صحافة دولية

إندبندنت: أزمات السعودية والإمارات تقلق المستثمرين والعمالة

إندبندنت: أزمات السعودية والإمارات تجبر الأثرياء على نقل أموالهم والعمالة للمغادرة- جيتي
إندبندنت: أزمات السعودية والإمارات تجبر الأثرياء على نقل أموالهم والعمالة للمغادرة- جيتي

نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا أعده بورزو دراغاهي، تحت عنوان "الناس يغادرون: المستثمرون الخليجيون قلقون بعد مقتل خاشقجي واعتقال (الجاسوس) البريطاني".

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد شهر من التقلبات السياسية التي بلغت ذروتها في مقتل الصحافي جمال خاشقجي، التي أصابت دول الخليج اللامعة وطموحاتها الاقتصادية، وحولت منطقة من أكثر الأماكن وعدا للمستثمرين الدوليين والشركات ورجال الأعمال إلى منطقة محظورة.  

ويلفت الكاتب إلى أن السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تعدان بدفع عجلة النمو الاقتصادي في شبه الجزيرة العربية، قامتا بالتخفيف من خطط النمو والشد على الأحزمة، مشيرا إلى أن مستوى النمو الاقتصادي في المنطقة بلغ 0.5% عام 2017، بحسب البنك الدولي، فيما من غير المتوقع أن تكون الأرقام أفضل عندما يتم الإعلان عن أرقام 2018. 

وتنقل الصحيفة عن خبراء اقثصاديين، قولهم إن الرواتب انخفضت، وكذلك تراجعت أسعار العقارات وتجارة التجزئة وأرباح الشركات، فيما قل عدد السياح، لافتة إلى أن محللا وصف كيف يقوم زميل له في الإمارات كل عام بالضغط على صاحب العقار ليخفض أجرة البيت لا رفعه.

ويورد التقرير نقلا عن مستشار سابق في الإمارات، قوله: "الناس يغادرون.. أصبحت الحياة مكلفة للعائلات"، مشيرا إلى أنه في الوقت ذاته فإن الدين الحكومي ارتفع في السنوات الخمس الماضية من 15% لمجمل الناتج المحلي إلى 20% في الإمارات، ومن 1.5% إلى 17% في السعودية، بشكل أجبر الحكومات على تخفيض الضريبة. 

وينقل دراغاهي عن المحلل، قوله إن "الضرائب والقيمة المضافة تضيفان للأعباء.. يتساءل الناس عن سبب تغير الأحوال ولماذا لم تعد جيدة كما كانت في الماضي". 

وتقول الصحيفة إن ما يضيف إلى المشكلات هو أن الإثرياء في الخليج يقومون بنقل أرصدتهم إلى الخارج، بالإضافة إلى أن المشاريع المهمة مثل مدينة المستقبل "نيوم" وضعت على الرف، كما أوردت صحيفة "فايننشال تايمز" في الشهر الماضي، مشيرة إلى أن دبلوماسيا غربيا تحدث عن خطة الأمير محمد بن سلمان لفطم اقتصاد المملكة عن النفط، وتحديثه في عدد من السنوات بأنه ربما سيتعين عليهم إعادة تسميتها لـ"رؤية 3020".

ويفيد التقرير بأن بعض مشكلات ملكيات الخليج خارجة عن سيطرتها، فقد انهارت اسعار النفط بشكل أثر على واحد من مصادر الثروة في شبه الجزيرة العربية، مشيرا إلى أن العقوبات الأمريكية المشددة على إيران أدت إلى تعقيد علاقة الإمارات مع جارتها العملاقة في الشمال.

ويقول الكاتب إن دول الخليج تجاوزت الأزمة المالية العالمية، بل إنها عززت أهم البنى التحتية حداثة في العالم، حيث لا تزال دبي بمطاراتها وموانئها الحديثة مركزا حيويا لكل من أفريقيا وآسيا، ولا تزال السعودية واحدة من أهم الاقتصاديات العالمية وأكبرها. 

وتنقل الصحيفة عن المحلل في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة تقدير المخاطر "فيتش سوليوشنز" في لندن، أليكس دالمان، قوله: "التقدم سيكون دائما بطيئا أكثر مما كان رجال الأعمال والمستثمرون يتوقعون"، وأضاف دالمان: "إن المناخ الحالي في السعودية الضعيف للقطاع غير النفطي لا يمثل تغيرا حادا عن المناخ في الماضي، بل فشل في موافقة التوقعات الكبرى بمكاسب سريعة". 

ويشير التقرير إلى أن الخبراء يرون أن الخطوات الخاطئة التي اتخذتها دول الخليج في السنوات القليلة الماضية أضافت إلى المشكلات التي هزت صورة المنطقة اللامعة يوما ما.

