ملفات وتقارير

هل تُدفع حماس لمواجهة مع إسرائيل بعد انهيار جهود التهدئة؟

توقعات بأن تفسح حماس المجال لمزيد من التصعيد مع الاحتلال على الحدود- عربي21
توقعات بأن تفسح حماس المجال لمزيد من التصعيد مع الاحتلال على الحدود- عربي21

تشير المعطيات والتصريحات التي صدرت مؤخرا عن عديد الأطراف أن مسار التهدئة بين المقاومة الفلسطينية في غزة، وعلى رأسها حماس، وبين إسرائيل قد تعطل، أو أرجئ على الأقل في الوقت المنظور، بعد اشتراطات مصرية ربطت فيها التوصل إلى تهدئة بانجاز ملف المصالحة الفلسطينية أولا.


ورغم التحركات الحثيثة التي كانت تشي بقرب ابرام اتفاق التهدئة برعاية مصرية، والتصريحات التي كانت تصدر عن القاهرة ومسؤولين في حماس حول قرب التوصل إلى اتفاق ، إلا أن المسار برمته واجه "عصي في الدواليب"، الأمر الذي اعتبره محللون خديعة تعرضت لها حماس كان الهدف منها شراء الوقت، ودفع حماس إلى رفع يدها عن مسيرات العودة التي شهدت هبوطا ملحوظا في زخمها مؤخرا، الأمر الذي يطرح تساؤلا حول امكانية اندلاع مواجهة قريبة بين حماس وإسرائيل في ظل انسداد الأفق السياسي.

ولم يغب رئيس السلطة محمود عباس عن الأحداث الجارية، بل كان له اليد الطولى في وقف مساعي إبرام الاتفاق، حيث كشفت صحيفة الحياة اللندنية أن عباس أوقف اتفاق التهدئة بين حماس وإسرائيل، بعدما أن هدد الأطراف المشاركة فيه بوقف التحويلات المالية إلى قطاع غزة في اليوم التالي للاتفاق، وتحميل هذه الجهات المسؤولية عن انفصال القطاع عن بقية الأراضي الفلسطينية.

وقالت المصادر إن عباس أبلغ جهات عربية ودولية كانت تتفاوض مع الجانب الإسرائيلي، نيابة عن حماس، بأنه لن يسمح بحدوث اتفاق يخص جزءاً من الأراضي الفلسطينية بين أي فصيل سياسي وإسرائيل، وأنه سيتخذ إجراءات لم يتخذها من قبل لمنع ذلك.


موقف عباس هذا دفع مصر إلى التراجع عن جهودها في هذا المسار، حيث أبلغت مصر السلطة الفلسطينية، رسمياً، بأنها لن تتفاوض على هدنة بين حماس وإسرائيل من دون موافقة الرئيس محمود عباس، وأنها أعطت الأولوية الأولى لملف المصالحة.


وقال مسؤولون فلسطينيون إن الوفد المصري الرسمي الذي زار رام الله أخيراً، أكد لعباس أن مصر لا يمكنها أن تكون جزءاً من صفقة هدنة في غزة من دون مشاركة قيادة منظمة التحرير، بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.


ولعل موقف عباس يفسر ما صرح به المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، حين اتهم أطرافا (لم يسمها)، بالعمل على عرقلة جهود التهدئة في غزة، وقال إن هذه الأطراف تسعى لإشعال الأوضاع بين حماس وإسرائيل إلى درجة الدخول في مواجهة عسكرية.


وأكد خلال تصريحاته التي نقلتها القناة التلفزيونية السابقة، أنه تم بذل جهود غير مسبوقة، خلال الشهرين الماضيين، لمنع وقوع الحرب في قطاع غزة.


ولم يشر المبعوث الدولي صراحة إلى تلك الأطراف التي تعطل التوصل إلى التهدئة، التي أكد مسؤولون فلسطينيون في وقت سابق أنها قطعت شوطا طويلا بالرعاية المصرية، لكن فهم من حديثه أنه موجه للسلطة الفلسطينية، التي انتقد مسؤولوها، هذا المسؤول الدولي.


وكان من المتوقع أن يتم الإعلان عن دخول التهدئة الطويلة التي تمر بست مراحل، حيز التنفيذ بعد إجازة عيد الأضحى، بعد إجراء الوسطاء المصريين لقاءات طويلة حولها مع الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس من جهة، ومع مسؤولين إسرائيليين من الجهة الأخرى.

