قضايا وآراء

قرار "هيئة الحشد" الانسحاب من المدن.. الدوافع والأسباب!!

عامر السامرائي
1300x600
1300x600

كَثر الحديث في الآونة الأخيرة عن دوافع وأسباب قرار هيئة مليشيا الحشد الشعبي في الثامن عشر من الشهر الجاري، القاضي بمغادرة كافة عناصرها من المدن، وخاصة المناطق "المحررة" من تنظيم "داعش" الإرهابي شمال وغرب البلاد، وفك ارتباطها مع الأحزاب والعتبات التي ساهمت في تشكيلها .


والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا صدر القرار في هذا التوقيت بالتحديد -مشاورات تشكيل الكتلة الأكبر- علماً أن تلك المناطق " شمالي وغربي البلاد " كانت قد طالبت منذ البداية بعدم بقاء مليشيا الحشد أو أي تشكيل عسكري داخل المدن، وهي التي ارتكبت العديد من الجرائم الوحشية ضد المدنيين هناك، بدوافع طائفية تارة، وبحجة التعاطف مع تنظيم داعش تارة أخرى.


من هذا المنطلق، يبدو أن قرار هيئة هذه المليشيا سياسي، يستبق مفاوضات تشكيل الكتلة الأكبر التي تخولها تشكيل الحكومة لاحقاً، ومسعى لجذب أكبر عدد من الحلفاء لتحقيق الهدف، وقد يكون الأكراد هم المعنيون بذلك، إذ تشير المعلومات إلى أن قرار الانسحاب من المدن هو مطلب "كردي" أكثر من كونه مطلبا "سنيا"، وهو خطوة أولى من طلبات الكرد، في إطار المفاوضات التي تجري الآن، وهي الانسحاب من المدن بضمنها كركوك ومن ثم المناطق "المتنازع" عليها.


وإن صحت هذه المعلومات فهذا يعني أنه انسحاب سياسي، ومحاولة رخيصة لإثبات مصداقيتها والتزامها داخل أي اتفاق سياسي تتم بلورته، مع الأطراف السياسية على حساب الوطن .


هذه السياسات العدائية التي تنتهجها تلك المليشيات، تستحضر موقفا لها ينقض قرارها الأخير، حيث سبق لها أن رفضت خطة أقرها رئيس الوزراء "حيدر العبادي" بداية العام الجاري، تقضي بإخلاء مقراتها داخل المناطق والأحياء السكنية والأسواق العامة، وتسليمها للشرطة المحلية وقوات الجيش خلال أسبوعين، ضمن متطلبات التهيئة لإجراء الانتخابات التشريعية في العراق التي جرت في أيار الماضي، حيث كشف آنذاك مسؤول حكومي في بغداد، "عن وجود رفض ومماطلة لعدد من فصائل مليشيات "الحشد"، التي عملت على عدم تنفيذ القرار الحكومي".


والحقيقة أن تلك المليشيات تمارس بعد أن انتهت من جرائمها البشعة أنشطة مختلفة، من بينها عمليات اعتقال ودهم وتفتيش بدون مذكرات قضائية، كما يتهم قسم منهم بممارسة عمليات ابتزاز وتلقي رشى مالية مقابل تمرير مصالح المواطنين، أو تمرير بضائع التجار إلى تلك المدن من خلال حواجز التفتيش التي تقيمها.


خلاصة القول، إن هيئة هذه المليشيات زجت بأبناء الجنوب والفرات الأوسط في اقتتال مع أشقائهم في المناطق الغربية مستغلة محاربة تنظيم داعش الإرهابي، لتعميق الشرخ بين أبناء الوطن الواحد من جهة، ولتحقيق مكاسب سياسية تديم بقاءها على الأرض، ضمن خطة إيران للاستمرار في فرض هيمنتها على مفاصل الدولة العراقية.



0
التعليقات (0)