقيقة، تعد الآثار السلبية المترتبة عن نظام يتم فيه تطبيق مجموعة من الإرشادات التي تفتقر إلى الدقة والتي وضعتها الشركات حتى يطبّقها أشخاص يكونون عادة لا يفقهون اللغة أو غير ملمين بسياق الفيديو أو الصورة المنشورة في غضون ثوان، لا حصر لها.

وأوردت الصحيفة أنه يتم حذف المشاهد التي تصوّر ضحايا التفجيرات من المدنيين السوريين، بشكل روتيني. من جانب آخر، تجعل القرارات الأخرى التي يتم اتخاذها، الشركات تتواطأ بشكل علني مع الأنظمة القمعية وتدعمها.

 

فعلى سبيل المثال، تحجب شركة فيسبوك أي مقطع فيديو نُشر على اليوتيوب داخل بلد معين إذا ما تقدمت حكومته بهذا الطلب عوضا عن حظره في الموقع نفسه.

ونقلت الصحيفة ما جاء على لسان تريستان هاريس، الخبير السابق في أخلاقيات التصميم في شركة جوجل، الذي اعتبر أن التضارب والتفرقة والإساءة والتصعيد، لا تعد النتيجة غير المقصودة والحتمية لهذه التكنولوجيا الجديدة.

 

في الواقع، إنها الوقود الذي يحرّك أي شيء من شأنه أن يعتمد على مشاركة الإنسان من أجل البقاء وتحقيق الإيرادات.

 

اقرأ أيضا :  أسرار لا تصدق يخفيها محرك البحث غوغل.. تعرف عليها


وفي هذا السياق، صرّح مدير المنتجات السابق في شركة فيسبوك، أنطونيو غارسيا مارتينيز، قائلا: "لقد كان من المتعارف عليه أن لكل شخص الحق في أن يكون له رأي خاص به.

 

أما اليوم، فقد أصبح يحق للجميع أن تكون لهم مجموعة من الحقائق الخاصة بهم، التي ستوفرها عملية التطهير الخاصة بفيسبوك.

ونوهت الصحيفة بتمديد برنامج "ستوري فيل" للحلقة لتصل إلى 85 دقيقة حيث سمحت للمشاهد بتأمل تداعيات التكنولوجيا الجديدة التي لا تزال غير مألوفة نسبيا بالنسبة لمعظمنا.

 

ويبقى السؤال المطروح؛ من المسؤول عن حماية هؤلاء المشرفين على المحتوى؟ وأي الشركات العملاقة، التي ستحل محل الدول المستقلة، سيكون لديها الجرأة للقيام بذلك؟

التعليقات (0)