اقتصاد دولي

لماذا رفضت "أوبك" وروسيا دعوة ترامب بزيادة إنتاج النفط؟

من المقرر أن تعقد لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بين أوبك والمنتجين غير الأعضاء اجتماعها القادم في 11 تشرين الثاني / نوفمبر في أبوظبي- أ ف ب
من المقرر أن تعقد لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بين أوبك والمنتجين غير الأعضاء اجتماعها القادم في 11 تشرين الثاني / نوفمبر في أبوظبي- أ ف ب
استبعدت السعودية أكبر منتج في أوبك وروسيا أكبر المنتجين الحلفاء لها خارج المنظمة، أي زيادة إضافية فورية في إنتاج الخام، في رفض فعلي لدعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التحرك لتهدئة السوق.

وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح للصحفيين "لا أؤثر على الأسعار"، وذلك في الوقت الذي عقد فيه وزراء الطاقة بالدول الأعضاء في أوبك ونظراؤهم في بعض المنتجين المستقلين اجتماعا في الجزائر. وانتهى الاجتماع دون توصية رسمية بأي زيادة إضافية في الإمدادات.

وبلغ خام القياس العالمي مزيج برنت 80 دولارا للبرميل هذا الشهر، مما دفع ترامب يوم الخميس لدعوة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من جديد إلى خفض الأسعار.

ويرجع ارتفاع أسعار النفط بصفة أساسية إلى تراجع صادرات إيران عضو أوبك بسبب العقوبات الأمريكية الجديدة.

وكتب ترامب على تويتر: "نحمي دول الشرق الأوسط، ومن غيرنا لن يكونوا آمنين، ومع ذلك يواصلون دفع أسعار النفط لأعلى! سنتذكر ذلك. على منظمة أوبك المحتكرة للسوق دفع الأسعار للانخفاض الآن".

توقعات بزيادة الطلب

وقال الوزير السعودي إن بلاده لديها طاقة فائضة لزيادة الإنتاج، لكن ليست هناك حاجة لمثل هذه الخطوة في الوقت الراهن، وربما لا تقتضيها الضرورة في العام المقبل، وسط توقعات المنظمة بزيادة كبيرة في الإنتاج خارجها قد تتجاوز نمو الطلب العالمي.

وأضاف: "الأسواق تتمتع بإمدادات كافية. ليس لدي علم بأن هناك أي شركة تكرير في العالم تبحث عن نفط ولا تستطيع الحصول عليه"، مضيفا أن السعودية قد تزيد الإنتاج بما يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميا إذا اقتضت الضرورة ذلك.

وتابع: "في ضوء الأرقام التي رأيناها اليوم، فإنه من المستبعد جدا (زيادة الإنتاج في 2019) ما لم نشهد مفاجآت على صعيد العرض والطلب".

وتغريدة ترامب لم تكن أول انتقاد من الرئيس الأمريكي لأوبك.

وقد يسبب ارتفاع أسعار البنزين على المستهلكين الأمريكيين مشكلة سياسية لترامب المنتمي للحزب الجمهوري قبل انتخابات التجديد النصفي بالكونجرس في نوفمبر تشرين الثاني.

واتهمت إيران، ثالث أكبر منتج في أوبك، ترامب بأنه وراء ارتفاع الأسعار نتيجة فرض عقوبات على طهران، واتهمت غريمتها في المنطقة السعودية بالرضوخ للضغوط الامريكية.

واليوم الأحد، قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه إن تغريدة ترامب "أكبر إهانة لحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط".

تحول التركيز إلى 2019


قالت أوبك في تقرير عن آفاق الأمد المتوسط أصدرته اليوم الأحد إنها تتوقع أن يزيد المعروض خارج المنظمة من دول بقيادة الولايات المتحدة بمقدار 2.4 مليون برميل يوميا في 2019، بينما سينمو الطلب العالمي على النفط بواقع 1.5 مليون برميل يوميا فقط.

