قضايا وآراء

استقبال نتنياهو ليس حيادا وليس تسامحا

علي عقلة عرسان
1300x600
1300x600
"إسرائيل" كيان عنصري كريه، وإرهاب منظم، منذ نشأ وإلى أن تأتي ساعة صحو عربي وإنساني، تزيل هذا السرطان الذي يهدد القيم والمجتمعات والدول في منطقتنا وفي أجزاء من العالم.. وعنصريتها وإرهابها لا تكاد تسلم منهم أرض من أرض البشر. 

كيان عدواني

و"إسرائيل" كيان عدواني استئصالي توسعي، لا يقارن به أي كيان عنصري في التاريخ، وهي نازية جديدة متجددة، تطبِّق أساليب النازية الهتلرية بتفوق، وتمارسها في معسكرات اعتقال وإبادة هي الأوسع في التاريخ، والأطول عمراً، والأشد فتكاً، والأكثر إجراماً من كل نازية وعنصرية سبقتها، وتستند في عنصريتها إلى عقيدة هي إيمان الأكثر اكتنازاً للأكاذيب والادعاء والافتراء والاستهتار من بين بني البشر، بالحقائق وببني البشر، و"مِلَّة من البؤس الأخلاقي والإنساني يزور التاريخ، ويشوه المعتقدات".

و"إسرائيل" شرٌّ مطلق"، وكل ما يمثلها ومَن يمثلها، هو وهم رموز نجِسة للشرِّ المُطلق والخطيئة.. ولا يصح، كما لا يجوز بأي مقياس أو حال من الأحوال، وتحت أي ظرف من الظروف مهما كان، ولأية أسباب ومقاصد، أن تُلطِّخَ ضحاياها، ضحايا الشر المطلق الذي هو هي، بالنجاسة، أو تُلطَّخ أية أيدٍ بتلك النجاسة التي هي هي. 

إن "إسرائيل" تقتل الأبرياء كل يوم، وتحرق الأسر العربية الفلسطينية وأفرادها نُوَّمٌ في بيوتهم، وتحاصر ملايين الفلسطينيين بهدف الخنق التام، والإبادة المنظمة، منذ سنوات، وتعتدي بفجور ووقاحة واستباحة على الفلسطينيين في ما تبقى لهم في وطنهم الأصلي الذي تحتله، "فلسطين"، من أرض ووجود وهوية ومقدسات.. كما تعتدي على بلدان عربية تحتل بعض أرضها، منها سورية ولبنان.. وهي كيان كراهية للآخرين، وتؤسس للفتن بين المسلمين، وتقف وراء الكثير من الحروب والصراعات والأزمات التي تسببت بدمار وكوارث لأقطار عربية، ما زالت تعيش تلك الكوارث، وتُستَهدَف بالعدوان، لكي لا تبرأ ولا تأمن، ولا تنهَض.. 

امبراطورية الإفساد والإرهاب

و"إسرائيل" قامت وتقوم بأكبر حركة إفساد للعقول والضمائر والأجيال في وطننا العربي، وتتابع نهجها في تشويه الحقائق والوقائع والوثائق والتاريخ، وتفتري على الدين/الإسلام، وترهب أهله وتتهمهم بالإرهاب، وتستهدف العرب وجوداً وثقافة وعقيدة وحضارة.. وتحتل فلسطين منذ عشرات السنين، وتهود فيها ما استطاعت، ابتداء من الخليل وانتهاء بالقدس، ومن المسجد الأقصى الذي حاولت إحراقه عام 1968 إلى الحرم الإبراهيمي الذي انتهكته وقسمته.. 

و"إسرائيل" تنكِّل بالشعب الفلسطيني منذ مئة عام، تقتل أبناءه وتسجنهم وتعتقلهم في معسكرات، وتشرد الكثيرين من أبناء ذلك الشعب في أصقاع الأرض وتمنع عودتهم إلى وطنهم، وتسمح ليهود الأرض بدخول فلسطين، التي لا صلة من أي نوع لهم بها.. وهي كيان يعيش على الحرب والعدوان، وترفض أي شكل، وكل شكل من أشكال السلام، وتفسِدُ كل مسعى باتجاهه، وتَفجُر في كل مفاوضات على تلك الطريق، وتستمر في العدوان والاحتلال والتوسع والاستيلاء على الأرض، وطرد سكانها الأصليين منها.. وتمتلك أسلحة الدمار الشامل، "نووية وجرثومية وكيمياوية" منذ عام 1956، وتطور تلك الأنواع من الأسلحة المحرمة دولياً، وتهديد العرب والمسلمين بها وبغيرها من السلاح المتطور الذي تمدها به دول على رأسها " إمبراطورية الإرهاب"، وحامي العنصرية الصهيونية، الولايات المتحدة الأميركية… 

