سياسة دولية

زعيم سياسي بريطاني يجمع "متمردي" الأحزاب لمواجهة "بريكست"

تواجه بريطانيا تحديات تهدد وحدتها- جيتي
تواجه بريطانيا تحديات تهدد وحدتها- جيتي

كشف زعيم سياسي بريطاني عن سعيه لاستقطاب النواب الرافضين للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لتشكيل تحالف سياسي جديد، مشيرا إلى أن عددا من نواب حزبي العمال والمحافظين عبّروا عن استعدادهم للانضمام إليه.

وقال فينس كيبل، زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار، إن 20 نائبا على الأقل من حزب العمال وستة من حزب المحافظين يخططون للانشقاق عن قيادة الحزبين، متوقعا انضمام المزيد من ممثلي الأحزاب في البرلمان، من الرافضين للمسار الذي تتخذه عملية "بريكست" حاليا، في ظل رفض البرلمان البريطاني الصفقة التي توصلت إليها رئيسة الوزراء تريزا ماي، خصوصا بسبب "الترتيبات المؤقتة" في شمال أيرلندا، من جهة، ورفض الاتحاد الأوروبي إعادة التفاوض مجددا، من جهة أخرى.

وأوضح كيبل، في مقابلة مع صحيفة "مترو" البريطانية، أنه يهدف لتشكيل تحالف سياسي من نواب من أحزاب متعددة، بدلا من تشكيل حزب جديد؛ لأنه وفق النظام الانتخابي الحالي، سيتم "سحق الأحزاب الصغيرة"، كما قال.

 

اقرأ أيضا: بريطانيا قبيل بريكست: تمرد بالبرلمان وخطر فوضى بالشارع

ويأتي هذا بينما التقت رئيسة الوزراء، في الأيام الأخيرة" أعضاء متمردين في حزبها، من المؤيدين والرافضين لـ"بريكست"، بعد تحركات لتشكيل مجموعة عمل جديدة.

وظهرت بوادر التمرد قبل تصويت في البرلمان، الشهر الماضي، على تعديلات قانون "بريكست"، حيث هدد أعضاء في حكومة ماي بالاستقالة ما لم يُسمح لهم بالتصويت، مع تعديل يستبعد الانسحاب دون اتفاق، ما يفسح المجال أمام تأجيل الخروج. واضطرت ماي للموافقة على هذا الطلب، ولكن مع جعل التعديل غير ملزم. كما واجه زعيم حزب العمال جيرمي كوربين مواقفا مماثلا، حيث واجه تيارين متناقضين في حزبه بشأن الدعوة لتصويت شعبي ثان حول "بريكست"، في حين أن كوربين عمل على مقترح خاص به في البرلمان، ويقضي بمنح النواب صلاحية الإشراف على عملية الخروج، بحيث يتولى البرلمان وضع خيارات الخروج وخارطة الطريق، وهو ما رفضته ماي ومعها حزبها؛ لأن ذلك يعني سحب الملف من يد الحكومة. وفي النهاية، لم يمر مقترح كوربين في البرلمان.

وفي المقابل، عمل نواب من أحزاب مختلفة على التعديل بشأن استبعاد خيار الانسحاب من دون اتفاق، وهو ما تم تمريره، بعد نزع صفة الإلزامية منه، علما أن هذا هو التعديل الوحيد الذي أقره البرلمان الشهر الماضي من مقترحات عدة طرحت عليه.

لكن كيبل اعتبر أنه بينما "تكرس الشخصيات الرئيسية في حزبي العمال والمحافظين جهدها لوقف عملية بريكست، هناك في الخلف صرخات أناس يخططون لحياتهم المستقبلية"، وفق المقابلة التي اطلعت عليها "عربي21".

 

اقرأ أيضا: الاتحاد الأوروبي يرفض التفاوض بشأن "بريكست" مجددا

ولا يزال الجدل يحتدم في الساحة السياسية البريطانية بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي، في ظل تحذيرات متصاعدة من مخاطر الخروج من الاتحاد الأوروبي دون صفقة، وهو ما يتسبب بانقسامات سياسية، بين المطالبة بالمضي في إجراءات الخروج حتى دون اتفاق، وبين من يدعو لتأجيل الخروج حتى إعادة التفاوض حول المستقبل، لا سيما العلاقات التجارية، لتجنب "الترتيبات المؤقتة"، وصولا إلى مطالبات بسحب طلب الخروج نهائيا قبل حلول الموعد، وهو 29 آذار/ مارس.