 

اقرأ أيضا: حصري: مصر تغير موقفها.. المصالحة قبل التهدئة.. تفاصيل

الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري عزا تعطل جهود التهدئة إلى حالة التعنت التي تمارسها حكومة الاحتلال، والذي انعكس كنتيجة للوضع الإسرائيلي الداخلي، لكنه لم يغفل دور السلطة الفلسطينية في وقف هذه الجهود.

وقال المصري في حديث لـ"عربي21" إن الاحتلال الاسرائيلي وعلى لسان وزير الحرب أفيغدور ليبرمان إشترط مرار أي هدنة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وفقا لحسابات انتخابية اسرائيلية بالدرجة الأولى، وهو الأمر الذي ترفضه حماس ودعت إلى فصل الملفات عن بعضها البعض.


وشدد أن العقبة الإسرائيلية هي الأساس في عدم التوصل الى تهدئة، ثم الجانب الفلسطيني الرسمي ممثلا بالسلطة الفلسطينية التي وجدت نفسها خارج الاتفاق، ما دفع مسؤولين فيها للتصريح بأنه دون مصالحة لن يكون هناك هدنة في غزة.


وحذر المصري من أن يؤدي تعطل مفاوضات التهدئة إلى مواجهة قريبة بين حماس وإسرائيل، لكنه توقع أن يكون محدودا مالم تخرج الأمور عن السيطرة وصولا إلى مواجهة شاملة لا يرغب في خوضها الطرفين (حماس وإسرائيل).

في سياق متصل، قال الخبير العسكري الإسرائيلي في موقع ويللا الإخباري أمير بوخبوط ، إن "حماس قد تفسح المجال لمزيد من التصعيد العسكري على حدود غزة بعد أن شعرت أن ظهرها بات للحائط، في ظل فشل جهود التهدئة، مما يعني أنها عادت لنقطة الصفر.


وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "أوساط أجهزة الأمن الإسرائيلية تخشى أن حماس قد تذهب باتجاه تعزيز المظاهرات الشعبية من جديد على الحدود، والاشتباك مع الجنود، لأن حالة الإحباط التي تسود قيادتها عقب تلك التطورات قد تدفع لإعادة التسخين، بعد هدوء استمر لأسبوعين لم يقتل فيه أي فلسطيني على الحدود".

وأوضح أنه "في أعقاب زيارة قيادة حماس إلى غزة الشهر الماضي، والضغوط المصرية عليها، قررت الحركة تقليص مستوى الفعاليات على الحدود، والتوقف التدريجي عن إطلاق البالونات الحارقة والطائرات الورقية المشتعلة، وفي الوقت الذي واصلت فيه مصر مباحثاتها لتحقيق تهدئة بين حماس وإسرائيل، وضع رئيس السلطة الفلسطينية العصي في الدواليب، وأرسل للقاهرة بأن المصالحة مقدمة على التهدئة، ولذلك قررت القاهرة وقف جهودها السابقة".

يذكر أن مصدر فلسطيني مطلع كشف قبل أيام لـ"عربي21" أن مصر أعلمت حماس بتغيير موقفها تجاه تزامن المصالحة مع التهدئة، وأنها تتفق مع رئيس السلطة محمود عباس على ضرورة إنجاز المصالحة أولا.

 

وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن ممثلا عن قيادة حماس التقى مؤخرا مسؤولين مصريين في القاهرة، وإنهم أبلغوه خلال اللقاء بالموقف الجديد.


وأضاف أن اللقاء حصل لوضع حماس بصورة نتائج زيارة الوفد الأمني المصري لمدينة رام الله، التي جرت في الأول من أيلول/ سبتمبر الجاري، وللتباحث حول التهدئة والمصالحة.

 

اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: حماس ستسخن حدود غزة ردا على فشل التهدئة

وأضاف المصدر أن المسؤولين المصريين أبلغوا حماس رفض الرئيس محمود عباس المشاركة في مباحثات التهدئة قبل "إنجاز" المصالحة الفلسطينية، وأن مصر تتفق مع الرئيس أبو مازن في هذه الرؤية، خلافا لما أعلنته سابقا، كما أن القاهرة ترى أن هناك "فرصة جيدة" لتحقيق المصالحة في ضوء مواقف "إيجابية" أبداها الرئيس الفلسطيني خلال زيارة الوفد الأمني المصري لرم الله. 


ورجح المصدر دعوة مصر وفود حركتي فتح وحماس للقاهرة منتصف الشهر الجاري؛ لمواصلة المباحثات في ملف المصالحة.

التعليقات (0)