كما رفعت المنظمة كثيرا تقديراتها لنمو إنتاج النفط الأمريكي حتى عام 2023، متوقعة أن تخسر أوبك مزيدا من الحصة السوقية.

وقال الفالح: "اهتمامنا يتحول إلى 2019. اطلعنا على احتمال زيادة المخزونات في 2019 التي تنجم عن نمو كبير في المعروض من الدول غير الأعضاء".

وذكر وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أنه لا توجد ضرورة لزيادة الإنتاج على الفور، رغم أنه أبدى اعتقاده بأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والعقوبات الأمريكية على إيران توجدان تحديات جديدة لأسوق النفط.

وأضاف: "الطلب على النفط سينخفض في الربع الأخير من العام الحالي وفي الربع الأول من العام القادم. حتى الآن، قررنا الالتزام باتفاقاتنا في يونيو".

بدء خفض الإنتاج


وسعيا لتغيير اتجاه أسعار النفط النزولي الذي بدأ في 2014 ودفعها للصعود، قررت أوبك وروسيا وحلفاء آخرون في أواخر 2016 خفض الإمدادات بواقع نحو 1.8 مليون برميل يوميا.

لكن في حزيران / يونيو من العام الجاري، وبعد أشهر تجاوزت فيها التخفيضات المستوى المتفق عليه لأسباب على رأسها تراجع إنتاج فنزويلا ومنتجين آخرين لعوامل خارجة عن إرادتهم، اتفقت أوبك وحلفاؤها على تعزيز الإنتاج بالعودة لنسبة الامتثال 100 بالمئة.

ويعادل هذا زيادة قدرها نحو مليون برميل يوميا، لكن أحدث الأرقام تبين أنهم ما زالوا بعيدين عن تحقيق هذا الهدف.

إيران تخفف موقفها

في آب / أغسطس، خفضت أوبك والحلفاء الإنتاج بأكثر من المتفق عليه بمقدار 600 ألف برميل يوميا، وهو ما يرجع في الأساس إلى انخفاض إنتاج إيران نتيجة تقليص عملاء في أوروبا وآسيا لمشترياتهم قبل سريان العقوبات الأمريكية.

وقدرت أوبك إنتاج إيران الحالي عند 3.58 ملايين برميل يوميا، بانخفاض نحو 300 ألف برميل يوميا عن بداية العام، وفقا لمصادر أوبك الثانوية التي تشمل باحثين ومتتبعين لحركة السفن.

وأكد حسين كاظم بور أردبيلي، محافظ إيران في أوبك، استقرار إنتاج بلاده عند 3.8 ملايين برميل يوميا، لكن يبدو أنه خفف موقفه بخصوص الزيادات المحتملة في إنتاج المنظمة.

وأبلغ الصحفيين قائلا: "إذا كان هناك انخفاض، ليس فقط من إيران بل أي (منتج) غيرها، فمن مسؤولية أوبك وغير الأعضاء بالمنظمة تحقيق التوازن في السوق".

وذكر وزير الطاقة السعودي أن العودة لمستوى امتثال بنسبة 100 بالمئة هو الهدف الرئيسي ويجب تحقيقه خلال الشهرين أو الثلاثة المقبلة.

ورغم امتناعه عن توضيح كيفية القيام بذلك، إلا أن السعودية هي المنتج الوحيد الذي يملك طاقة إنتاجية فائضة كبيرة.

وقال الفالح: "المشكلة الأكبر ليست في الدول المنتجة، بل في شركات التكرير، وفي الطلب. نحن في السعودية لم نر طلبا لأي برميل إضافي لم ننتجه".

ومن المقرر أن تعقد لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بين أوبك والمنتجين غير الأعضاء اجتماعها القادم في 11 تشرين الثاني / نوفمبر في أبوظبي، يعقبه اجتماع كامل لأوبك بمقرها الرئيسي في فيينا يومي السادس والسابع من كانون الأول / ديسمبر المقبل.
التعليقات (0)