صحافة دولية

فايننشال تايمز: نقص الرجال يدفع المرأة السورية لسوق العمل

فايننشال تايمز: أصبحت النساء الآن هن العاملات اللاتي يوفرن لقمة العيش في سوريا- جيتي
فايننشال تايمز: أصبحت النساء الآن هن العاملات اللاتي يوفرن لقمة العيش في سوريا- جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أعدته تشولي كورنيش من العاصمة السورية دمشق، تقول فيه إن نقص الرجال أدى إلى دخول المرأة السورية إلى سوق العمل.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هيام حشاش كانت تقوم بغسل الأواني البلاستيكية في غرفة أرضية، فيما كان يقوم زميل لها بوضع كرات العجين المقلي في قطر يغلي. 

 

وتقول كورنيش إن هذه هي المرة الأولى التي تعمل فيها هيام (40 عاما)، التي لم تكن تتخيل أنها ستعمل يوما خارج بيتها، إلا أن حياتها انقلبت عندما قتل زوجها وابنها الأكبر، اللذان انضما للمعارضة في الحرب الأهلية السورية.

 

وتنقل الصحيفة عن هيام، قولها: "كان كل شيء جيدا حتى فقدت ابني، ولم أجد أي أحد لمساعدتي، ولهذا قررت العمل"، مشيرة إلى أنها وحيدة تعيل ثلاثة أطفال، وتعد واحدة من النساء السوريات اللاتي يعشن تحولا عميقا في دور المرأة في دولة محافظة، التي تمزق نسيجها الاجتماعي بسبب الحرب. 

 

ويلفت التقرير إلى أنه مع انتصار رئيس النظام السوري بشار الأسد، بعد ثمانية أعوام من الحرب، فإنه لا يزال هناك قتال متفرق، مستدركا بأن الحرب تقترب من نهايتها. 

 

وتفيد الكاتبة بأن الحملة العسكرية التي تقوم بها الحكومة، ومحاولات التجنيد الواسعة، قادت إلى أزمة ديمغرافية، فمن بين نصف مليون سوري قتلوا في أثناء الحرب، فإن نسبة 80% هم من الرجال، وذلك بحسب إحصائيات المركز السوري للسياسة والأبحاث، الذي وجد أن معدل الحياة لدى الرجال انخفض من 70 عاما في عام 2010، إلى 48 عاما في عام 2015. 

 

وتذكر الصحيفة أن الرجال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15- 24 عاما واجهوا تراجعا حادا في معدلات الحياة، وحاول الكثيرون منهم البحث عن ملاجئ في دول الجوار وأوروبا؛ خشية جرهم للتجنيد، أو الانتقام منهم إن عادوا. 

 

وينوه التقرير إلى أن هذا الأمر أدى إلى تداعيات اجتماعية واقتصادية ضخمة، وأصبحت النساء الآن هن العاملات اللاتي يوفرن لقمة العيش، وتشكل نسبتهن ثلث العائلات، بحسب وكالة المرأة التابعة للأمم المتحدة. 

 

وتورد كورنيش نقلا عن وائل (42 عاما)، الذي يحاول بيع ثياب الزفاف في دمشق، قوله: "أين هم الرجال؟ لو أردت لاستطعت الزواج من عشر نساء"، فيما يقول محيي الدين (48 عاما)، الذي يبيع أدوات زفاف في إحدى أسواق دمشق، إن بعض النساء يعقدن حفلات زفاف دون عرسان، "فالعريس هو في بلد آخر، ولهذا تقيم العروس حفلة صغيرة وترتدي لباس العرس، وتعبر عن بداية جديدة"، ويقوم العريس بمتابعة الحفلة من خلال رابط فيديو. 

 

وتقول الصحيفة إنه علاوة على هذا، فإن غياب الرجال أدى إلى تغير القوة العاملة، فقبل الحرب بلغت نسبة النساء في سوق العمل الخمس، بحسب أرقام المنتدى الاقتصادي العالمي، ونظرا لعدم توفر الرجال فلم يجد أرباب العمل خيارا سوى توظيف النساء. 

 

وينقل التقرير عن وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية ريما قادري، قولها: "بالتأكيد هناك عدم توازن في مستوى الذكور والإناث في سوق العمل السورية"، وأضافت: "تعد نسبة النساء أكبر من نسبة الرجال". 

 

وتشير الكاتبة إلى أن تقريرا لمركز بحث ذكر أن معدل سيدات الأعمال ارتفع من نسبة 4% في عام 2009، إلى 22% في عام 2017، لافتة إلى أن سيدة فرت مع عائلتها من الحرب في بلدة عين الطرمة، اضطرت في عمر الـ51 عاما، للقيام بأول عمل لها في دمشق، وعملت مصممة، واضطرت للعمل لأنها تريد مالا إضافيا بسبب تقاعد زوجها لأسباب صحية، حيث لا يغطي تقاعده نفقات المعيشة، وتقول: "أريد تعلم كيفية طلاء البيوت لأنني عندما تركت البيت في عين الطرمة كنت قد أنهيت طلاءه، ولا تزال رائحة الدهان هناك"، وتعيش اليوم في غرفتين مستأجرتين في حي قريب من العاصمة.  

 

وتلفت الصحيفة إلى قول دراسة أعدتها منظمات إنسانية، بينها "كير إنترناشونال"، إن حصول المرأة السورية على العمل يعتمد على مكان وجودها، خاصة أن المواقف تتباين من منطقة لأخرى، وحتى في دمشق فإن المواقف التمييزية ضد المرأة لا تزال ظاهرة. 

 

وينقل التقرير عن صاحب مصنع، قوله: "أكره العمل مع المرأة"، وأضاف: "عادة ما تحمل، وأنا آسف للقول فإنها تصرخ طوال الشهر وخمس مرات في اليوم". 

 

وتقول كورنيش إن هذه المواقف لم تمنع سارة القطاف (32 عاما)، التي تعمل في مجال برمجيات الحاسوب، التي تريد أن "تحدث ثورة تطبيقات برمجية في سوريا"، وبعد إقناع والدها بدعمها ماليا بدأت العمل في شركة "آب فيرم" في تموز/ يوليو، وبدأت تطبيقا يساعد السكان على العثور على الصيدليات التي تفتح لأوقات متأخرة في دمشق. 

 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه رغم مواجهة المرأة اختيارات تتعلق بالوظائف المصممة للمرأة، مثل التطريز والخياطة وصالونات التجميل، إلا أن قطاف تقول إنها تشعر بالمفاجأة، وليس التمييز، وتقول: "عندما تقوم فتاة درست شيئا لا يدرسه إلا الرجال، وتفتح شركة لا يفتحها إلا الرجال فإن هذا ما يثير الدهشة".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)