صحافة دولية

صحيفة إسبانية: هل يتستّر الكرملين على جرائم المرتزقة الروس؟

مرتزقة روس - جيتي
مرتزقة روس - جيتي

نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن غضّ الكرملين الروسي الطرف عن الجرائم التي يقترفها المرتزقة الروس.

 وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن البيانات الحديثة ساندت النظرية التي تشير إلى أن الصحفيين الروس الثلاثة الذين كانوا بصدد توثيق عمل مرتزقة مجموعة فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى كانوا ضحايا جريمة قتل مدبرة ومخطط لها بشكل جيد.

 ففي إحدى ليالي تموز/يوليو من سنة 2018، قُتل الصحفي أورهان جمال صحبة اثنين من زملائه وهما اليكساندر راتورغوييف وكيريل رادتشينكو في جمهورية أفريقيا الوسطى.

 وبينت الصحيفة أن هؤلاء الصحفيين الروس سافروا إلى البلد الأفريقي للقيام بتحقيق على الأراضي الأفريقية حول وجود المرتزقة التابعين لمجموعة فاغنر الروسية. وتؤكد البيانات الأخيرة أن وفاتهم لم تكن عرضية بل جريمة قتل متعمدة تم الإعداد لها بشكل جيد.

 

وقد كان هؤلاء الصحفيون ينوون تصوير فيلم وثائقي لصالح مركز إدارة الأبحاث، الذي يموله الملياردير والمعارض، ميخائيل خودوركوفسكي.

 ويتمحور هذا الفيلم الوثائقي حول شركة الخدمات العسكرية الخاصة والغامضة الروسية "فاغنر"، المرتبطة بالدائرة المقربة من الرئيس فلاديمير بوتين، وفقا لتحقيقات صحفية مختلفة. كما كانوا يرغبون أيضا في معرفة ما إذا كانت القوات شبه العسكرية الروسية متورطة في استغلال الثروة المعدنية للبلد الأفريقي.

وأوردت الصحيفة أن هذه القضية تعد من بين إحدى القضايا الشائكة، ليس لأن عمل هذه القوات شبه العسكرية في روسيا غير قانوني فحسب، بل لأن العديد من المحللين يشيرون إلى أن نشر هؤلاء "الجنود السريين" عبارة عن استراتيجية يتبعها الكرملين حتى يحظى بالتواجد داخل الأماكن التي لا يستطيع التمركز فيها بشكل رسمي. كما يعد ذلك بمثابة طريقة لتجنب سقوط خسائر بشرية وتجنب إدانة الرأي العام لدخول روسيا في الصراعات.

وأبرزت أن الصحفيين لم يتمكنوا من تحقيق هدفهم بالكامل. من جهتها، تؤكد السلطات الروسية أنهم كانوا ضحايا عملية سطو. في المقابل، أفادت سلطات أفريقيا الوسطى أن الهجوم جاء من طرف المعارضين، في بلد يغوص في انعدام كبير للاستقرار منذ سنة 2013. وفي الوقت نفسه، يدعي التحقيق الممول من قبل رجل الأعمال الروسي ميخائيل خودوركوفسكي، أن الأدلة تشير إلى أن وفاتهم لم تكن عادية على الإطلاق، بل بالأحرى جريمة قتل تمت بدم بارد.

وأضافت الصحيفة أن هذه القضية سلطت الضوء من جديد على دور شبكة فاغنر في منطقة دونباس الأوكرانية، لدعم الانفصاليين الموالين لروسيا، وفي أماكن أخرى في أفريقيا مثل السودان، وهو ما كشفت عنه العديد من التحقيقات الصحفية ووكالات الاستخبارات الأوكرانية والأمريكية. كما عكست هذه المسألة الاهتمام والنفوذ المتزايد لروسيا في أفريقيا.

 إلى جانب ذلك، تجمع اتفاقات ثنائية بين موسكو والعديد من الدول، بما في ذلك جمهورية أفريقيا الوسطى، إحدى أفقر البلدان في القارة، حيث أرسلت مجموعتان من المدربين العسكريين، بعد أن حصلت على إذن من الأمم المتحدة على الرغم من الحظر الدولي المفروض على البلاد. كما ساهمت القوات العسكرية التابعة للجيش الروسي في حماية الرئيس فوستين آركينغ تواديرا.

وأفادت الصحيفة أنه بعد سبعة أشهر من وفاته، لم يتم اعتقال أي شخص يشتبه في تورطه في جريمة قتل الصحفي الروسي المخضرم المتخصص في الشؤون العسكرية، أورهان جمال، البالغ 51 سنة من العمر، إلى جانب زميله المخرج اللامع للأفلام الوثائقية، راتورغوييف، البالغ 47 سنة، والمصور الصحفي الواعد رادتشينكو، الذي سبق له أن عمل في مناطق مضطربة أخرى مثل الشيشان.

وتشير جميع الأدلة التي جمعتها إحدى الشركات المتخصصة في أنظمة الأمن، المدعومة ماليا من قبل خودوركوفسكي، بما في ذلك صور فوتوغرافية، وسجلات المكالمات، ومقابلات الشهود، والفواتير وغيرها من الوثائق التي يفضلون عدم الإفصاح عن تفاصيلها، إلى أن هؤلاء الصحفيين كانوا ضحايا كمين مدبر.

وأضافت الصحيفة أن التحقيقات تشير إلى أنه، منذ أن داس هؤلاء الصحفيون أرض العاصمة بانغي، تعرضوا لرقابة مشددة من قبل مسؤولين من أفريقيا الوسطى، الذين يرتبطون ارتباطا وثيقا بالمرتزقة الروس. وقد أكد ذلك تسجيل المكالمات للسائق الأفريقي الذي كانوا يعملون معه، والذي نجا من هذا الهجوم ويشتبه في تورطه في هذه الجريمة.

ونقلت عن مكسيم دبار، المتحدث باسم الأوليغارشي الروسي السابق، خودوركوفسكي، أن المعدات المُكلفة والنقود التي يحملها الصحفيون الروس كانت سليمة. لذلك يستبعد أن تكون الجريمة بدافع السرقة. كما يؤكد أيضا أن "راتورغوييف تلقى رصاصتين على مستوى القلب من مسافة قريبة جدا، لقد كانت عملية قتل".

 

من جهتها، تواصل لجنة التحقيق الروسية إصرارها على أن العملية كانت بدافع السرقة. كما اتهمت المتحدثة باسم لجنة التحقيق الروسية سفيتلانا بيترينكو، خودوركوفسكي بإرسال مخبرين غير جاهزين بالشكل الكافي لأداء مهمتهم وبتأشيرات سياحية.

وقال الصحفي دينيس كوروتكوف، إن السلطات الروسية لم تعترف أبدا بأن منظمة فاغنر الروسية تعمل في جمهورية أفريقيا الوسطى، كما لم تعترف أيضا بوجود هذا الكيان الغامض والعسكريين المتعاقدين الآخرين في خط المواجهة. 


ويشير هذا الصحفي أيضا، الذي تلقى تهديدات بسبب منشوراته، إلى أن هذه المجموعة شبه العسكرية الغامضة لديها حوالي 150 جنديا منتشرين في جمهورية أفريقيا الوسطى وأن حوالي 3 آلاف من المرتزقة قد مروا عبر صفوفها. كما كشف تحقيقه وبعض الأبحاث الأخرى، عن علاقة مجموعة فاغنر بأروقة الكرملين.

التعليقات (0)