حقوق وحريات

وفاة كفيف عاطل يشعل التواصل ويحرج حكومة المغرب (شاهد)

طالب عدد من النشطاء بإقالة وزيرة التضامن والأسرة، بسيمة الحقاوي، من منصبها - عربي21
طالب عدد من النشطاء بإقالة وزيرة التضامن والأسرة، بسيمة الحقاوي، من منصبها - عربي21

لقي أحد العاطلين عن العمل المنضوي تحت لواء "التنسيقية الوطنية للمعطلين المكفوفين حاملي الشهادات بالمغرب"، ليلة أمس الأحد، مصرعه بعد سقوطه من سطح مبنى وزارة الأسرة والتضامن بالرباط، خلال اعتصامه رفقة زملائه للمطالبة بالتوظيف المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية، ما خلف صدمة واستياء عارما في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي.
 
وكان العشرات من المكفوفين المنضويين تحت لواء التنسيقية قد اقتحموا مقرّ وزارة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية 26 أيلول/ سبتمبر الماضي بالقوة، من أجل المطالبة بإدماجهم المباشر في الوظيفة العمومية، واعتصموا فوق سطح مبنى الوزارة، مهددين بالدخول في إضراب مفتوح عن الطعام في حال لم تتدخل الجهات المسؤولة للاستجابة لمطالبهم.

وقال عدد من أعضاء تنسيقية المعطلين المكفوفين في تصريحات متفرقة لـ"عربي21"، إن اقتحامهم لمبنى وزارة التضامن جاء بعد سنوات من النضال لم تسفر عن أي نتيجة، حيث استعملت الوزارة معهم سياسة الآذان الصماء، والتجاهل لمطالبهم التي وصفوها بـ"المشروعة".

وأوضحت المصادر ذاتها أن ما يقارب 30 عضوا في التنسيقية اقتحموا مبنى الوزارة واعتصموا في سطحها، ما دفع بالسلطات الأمنية إلى تطويق مبنى الوزارة، مشيرين إلى أنه بعد مرور أسبوع على الاعتصام أقدمت السلطات على قطع التيار الكهربائي والماء عن المبنى ومنعوا عنهم الطعام لإرغام المعطلين المكفوفين على فض معتصمهم، الأمر الذي دفعهم للتهديد بالدخول في معركة "الأمعاء الفارغة".

 

اقرأ أيضاتقرير رسمي بالمغرب: الفقر والبطالة.. تجاوزا حدود المقبول

ورفع المكفوفون المعطلون خلال اعتصامهم الذي دخل يومه الثاني عشر، شعارات تندد بسياسة "اللامبالاة" التي تنتهجها الحكومة تجاه ملفهم، في مقابل أخرى تطالب بالإدماج المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية وتوفير العيش الكريم، ورد الاعتبار لهذه الفئة المحرومة من المجتمع المغربي.


                                 

الحكومة لم تطبق مرسوم "الكوطا"
كشف مصدر من داخل وزارة التضامن والأسرة، في تصريح لـ"عربي21"، أن وزارة التضامن والأسرة هي الوحيدة التي التزمت بـ"مرسوم الكوطا في المناصب العمومية للأشخاص في وضعية إعاقة" بخلاف باقي الوزارات.


وقال المصدر ذاته، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن مسؤولا في السلطة المحلية طلب من الوزيرة بسيمة الحقاوي أن تعد المعطلين المعتصمين بالتوظيف، إلا أنها رفضت المقترح وقالت: "لا أستطيع الكذب عليهم، باعتبار أنه لا سلطة لدي في هذا الأمر، وأن الحل بيد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني من خلال تطبيق المرسوم القاضي بمنح نسبة 7 بالمئة للمعطلين المكفوفين في المباريات التي تعلنها الإدارات العمومية والذي لم يفعل لحد الآن".


وسجل المصدر أن الوزيرة بسيمة الحقاوي رفضت تدخل رجال الأمن بعد تكسير المكفوفين المعطلين للبوابة الرئيسية لمقر وزارتها وباب المطبخ للوصول إلى سطح المبنى.


وأوضح أن الوزيرة طلبت من المكفوفين المعتصمين التفاوض معهم على أساس فض معتصمهم، إلا أنهم رفضوا ذلك.


حريصون على السلامة
أكدت وزارة التضامن والأسرة في بلاغ لها توصلت "عربي21" بنسخة منه، أنها كانت حريصة على السلامة الجسدية للمعتصمين، حيث طالبت "مرارا الجلوس إلى طاولة الحوار، وشددنا على ضرورة نزولهم عن السطح خوفا على سلامتهم، خاصة أنهم قد أغلقوا الأبواب من الداخل، مما عقد من مهمة السلطات المعنية".


وشددت الوزارة على أنها حرصت منذ أول يوم على فتح كافة قنوات الحوار الممكنة، سواء بالتواصل المباشر مع ممثلي المعنيين أو بالمحادثات الهاتفية، قبل أن تباشر السلطات المحلية حوارها مع المعتصمين، نظرا لخصوصية الوضع أمنيا، حيث تم عقد سلسلة من الاجتماعات الحوارية لم تفض إلى أي نتيجة جراء استمرار تشبثهم بمطلب التوظيف المباشر والاستثنائي. 


وأكدت الوزارة أنها ستواصل جهودها "لاعتماد المباراة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، تحت إشراف اللجنة الوطنية الدائمة لدى رئاسة الحكومة المكلفة بتتبع سير المباريات الخاصة. ومن المنتظر أن تنظم المباراة الخاصة الأولى نهاية هذه السنة"، كما أكدت التزامها "تطوير خدمات صندوق دعم التماسك الاجتماعي المتعلقة بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، بما ييسر الاستفادة من تمويل الأنشطة المدرة للدخل، الذي يصل إلى 60 ألف درهم، مع توسيع وعاء المستفيدين ومجالات المشاريع المقدمة، وكذا تطوير آليات العمل".