و"إسرائيل" تفعل، وتفعل، وتفعل، وكل فعلها إجرام وعدوان وشرٌّ.. ويغطيها، للأسف الشديد، ساسة في عالم منافق، عالم يجاريها ويتحالف معها في حرب معلنة بوسائل وأساليب شتى، حرب على أمة العرب، وعلى المسلمين وعقيدتهم السمحاء "الإسلام"، وعلى القيم الإنسانية السليمة، وتدعي الأخلاق، وهي أبعد ما تكون عن أي من القيم الأخلاقية.
 
مسح للخطايا

ومع هذه الكينونة العنصرية العدوانية الشاذة، والممارسات البائسة الخارجة عن كل شرع وقانون، يأتي من يمهد لمسح خطاياها، ويغسلها ليقدمها "دولة" تسعى إلى السلم، ويحابيها على حساب الحق والعدل والخَلْقِ والخُلُق والقيم، وعلى حساب أعدل قضية لشعب في التاريخ الحديث، "قضية فلسطين"، وعلى حساب أكثر شعوب الأرض في التاريخ الحديث، تمسكاً بأرضه وحقه ووطنه وهويته، وأشدها معاناة وتعرّضاً للاضطهاد، ولأشكال الإبادة المعنوية والمادية، ولمسلسل الحصار والطرد والقمع والقتل، ولإرهاب هو الأقذر، من " كيان إرهابي في العالم - إسرائيل" محمي بتواطؤ ممن يدعون أنهم يحاربون الإرهاب..

شعب يتعرض وتتعرض قضيته العادلة إلى تواطؤ سياسي دولي مكشوف، منذ نيف وسبعين عاماً.. وكل ذلك يأتي على حساب ذلك الشعب البطل المظلوم، الشعب الفلسطيني، وعلى حساب أمته العربية، وتاريخها، وحقوقها، وأرضها، ومقدساتها، وكرامتها، وشهدائها/ شهدائه الذين يعدون بمئات الآلاف، ممن قضوا على طريق "القضية المركزية العربية ـ قضية فلسطين"؟!.. 

فأي منطق من بعد هذا، وأية سياسة، وأية أسباب أو مسوِّغات أو تطلعات أو.. أو..، تسمح بذلك، وبالتواصل والتقارب والوثوق بكيان هو "الغدر والخبث والشر والمكر"، سواء لعرب من العرب، أو لمن يدعون صداقة العرب، ولمن يمارسون اللغو في موضوع الأمن والسلم والعدل وحقوق الإنسان..

ظلم للشعب الفلسطيني

أي منطق يسمح بذلك؟! وأي  تلحُّف بالسلام، وتمظهر بالنيات الحسنة، يمكن أن يسوٌّغ الإقبال على عدو الإنسانية، ومركز الشر، ومنبع العنصرية والإجرام والإرهاب، وقَبولَه، والإقبال عليه، وتطبيع العلاقات معه.. فضلاً عن التحالف معه؟! وأية خطيئة لا يمكن أن تُغتفر، تلك التي تُرتَكَب بحق شعب فلسطين المناضل المظلوم، وقضيته العادلة.. وبحق أمة عربية مجيدة، زاد تنكيل  بعض أبنائها بها عن تنكيل بعض أعدائها بها، وهي أمة مجيدة باقية وستبقى، على الرغم مما هي فيه الآن من أحوال وأهوال، وعلى الرغم مما يستهدفها، ومن يستهدفها؟!. وهي أمة ستنهض لا محالة..؟! 

