مقالات مختارة

الانسحاب الأمريكي من سوريا..والحلّ الكبير في المنطقة

ثريا شاهين
1300x600
1300x600
من المُبكر لأوانه الحكم على أسباب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب في غضون شهرين أو ثلاثة من سوريا، وفقا لمصادر ديبلوماسية بارزة. وهناك احتمالان يقفان وراء هذا القرار، هما: الأول، أن يأتي القرار في سياق مشروع حل كبير لأزمة الشرق الأوسط. يتم العمل لطرح الأفكار حوله في شهر كانون الثاني المقبل. وقد ألمحت الإدارة الأمريكية في الآونة الأخيرة، أنها مهتمة للحل في المنطقة، وقد تتضح معالم الخطة في هذا الشأن خلال مدة قريبة، وهو الأمر الذي سيبلور الوضع في المنطقة وعلى أساسه سيتحدد مصير الملفات العديدة المفتوحة.

والثاني، أن هذا الموقف يأتي في إطار المفاوضات الأمريكية - الروسية التي تقع في سياق التحضير للقمّة بين الطرفين في السنة المقبلة. لكن هذه المفاوضات، يحتمل أن تكون أنتجت حتى الآن ما حتّم اتخاذ الرئيس الأمريكي هذا القرار. لكن قرار الانسحاب لن يكون من دون ثمن. وهذا الثمن مرتبط بإيران وبالتفاهم على انسحابها من سوريا مع حليفها "حزب الله". ولعل هذا الاحتمال الأكثر واقعية، لا سيما أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال إثر القرار الأمريكي، إن ذلك يخلق فرصا للتسوية في سوريا. مع الإشارة، إلى أنه في السابق جرى إقناع ترامب بعدم الانسحاب من سوريا، لكنه الآن اتخذ القرار.

ولفتت المصادر إلى أنه قبل مدة اجتمع ترامب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكان الموقف التركي عدم وجود ممانعة لأن يقوم الأمريكيون بما يرونه مناسبا في سوريا. مع أن هناك أخذا وردّا في العديد من المسائل العالقة بين الطرفين. والإصرار التركي على البدء بعملية عسكرية في سوريا، أثّر على القرار الأمريكي، الذي يأتي في إطار المفاوضات الأمريكية - الروسية.

وتداعيات القرار ليست بعيدة عن التصعيد الإسرائيلي بالنسبة إلى "حزب الله" الذي تجلى من خلال قضية الأنفاق، على الرغم من أن لا قرار أمريكيا بالسماح لإسرائيل تخطي الاستقرار القائم في الجنوب. مع الإشارة إلى أن إسرائيل لم تعد، بحسب المصادر، تفرّق بين الوجود الإيراني ووجود الحزب في سوريا، ووجود الحزب في لبنان ودوره العسكري والأمني ضدها، والأخطار التي يحملها بالنسبة إليها. ومن ثم، فإن أية تسوية ستوضع في المستقبل القريب ستأخذ في الاعتبار مصير النفوذ الإيراني وحلفاء إيران.

وفي انتظار هذه المرحلة، هناك توافق دولي على إبقاء الوضع اللبناني مستقرا وهادئا، إن بالنسبة إلى الحدود الجنوبية أو بالنسبة إلى الداخل. لذلك جرى التشديد خلال الأيام الماضية أمريكيا وفرنسيا على أهمية تشكيل الحكومة. وفي حين تستبعد المصادر أن يكون هناك ارتباط بين التشكيل والمسار الحالي لملفات المنطقة، تؤكد أن المسألة داخلية بحتة، ذلك أن ضغوطا اقتصادية يجب أن تساهم في الأمر، وأن كل الأفرقاء لديها مصلحة بتشكيل الحكومة. إذا ما حصل التشكيل مضافا إلى مفاعيل مؤتمر "سيدر"، فسيعطيان جرعة إنقاذ للاقتصاد تمتد لنحو ثلاث سنوات، ثم ما يساهم في ضرورة التشكيل الضغوط التي يواجهها لبنان على المستوى الإسرائيلي.

أما بالنسبة لسوريا، فإنه يتوقع مع تسلم الموفد الدولي للأمم المتحدة الجديد لحل الأزمة السورية غي بيدرسون أن تنتعش الاتصالات الخاصة بشأن تشكيل اللجنة الدستورية. وتفاصيل الموضوع سيرتكز إلى الاتفاق الأمريكي - الروسي، وإلى الضغط الروسي على النظام للخروج بلجنة تتناسب ووثيقة جنيف، وموقف الغرب من مستقبل الوضع السوري، وهو الذي يربط إعادة إعمار سوريا بالحل السياسي.

لا شك أن القمة الأمريكية - الروسية التي تجري التحضيرات لانعقادها، ستتوج أية اتفاقات تحصل من خلال المفاوضات غير المعلنة. والتنسيق لا يزال قائما بين الطرفين، على الرغم من التصاريح ومن اعتبار موسكو أن واشنطن غير واضحة في قرار الانسحاب. لا يزال هناك المزيد من الوقت لاتضاح صورة المرحلة المقبلة، والتموضعات التي ستحصل في المنطقة.

عن صحيفة المستقبل اللبنانية
0
التعليقات (0)