صحافة دولية

الجزائر.. حرب شرسة بين جهازي المخابرات خلف الكواليس

الجزائر تعيش مؤخرا على وقع أزمة على الصعيد المؤسساتي- فيسبوك
الجزائر تعيش مؤخرا على وقع أزمة على الصعيد المؤسساتي- فيسبوك
نشرت صحيفة "موند أفريك" الفرنسية تقريرا ذكرت فيه أن جهاز المخابرات الجزائري المعروف باسم دائرة الاستعلام والأمن، بقيادة الجنرال عثمان طرطاق، دخل في حرب خلف الكواليس مع جهاز المخابرات العسكرية الذي يشرف عليه رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني، أحمد قايد صالح.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إن الرئيس الجزائري الراحل، هواري بومدين، كان قد تحدث عن السلطة في الجزائر، مشيرا إلى أن "الجيش يشكل العمود الفقري للبلاد والمخابرات تمثل نخاعها الشوكي". وإلى غاية اليوم، لا زالت هذه التصريحات تنطبق على ما يحدث اليوم في الجزائر.
 
وأفادت الصحيفة أن الجزائر تعيش مؤخرا على وقع أزمة على الصعيد المؤسساتي، حيث يطالب رئيس حزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، باستقالة رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري، السعيد بوحجة، وطرده من الحزب. ويبدو أن سبب هذا الخلاف يعود إلى تهديدات بحل البرلمان، وتعديل الدستور، وإنشاء منصب نائب للرئيس، وتأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي من المقرر انعقادها خلال سنة 2019.

وأشارت الصحيفة إلى أن سبب هذا التوتر، الذي يهز الطبقة السياسية، يعود إلى الحرب الدائرة خلف الكواليس بين أجهزة المخابرات الجزائرية، حيث من الممكن أن يسقط الجنرال عثمان طرطاق، المعروف باسم "بشير"، الذي يشغل حاليا منصب "منسق" بين أجهزة المخابرات الجزائرية. 

وقد عُرف طرطاق، أيضا، خلال الحقبة السوداء بعدائه للإسلاميين، أما الآن فهو معروف بعدائه للجنرال قايد صالح.

تجدر الإشارة إلى أن قايد صالح قاد حملة تطهير كبرى خلال الصيف الماضي شملت صفوف الشرطة والجيش، حيث أضحى هذا الرجل بمثابة مركز ثقل السياسة الجزائرية. وقد استعان قايد صالح في ذلك برجال من جهاز المخابرات العسكرية الذين يتمتعون بنفوذ هام مع توليهم النظر في الملفات القضائية الخطيرة في خصوص قضية الكوكايين التي مست جزءا كبيرا من الطبقة السياسية والأمنية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في خضم هذه الحرب، لم تتوقف حاشية الرئيس بوتفليقة خلال الأسابيع الأخيرة عن مهاجمة رئيس المجلس الشعبي الوطني، السعيد بوحجة، رغم أنه يحظى بالاحترام نظرا لانتمائه "للمجاهدين". 

وينتمي بوحجة منذ القدم إلى جبهة التحرير الوطني. مع ذلك، بات رئيس المجلس الشعبي الوطني شخصا يجب إسقاطه في نظر الشق الغربي، خاصة وأن بوحجة من مواليد ولاية تقع في أقصى شرق البلاد على غرار قايد صالح، وهو ما جعل كلا الرجلين مقربين.

ومع الغياب المفاجئ للرئيس بوتفليقة الطاعن في السن عن الأضواء، وتعكر صحة رئيس مجلس الأمة، الذي يعوض بحسب الدستور الجزائري رئيس الجمهورية مؤقتا، قد تتم تسمية رئيس المجلس الشعبي الوطني على رأس الدولة إلى حين الاستعداد للانتخابات الرئاسية. لكن هذا السيناريو لا يروق لا للحاشية المحيطة ببوتفليقة، ولا للوزير الأول، أحمد أويحيى، أي للذين لا يخفون طموحاتهم الرئاسية.

وذكرت الصحيفة أنه من جانبه، أخذ السعيد بوحجة في التحرك من أجل تحقيق هذا الانتقال السلمي، حيث تحدث البعض عن لقاء جمعه مؤخرا بالوزير الأول السابق في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد، الكولونيل مولود حمروش، أملا في أن يقدم نفسه كخليفة لبوتفليقة ينال رضا الجيش. لكن المعني بالأمر كذب ذلك في الصحافة الجزائرية. ويبقى الأخطر من ذلك بالنسبة لحاشية بوتفليقة، إقالة السعيد بوحجة للأمين العام للمجلس، الذي مر عبر الجنرال طرطاق إلى مجلس النواب.

وأضافت الصحيفة أن المعركة أخذت تحتد على الجبهة الإعلامية، حيث يوجه كلا الطرفين الضربات لبعضهما البعض، على غرار ما قام به مدير قناة "النهار" وموقع "ألج24"، أنيس رحماني، الذي لا علاقة له بأطراف الصراع لكنه يحظى بدعم سعيد بوتفليقة، شقيق رئيس الدولة. وقد قام رحماني بحركة متهورة حين سمح بنشر وثيقة على موقع "ألج24" تستنكر عجز رئيس جهاز المخابرات، الجنرال طرطاق، عن إيجاد تسوية لحل الأزمة السياسية، كما فعل سلفه والزعيم الفعلي للجزائر إلى حدود عام 2015، الجنرال توفيق. كما أشادت الوثيقة ذاتها بقوة شخصية رئيس المجلس الشعبي الوطني، السعيد بوحجة.
 
وأكدت الصحيفة أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، حيث مع تعرض صاحب الوثيقة، الصحفي إسماعيل جربال، إلى تهديدات باستجوابه لدى مخابرات طرطاق، لم يتردد مدير قناة "النهار" في مهاجمة "منسق" أجهزة المخابرات بقوة خلال مكالمة هاتفية جمعته بأحد المتعاونين مع طرطاق.
 
وقد جاء في هذه المكالمة أنه "إذا أردت التحدث للصحفي الذي يعمل لصالحي، فقم بإصدار بطاقة إيقاف في حقه، وسنمدك بالإجابة". وفي محاولة لإهانة طرطاق أكثر، تم نشر المحادثة الهاتفية على العلن، في سابقة فريدة من نوعها في الجزائر. لكن، يبدو أن أنيس رحماني يحظى بدعم طرف رفيع المستوى في الدولة. فهل ينتمي هذا الطرف إلى العسكر؟ أم أنه سعيد بوتفليقة نفسه الذي تخلى عن طرطاق؟

وأضافت الصحيفة أن موازين القوى لا يبدو أنها تميل اليوم لصالح أصدقاء الجنرال طرطاق، الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الإقالة عوضا عن تعزيز مكانته.  ويبقى الاتفاق على تسمية خليفة للرئيس رهينة التوافق بين مؤيدي عبد العزيز بوتفليقة وبين المقربين من رئيس أركان الجيش الشعبي، قايد صالح، وهو ما قد يتطلب بضعة أسابيع أو أشهر طالما أن النظام الجزائري تعود على أن تدوم السلطة له.


 
التعليقات (0)