ويتمسك الاتحاد الأوروبي بمطلبه بعدم عودة الحدود بين شطري أيرلندا، وضمان حرية الحركة والتجارة بين الشطرين، وهو ما يعني إنشاء نقاط حدود وجمارك بين أيرلندا الشمالية وباقي الأراضي البريطانية، ما يثير مخاوف من أن يشكل بداية للانفصال عن بريطانيا، وهو ما يرفضه الحزب الوحدوي الأيرلندي، الحزب الصغير في الائتلاف الحاكم (10 نواب)، مهددا بسحب دعمه لماي، ما يعني انهيار الحكومة، كما أن هذه الترتيبات تهدد بنسف اتفاق السلام في شمال أيرلندا.

 

اقرأ أيضا: "بريكست" يوتر الأجواء الأمنية في إيرلندا الشمالية

لكن وزير الداخلية ساجد جافيد اعتبر أنه يمكن تحقيق ذلك دون إقامة حدود حقيقية، وذلك عبر استخدام "التكنولوجيا"، في حين أكدت رئيسة الوزراء، الأربعاء، أنه ستعمل على منع قيام أي حدود، متعهدة ببقاء الحدود مفتوحة دون عوائق، بين شمال أيرلندا والأجزاء الأخرى من المملكة المتحدة.

ورغم تأكيد ماي في أكثر مناسبة خلال الأسابيع الماضية أنها لن تؤجل عملية "بريكست"، وأن الانسحاب سيتم في موعده (29 آذار/ مارس)، وستعمل مع الاتحاد الأوروبي على إعادة التفاوض حول شروط الانسحاب، أوردت صحيفة ديلي تلغراف، مساء الثلاثاء، أن محادثات سرية تجري بين وزراء في الحكومة لإرجاء العملية ثمانية أسابيع، في مسعى على ما يبدو لإفساح المجال لإعادة التفاوض مع الأوروبيين.

من جهة أخرى، لفت جافيد، في مقابلة مع "بي بي سي" الأحد، إلى أن الخروج دون صفقة قد يضطر بريطانيا لإجراء تغييرات في "القدرات الأمنية"، لا سيما المتعلقة بقواعد البيانات ومذكرات الاعتقال، موضحا أن هذه التغييرات بدأ العمل عليها بالفعل منذ عام 2015، "وقد كنا بلدا آمنا، وسنكون آمنين جدا أيضا في حال سيناريو الخروج دون صفقة"، وفق ما صرح به جافيد ورصدته "عربي21".

وسبق أن حذر أرفع مسؤول في قضايا مكافحة الإرهاب في بريطانيا، نيل باسو، من أن خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيكون أمرا سيئا بالنسبة لسياسات الأمن لكلا الجانبين؛ لأن ذلك قد يعني صعوبة تبادل المعلومات الأمنية بينهما، وهو ما يخالف ما أدلى به جافيد أخيرا.

 

وخلال الأشهر الأخيرة، عملت الحكومة البريطانية على وضع خطط "طوارئ" لمواجهة تداعيات الخروج دون اتفاق، حيث تسري مخاوف من احتمال مواجهة البلاد نقصا في المواد الغذائية والدوائية التي تستورد بريطانيا قسما كبيرا منها من أوروبا، إضافة إلى توقف حركة الطيران مع خشية تدفق لاجئين غير شرعيين عبر القنال الإنكليزي إلى الأراضي البريطانية، ويترافق ذلك مع احتمالات اضطراب الأوضاع الأمنية وتفجر الفوضى، وهو ما دفع الحكومة لتهيئة الجيش للانتشار في الشوارع لحفظ الأمن، إلى جانب مخطط طوارئ لحماية الملكة وعائلتها.

 

كما انخرطت محلات السوبرماركت الكبرى في هذه الاحتمالات، فعمدت إلى تخزين كميات كبيرة من المنتجات الغذائية والمعلبات طويلة الأجل؛ لمواجهة أي نقص في إمدادات الأغذية الطازجة، وفق ما تابعته "عربي21" في الأشهر الماضية.

 

اقرأ أيضا: الجنيه الاسترليني ينخفض مع تزايد الشكوك بشأن بريكست

التعليقات (0)

خبر عاجل