أي مَطْهَر يمكن أن يغسل الشر الصهيوني العنصري المطلق من جرائمه وقذاراته، ويُلَمِّعه ويقدمه للعالم، ولأبناء أمة العرب من بين أبناء العالم، على أنه "خير؟!"، وأية أرض يمكن أن تسلم تلويث عنصري نَتن لها، وإرهابي مجرم عريق، وإرهابي بالفطرة، هو نتنياهو وفريقه من القَتَلَة العنصريين، وسابقيهم من رموز الصهيونية، واليهودية الصهيونية العنصرية، من عهد يوشع بن نون، إلى يوم الدينونة والدين، إن بقي من ذاك النسل من المجرمين العنصريين حي يقول بما يقولون، ويدين بما يدينون، من عدوانية وفكر عنصري بائس مأفون؟!

شراكة في الجريمة

إنَّ من المعروف أن قَبول واستقبال نتنياهو، ممثل كيان الإرهاب والجريمة والاحتلال والعدوان والشر الصهيوني المُطلق " إسرائيل".. في مدينة مسقط، ليس هو الإستقبال العربي الأول لهذا المجرم ولأمثاله من رموز الصهيونية الذين سبقوه أو عاصروه.. فهناك عدد لا بأس به من البلدان العربية استقبَلت مِن قَبْل، في السر والعَلَن، بعض هذه النماذج البشرية الشاذة وأشباهها.. فهناك: "المغرب، ومصر، والأردن، والإمارات، والبحرين، ولبنان في ظروف الإحتلال والعدوان، و.."، وهناك من استقبل ويستقبل صهاينة في بلدان عربية أخرى، وينسق مع كيان الإرهاب تنسيقاً أمنياً وسياسياً في السر وشبه العلن.. وحكم السر في هذا كحكم العلن، فحين تتعاون مع عدو مجرم، يحتل أرضك، ويقتل شعبك، ويدنس مقدساتك، ويستهدف وجودك، ودينك، وثقافتك، وهويتك.. 

لا تكون محايداً ولا متسامحاً ولا مصالحاً، هذا إذا لم تكن شريكاً مع المجرم بارتكاب الجريمة، وإن بدرجة أقل من درجته، من الناحية الجرمية.

إننا نرفض كل شكل من أشكال التواصل، والتقارب، والاعتراف، والتطبيع، والتنسيق مع العدو الصهيوني العنصري المُحتل لأرضنا، فلسطين.. ونؤكد ما قلناه وأكدناه منذ نشأنا، ووعينا، وقرأنا، وكتبنا.. أن صراعنا مع العدو الصهيوني هو صراع وجود، وليس نزاعاً على حدود، وأننا نرفض الاعتراف به ومن ثم نرفض كل شكل من أشكال التطبيع معه، ونرى ونعتقد أنه يمثل عدواناً واحتلالاً بالقوة لن يُزال بغير القوة.. وكان موقفنا من المبادرة العربية عام 2002 رفض لها، لأنها تعطي العدو جزءاً من وطننا الذي احتله بالقوة، وتعترف به، على حساب الحق والعدل، وفي ذلك تفريط، وراءه أشياء كثيرة وأشياء.. 

إن ما نقوله، وما نعتنقه من أفكار، ونأخذ به من مواقف، هو قضية أمّة ومسؤوليتها، وقضية بلدانها وأجيالها، وقضية ترتبط بالمصير والكرامة والمكانة.. ولا بد أن تنتصر القضية العادلة عندما يكون وراءها مدافعون عنها، ومؤمنون بعدالتها، ولا يوجد أعدل من قضيتنا "قضية فلسطين"، لكن لا يوجد مسؤولون منا يعتنقونها قضية أمة، بل يوجد من يتملصون من المسؤولية عنها، ويتلاوذون بقطريات جعلوها أولاً، وأكبر من الأمة، الأمر الذي تسبب في ضعفهم وتبعيتهم وتدمير قوى الأمة؟!.. إننا مطالبون بأن نعمل لنستعيد حقوقنا وكرامتنا ومكانتنا في الوجود.. وهذا أقل من واجب، وأكثر من مطلوب.. وقل اعملوا.. واعملوا.. واعملوا.. واتحدوا في رؤى ومواقف، ففي الاتحاد قوة، والاتحاد أحد مداخل امتلاك القوة، والتوجه نحو النهضة والنصر.
والله ولي التوفيق.
التعليقات (0)