وأوضحت الوزارة، في بيانها، أنها ستعمل على تضمين قانون المالية للسنة المالية 2019 بند لتيسير تنظيم المباراة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة للتحقيق الفعلي لنسبة 7 بالمئة (تنزيلا للمرسوم ذي الصلة).

 

اقرأ أيضاملك المغرب يتأسف من نسبة البطالة المرتفعة.. ويقدم حلولا

وأعلن المعتصمون، الأحد الماضي، في بيان، فشل الحوار مع كل من وزارتي الداخلية، والتضامن والأسرة، وحملوا المسؤولية للسلطات "عن كل ما يمكن أن يصيبهم، خلال الأيام المقبلة".

ورفض المعتصمون، في تصريح لـ"عربي21"، مقترحا حكوميا يقضي بتفعيل نسبة 7 في المئة من المناصب العمومية لصالح فئة المكفوفين سنة 2019، أو تمكينهم من مشاريع المقاولات الصغرى، باعتبار أن هذه الوعود هي حبر على ورق من أجل إسكاتهم، وشددوا على تمسكهم بخيار الحصول على وظيفة عمومية كحل وحيد.

التقرير الطبي
خلُص التقرير الطبي إلى أن العاطل المكفوف المتوفى (34 عاما)، لقي مصرعه نتيجة سقوطه من أعلى بناية الوزارة، لافتا إلى السقوط كان عرضيا.

وفي بيان لها، قالت وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، إن السلطات المعنية فتحت تحقيقا في الحادث تحت إشراف النيابة العامة لمعرفة ملابساته. 


وأضافت الوزارة أنه مباشرة بعد سقوط الكفيف المعطل من الجهة الخلفية للبناية تم نقله عبر سيارة الإسعاف التي كانت مرابطة جنب الوزارة طيلة مدة الاعتصام، وقد وافته المنية في طريقه إلى مستشفى ابن سينا، معبرة عن "عميق الحزن والأسف على هذا الحادث الأليم".

إقالة الوزيرة
وفور تداول فيديوهات لحادث سقوط الكفيف المعطل من أعلى مبنى وزارة التضامن والأسرة، طالب العديد من نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي بإقالة وزيرة التضامن والأسرة، بسيمة حقاوي، من منصبها وتحميلها المسؤولية عن حادث الوفاة.










برلمانيون على الخط
وجه الفريق الاشتراكي في مجلس النواب سؤال شفويا عاجلا إلى الوزيرة بسيمة حقاوي، يسائلها حول فتح تحقيق في الحادثة، وتحديد المسؤوليات.

وطلب الفريق النيابي، من وزيرة التضامن والأسرة معرفة الإجراءات والتدابير الاستعجالية التي تعتزم الوزارة القيام بها من أجل وضع حد للمعاناة التي يعيشها المكفوفون المعطلون، والذين يخوضون اعتصاما فوق سطح الوزارة منذ 13 يوما، مطالبين بإدماجهم في سلك الوظيفة العمومية.

بدوره وجه رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، محمد اشرورو، طلباً عاجلاً لانعقاد لجنة القطاعات الاجتماعية، واستدعاء وزيرة التضامن والأسرة، بسيمة الحقاوي للحضور بها.

وقالت النائبة البرلمانية عن فريق الأصالة والمعاصرة، ابتسام عزاوي، في تدوينة لها على حسابها بـ"فيسبوك"، إن الدعوة جاءت على إثر وفاة أحد المكفوفين المعطلين المعتصمين بسطح بناية وزارة الأسرة والتضامن منذ أكثر من 12 يوما.

 

اقرأ أيضاتشاؤم الأسر المغربية بخصوص البطالة وتكلفة المعيشة والادخار

وأضافت النائبة عزاوي، أن اعتصام المكفوفين المعطلين على سطح مقر وزارة التضامن والأسرة، جاء نتيجة نهج الحكومة لسياسة اللامبالاة تجاه ملفهم، "بدل فتح أبواب الحوار والتفاوض معهم والتجاوب مع ملفهم المطلبي العادل"، وفق تعبيرها.

وفي 15 آذار/ مارس الماضي، أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، على أهمية مرسوم المباريات الموحدة للتوظيف ضمن الهيئات المشتركة بين الإدارات الذي تم إقراره خلال مجلس الحكومة، موضحا أنه سيتيح للحكومة تنظيم مباراة واحدة، على الأقل، خلال السنة لفائدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لتمكينهم من ولوج الوظيفة العمومية، وذلك بعدما تمت ملاحظة عدم بلوغ نسبة 7% من المناصب المفتوحة التي يحددها القانون حاليا لهذه الفئة.

واعتبر رئيس الحكومة أن تنظيم مباراة توظيف خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة يدخل ضمن الإجراءات والبرامج العديدة التي تتخذها الحكومة لفائدة هذه الفئة من المواطنين.

وخلال شباط/ فبراير الماضي، قال الناطق باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، إن قضية تشغيل المكفوفين تأتي على أولوية اهتمامات رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني شخصيا، مضيفا "أن الحكومة ستطرح قريبا وظائف عمومية خاصة بهذه الفئة".

 

اقرأ أيضادراسة مغربية.. 1 من أصل 10 شباب قدموا للعمل فقط حصلوا عليها

التعليقات (0)