اقتصاد عربي

تجنيب 20 مليار دولار من احتياطي مصر النقدي.. ماذا يحدث؟

محافظ البنك المركزي يتلاعب بالأرقام لإثبات حسن إدارة الشأن الاقتصادي- أ ف ب
محافظ البنك المركزي يتلاعب بالأرقام لإثبات حسن إدارة الشأن الاقتصادي- أ ف ب

انتقادات ساخرة وأخرى محذرة صاحبت تصريحات محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر بأن البنك قام بتجنيب 20 مليار دولار بعيدا عن الاحتياطي النقدي الأجنبي.


عامر الذي قلل من خطورة الدين الخارجي لمصر قال في تصريحات الخميس 9 من آب/ اغسطس الجاري خلال حواره مع فضائية "اكسترا نيوز": "احنا شيلين 20 مليار دولار على جنب".

 

وأضاف: "هناك مخاوف من وصول الدين لأكثر من 88 مليار دولار لكن مصر لن تقع في هذا الفخ لأنها وضعت مبلغ 20 مليار من القروض التي حصلت عليها خلال العامين الماضيين تحسبًا لهذا الأمر".


وأوضح أن "السندات التي طرحتها مصر خلال تلك الفترة، وجمعت من خلالها نحو 13 مليار دولار، بجانب الاتفاق مع صندوق النقد على قرض بقيمة 12 مليارًا، تم صرف أكثر من 6 مليارات منها، ذهبت إلى الاحتياطي النقدي".


وتابع قائلا: "العشرين مليار دولار أخدناهم وشيلناهم على جنب وفعلا الأسواق في الخارج اختلفت النهاردة ولو روحنا مش هنقدر ناخد زي اللي اخدناه".

 

اقرأ أيضا: تعرف على ديون مصر الجديدة (إنفوغرافيك)

وتأتي تصريحات عامر بعد ثلاثة أيام من إعلان البنك المركزي المصري أن ارتفاع ديون مصر الخارجية وصل إلى 88.1 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بـ82.2 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2017، وأن هذا الارتفاع جاء نتيجة تزايد الديون متوسطة وطويلة الأجل في نهاية الربع الأول من العام الحالي، بنسبة 6.8% لتصل إلى 76.6 مليار دولار، مقابل 71.7 مليار جنيه في نهاية ديسمبر من العام الماضي.


وأوضح التقرير، أن الدين قصير الأجل ارتفع إلى 11.50 مليار دولار مقابل 11.12 مليار دولار بنهاية العام الماضي، في حين بلغ الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل نحو 87% من إجمالي الدين الخارجي مقارنة بـ86.6%.


من جانبه أكد خبير الاقتصاد المصري أيمن النجار لـ "عربي 21" أن تصريحات عامر تعني أمرا واحدا فقط وهو أن مصر لديها حسابين لاحتياطي النقد الأجنبي وهو أمر ليس له مثيل في كل الأنظمة الاقتصادية على مستوى العالم، كما أنه يثير العديد من التساؤلات التي تتطلب إجابات محددة عن الوعاء الادخاري الذي وضع فيه البنك المركزي هذا المبلغ الضخم الذي يمكن أن يحل ربع مشكلة القروض الأجنبية التي وصلت لـ 88 مليار دولار.


ويضيف النجار أن محافظ البنك المركزي أراد أن يتلاعب بالأرقام لإثبات حسن إدارة الشأن الاقتصادي بعد الحديث عن خطورة ارتفاع الدين الخارجي وتأثيره على معدلات التنمية، ولكن هذا التلاعب فشل وأوقعه في مشكلة وهي أين ذهبت هذه الأموال ومن الذي يديرها، وفي أي حساب تذهب الفائدة البنكية.


ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن مصر عليها ديون مستحقة السداد في النصف الثاني من العام الجاري تصل قيمتها لـ 6.3 مليارات دولار، بعد أن مددت مصر أجل تسديد أقساط الودائع الخليجية لكل من الكويت والسعودية والإمارات، وهو ما يعني أن مصر تعاني من أزمة كبيرة في سداد الديون ولذلك تلجأ لترحيلها قدر الإمكان اعتمادا على طرح سندات بنكية في الاسواق الدولية أو الحصول على قروض أخري تقوم من خلالها بسداد قيمة الودائع والتي تقدر بـ 8 مليارات دولار.

 

اقرأ أيضا: الديون الخارجية لمصر تقفز 19.3% لـ 88.2 مليار دولار

ودعا الخبير الاقتصادي كامل متناوي الأجهزة الرقابية واللجان المعنية بالبرلمان المصري للتحقيق في تصريحات محافظ البنك المركزي، موضحا أن تصريحات طارق عامر تشير إلى أن مصر اقترضت 20 مليار دولار دون أن يكون لها حاجة بها، كما تشير إلى أن الاحتياطي الأجنبي الذي أعلن عنه البنك المركزي منذ أيام هو احتياطي غير حقيقي لأنه يقوم على الديون، وبالتالي فإن سياسة "السلف" التي تسير عليها الحكومة المصرية سوف تنتهي بالاقتصاد القومي إلى كارثة لن يستطيع أحد علاجها.


ويضيف متناوي لـ"عربي 21" لا يوجد في النظريات الاقتصادية ما يقوله محافظ البنك المركزي المصري بأنه "حاطط 20 مليار دولار على جنب" باعتبار أن البنك المركزي المصري لا يتعامل إلا من خلال الحسابات البنكية وهذه الحسابات لها بنود صرف وإضافة وتبعية، ولذلك يجب على محافظ البنك أن يوضح للشعب عن هوية الحسابات الموجود بها هذا المبلغ ومن هو المتصرف فيها وهل هذه هي المرة الأولي لمثل هذا الإجراء أم أن هناك سوابق أخرى".


ويتساءل متناوي إذا كانت الحكومة استطاعت توفير 20 مليار دولار منهم 14 مليار دولار من بيع السندات كما أشار المسئول المصري، فلماذا لجأت لصندوق النقد من أجل اقتراض 12 مليار دولار، تمثل الأسوء على الشعب المصري، بعد الالتزام الكامل بشروط الصندوق التي أضافت أعباء جديدة على المصريين، ولماذا قامت الحكومة بكتابة شهادة وفاة للجنيه المصري عندما قررت تعويمه، موضحا أن الإجابة على ذلك كله يعني أن البتك المركزي قام بدور سمسار تعاملات مالية على حساب الاقتصاد المصري.

التعليقات (0)