قضايا وآراء

اتهام الجماعة الإسلامية بالإرهاب إفلاس للثورة المضادة

إسلام الغمري
1300x600
1300x600
يعيش معسكر الثورة المضادة حالة من الجنون والارتباك؛ بفعل الزلزال الكبير الذي أحدثه مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بطريقة بشعة في قنصلية بلاده في إسطنبول. وأشارت أصابع الاتهام لولي العهد السعودي (محمد بن سلمان) وبعض شركائه من أنظمة الثورة المضادة في المنطقة، مما جعل العالم ينتفض من هول ما رأى وسمع. وكان من تداعيات الحدث تسليط الأضواء على جرائم الثورة المضادة بحق شعوب المنطقة في مصر وليبيا وسوريا واليمن وغيرها، فضلا عن التآمر المستمر على كلا من تركيا وقطر.

وبدلا من اعتراف هذه الأنظمة المارقة بجرائمهم وتقديم الجناة الحقيقين للعدالة، إذ بهم يعمدون للبحث عن أكباش فداء أو إطلاق قنابل دخانية لمحاولة طمس أو تشويش الحقائق، فوقع اختيارهم على الجماعة الإسلامية، فقاموا بإدراجها على قوائم ما يسمى بالإرهاب مع حملة إعلامية مسعورة لا تستند إلى دليل.

ومن المستقر لدى المتابعين أن الجماعة الإسلامية قد خرجت بجبهة ناصعة البياض عقب مراجعاتها الفكرية التاريخية وممارساتها السياسية الراقية، وقد شهد لها بذلك العدو قبل الصديق.

وهنا تأتي تساؤلات: عن سر التوقيت؟ والدلالات؟

التوقيت:

يأتي هذا الإدراج الظالم للجماعة الإسلامية في توقيت مشبوه (حيث تمت عملية الإدراج بسرعة مذهلة في مسرحية هزلية لم تتجاوز الشهر الواحد).

رغم أن الجماعة الإسلامية قد أعلنت عن مبادرة وقف العنف الشهيرة بكامل إرادتها قبل عقدين من الزمان، في سابقة تاريخية أسست فيها لقواعد هامة. فعلى سبيل المثال لا الحصر: 

- الحوار بدلا من الصدام

- السياسة بدلا عن السلاح

- البناء والنماء بدلا عن الهدم والفناء

- التعايش المشترك بدلا عن الاقصاء

..مما جعل من تجربة الجماعة الإسلامية الرائدة مثالا يحترم من الأعداء والأصدقاء.

فقد أثبتت الجماعة الإسلامية صدق مواقفها بالأقوال والأفعال، حيث التزمت بالنهج السلمي في نصرة قضايا الوطن العادلة، ولم تسجل أي خرق على مدار 21 عاما، هي عمر المبادرة، كما لم تدفعها الحرية التي تولدت عقب ثورة 25 يناير 2011 إلا لمزيد من الحكمة وتغليب مصلحة الوطن، والدعوة للعفو والتسامح، حتى مع من أساء، والدعوة للتوافق والعيش المشترك، بل إن نظام الانقلاب الذي جاء عقب أحداث 3 تموز/ يوليو 2013 لم ينجر لصدام مع الجماعة الإسلامية، رغم اعتقال بعضا من قادتها وكوادرها في حملات الاعتقال العشوائية التي شملت عشرات الآلاف من أبناء الشعب المصري الرافضين للاعتداء على الإرادة الشعبية المنبثقة عن ثورة يناير. والغريب في الأمر أن يأتي هذا الإدراج في توقيت تشهد فيه الساحة المصرية هدوءا نسبيا.

الدلالات:

من المؤكد أن الأسباب الحقيقة للإدراج لا علاقة لها بالداخل المصري من قريب أو بعيد. فالواقع المصري يشهد بأن الجماعة الإسلامية ثابتة على مواقفها السلمية نصرة لقضايا الوطن العادلة، ورغم وقوع العديد من المظالم على بعض أبنائها، إلا أن ذلك لم يمنعها من طرح العديد من المبادرات من أجل انقاذ الوطن واطفاء الحريق.

ونجد أن النظام يبدو مستقرا، ولو ظاهريا، والشارع في حالة من السكون رغم الألم. وهنا يأتي سؤال: ما التفسير الحقيقي لهذا الإدراج الظالم للجماعة في هذا التوقيت رغم انتفاء الأسباب الداخلية، وعدم وجود مبرر لذلك؟!

الجواب:

بالفعل، لا يمكن أن يكون هناك سبب داخلي حقيقي فوجئ النظام به، رغم مرور أكثر من خمس سنوات على الانقلاب، ولا يمكن لجماعة قامت بتقنين أوضاعها عقب ثورة يناير من خلال الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية، وشاركت في البرلمان وصياغة الدستور، وتعمل في النور، أن تخدع نظاما بوليسيا يحكم بالحديد والنار، رغم أن كل قياداتها وكوادرها معروفون للنظام.

إذن، فالإدراج - كما أسلفنا - لأسباب خارجية محضة؛ الراجح أن تكون من صنيعة نظام محمد بن زايد وشركاء الثورة المضادة، في محاولة محمومة لفك الحصار عن حليفهم الاستراتيجي محمد بن سلمان المحشور في الزاوية بسبب أزمة اغتيال جمال خاشقجي، والتي تضيق عليه وعليهم يوما بعد آخر، رغم محاولات ترامب ونتنياهو المستميتة لإنقاذه؛ كونه كنزا استراتيجيا وبنكا ملياريا لهم. 

في الختام.. ارفعوا أيديكم عن الجماعة الإسلامية ولا تعلقوا فشلكم وخطاياكم عليها..
التعليقات (0)