ويورد دراغاهي نقلا عن الخبير في اقتصاد الخليج في جامعة رايس في تكساس، والزميل في "تشاتام هاوس" في لندن، كريستيان أولريتشسين، قوله: "خلال الأشهر الـ18 الماضية أو أكثر شاهدنا صورة الخليج بصفتها منطقة آمنة وسليمة تتعرض لضربة"، وأضاف" "نظر إليها ولوقت طويل على أنها ملجأ آمن للاستثمار وقد تعرض هذا الأمر لضربة".

وتقول الصحيفة إنه بالإضافة إلى الطريقة التي تعاملت فيها المملكة مع قضية جمال خاشقجي، فإن السعوديين والإماراتيين قاموا بفرض حصار على الإمارة الصغيرة قطر في حزيران/ يونيو 2017، ما عكر الثقة في المنطقة، مشيرة إلى أن محمد بن سلمان قام في نهاية ذلك العام باحتجاز عدد من الأمراء ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون، وأجبرهم على دفع المليارات من الدولارات مقابل الإفراج عنهم. 

ويعلق أولريتشسين قائلا: "الطريقة التي تمت فيها الأمور هزت الكثير من الناس.. لم يكن هناك حكم للقانون".

وبحسب التقرير، فإن رجال الأعمال صعقوا لرؤية العائلات السعودية وهي تقوم بإخراج أموالها للاستثمار في خارج البلاد، التي لا يملكون سلطة عليها في محاولة يائسة لإبعاد أموالهم عن الأمراء الجشعين. 

وينقل الكاتب عن رجل أعمال خليجي، قوله: "دفعت أفعاله الأخيرة (أي محمد بن سلمان)، وتجريد العائلات الثرية من أموالها، الكثير من العائلات العربية في المنطقة للقلق، وهو أن أي دولة لديها السلطة لمصادرة الأرصدة.. يتنازلون الآن عن السيطرة على أرصدتهم طالما ظلت محمية من خلال أعمال مشروعة، وركزوا على المغرب وتونس والجزائر التي لا تزال أكثر أمنا من السعودية، فيما تطلب أوروبا الكثير من المطالب". 

وتجد الصحيفة أن حادث الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، حيث تم اختطاف جمال خاشقجي وقتله وتقطيعه، إلى جانب اعتقال طالب دراسات العليا البريطاني ماثيو هيجيز في الإمارات العربية المتحدة، بناء على اتهامات وهمية، بالإضافة إلى المشاجرة السعودية مع كندا بشأن انتقاد الأخيرة سجلها في مجال حقوق الإنسان، كلها عوامل أدت إلى إخافة المستثمرين. 

 

ويذهب التقرير إلى أن هذه الحوادث أكدت تحولا في السعودية وشريكتها الصغيرة الإمارات، بشكل أخاف رجال الأعمال، ويعلق دالمان قائلا: "تحولت صناعة القرار السعودية من النظام التوافقي، والمعروف بشكل عام، إلى نموذج عمودي الشكل عرضة للتحولات المفاجئة"، ويضيف أن "هذا ولد حالة من عدم اليقين، حيث يخشى المستثمرون من أن تؤدي سياسة الحزم والتقديرات السعودية الخاطئة إلى زعزعة الاستقرار وتدمير لسمعتها".

ويبين دراغاهي أن المشكلات تضم تحولا في المواقف تجاه الوافدين، والدعاية المتشددة، وإعلام يدعم الدولة، بشكل يثبط من اهتمام المؤهلين الشباب من الخارج، الذين تدفقوا مرة إلى السعودية بحثا عن فرص عمل، مشيرا إلى أن مستشارا بارزا لوزارة الدفاع الإماراتية وجد أن نصيحته في التركيز على تدريب العاملين، وبناء أنظمة للمحاسبة بدلا من شراء الأسلحة المكلفة الثمن، نظر إليها على أنها ليست نصيحة، بل تمت إثارة الشكوك حول دوافعه.

وتورد الصحيفة نقلا عن المستشار، قوله: "يريدون رجالا يقولون نعم ولا يريدون أي تحد للسلطات"، وأضاف: "لو تبنيت موقفا حياديا ورأيا معتدلا أو نقطة مخالفة، فإنك ستتعرض لمهاجمة العناصر الموالية للدولة"، وقرر في النهاية الاستقالة من عمله، والانضمام لقافلة المغادرين لدول الخليج".

 

وينقل التقرير عن المستشار، قوله في مكالمة هاتفية من الولايات المتحدة، إنه اكتشف عدم قدرته على القيام بوظيفته، و"قرر مئات من العاملين القادمين من جنوب آسيا، العودة إلى بلادهم، بعدما تراجعت الرواتب، وفي الوقت الذي لا يزال فيه النفط هو المصدر الرئيسي للمنطقة، ولعقود طويلة، إلا أن فرصا أخرى تظهر رغم المحاولات المتكررة لجعل المنطقة مناسبة لرجال الأعمال". 

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول الخبير المستقيل: "اكتشف العاملون الأجانب أن الرواتب تنخفض، والمواقع ليست آمنة، والاستثمارات ليست موجودة.. لا توجد هناك أموال جديدة، ويعلنون كثيرا عن استثمارات دون أن يحصل شيء".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)