سياسة دولية

تفاصيل مثيرة عن دور "اللوبي الإماراتي" في بريطانيا

"سبين ووتش": الإمارات قامت بمحاولات ابتزاز كثيرة لرئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون- جيتي
"سبين ووتش": الإمارات قامت بمحاولات ابتزاز كثيرة لرئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون- جيتي

أصدرت منظمة "سبين ووتش" البريطانية المعنية بمتابعة قضايا الفساد السياسي ومراقبة جماعات الضغط، تقريرا تحت عنوان "الإمارات العربية تخرب الديمقراطية في بريطانيا"، اتهمت فيه أبو ظبي بدعم الثورات المضادة في دول الربيع العربي بهدف الحيلولة دون انتشار الديمقراطية في الخليج والشرق الأوسط.


وكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن محاولات أبو ظبي ابتزاز رئيس الوزراء البريطاني السابق، ديفيد كاميرون، حين كان في منصبه، من خلال الصفقات التجارية والامتيازات النفطية لكي تسكت حكومته كل صوت في الإعلام البريطاني يشذ عن الخط الذي تتبناه الإمارات العربية المتحدة تجاه الربيع العربي.


وأوضح كيف تمت تهيئة مجموعة من الصحفيين وكتاب الأعمدة وأعضاء البرلمان لتكرار رسائل الإمارات المعادية للديمقراطية، وخاصة من خلال "مجلس المحافظين للشرق الأوسط".


ولفت التقرير إلى أن "الإمارات العربية المتحدة نفسها كانت في سبيل التحول نحو الديمقراطية قبل الربيع العربي إلا أنها، ورداً على الثورات، انتقلت إلى وضع عسكري متمرس، نجم عن إصابة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بحالة من جنون الارتياب حيث أصبح مسكوناً بفكرة مؤامرة حاكتها جماعة الإخوان المسلمين للاستيلاء على الإمارات العربية المتحدة والهيمنة على السياسة الإماراتية داخلياً وخارجياً".

 

الإمارات سارعت إلى سحق الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية


وأشار التقرير إلى أن الإمارات سارعت إلى سحق الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في البحرين في عام 2011، ورعت الانقلاب العسكري في مصر في عام 2013، وسعت إلى مناهضة الثورة بعد قيام النظام الديمقراطي في تونس، وانضمت إلى اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لدعم أجندة سياسية مؤيدة للإسلاموفوبيا في دوائر السياسة وفي وسائل الإعلام بهدف اعتبار جميع المسلمين الناشطين سياسياً موضع شبهة وريبة تماماً كما هو الحال داخل الإمارات العربية المتحدة. 


وقالت "سبين ووتش" إن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، عقد لقاءات سرية مع ديفيد كاميرون، مؤكدة أن ابن زايد زار كاميرون بصفة شخصية عدة مرات ما بين عام 2012 وعام 2015 لمطالبة المملكة المتحدة باتخاذ موقف حول جماعة الإخوان المسلمين وتصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل حكومة المملكة المتحدة.


وأردفت: "تم حينها تنبيه كاميرون بكل وضوح إلى أن الإخفاق في اتخاذ موقف أقوى ضد جماعة الإخوان المسلمين داخلياً وخارجياً سوف يهدد صفقة الطائرات المقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون"، والتي تصنعها شركة بي إيه إي (والتي تقدر قيمتها بثلاثة مليارات دولار) مع الإمارات العربية المتحدة، وسيهدد مستقبل الامتيازات النفطية التي تحصل عليها شركة بريتيش بيتروليام في الإمارات".

 

إلحاح ابن زايد أثمر عن قرار الحكومة البريطانية بتكليف جون جينكينز بإعداد تقريره عن الإخوان المسلمين


وأكدت المنظمة البريطانية أن إلحاح ابن زايد أثمر عن قرار الحكومة البريطانية بتكليف جون جينكينز بإعداد تقريره عن الإخوان المسلمين، وهو التقرير الذي انتقدته وزارة الخارجية البريطانية، موضحة أن الإمارات استخدمت مؤسسات مدفوعة الأجر لشن حملة ضد جماعة الإخوان المسلمين في المملكة المتحدة. 


وحصلت "سبين واتش" على رسائل إيميل مثيرة للغاية سربت حديثاً من كويلار كونسلتيشنز، وهي المؤسسة الرئيسية التي استخدمتها الإمارات العربية المتحدة لممارسة نشاطات اللوبي في لندن أثناء الربيع العربي، وتحدثت إلى مستشارين من "بروجيكت أسوسييتس" و"إيتويل بارتنرز" التي قدمت تقارير لأعضاء البرلمان ساهمت في السماح للمسؤولين من الإمارات العربية المتحدة بتمرير خطاب طائفي وإسلاموفوبي. 


وقال التقرير إن "مؤسسة كويلر أعدت بشكل منتظم تقارير قدمت لوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد ووزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش حول من زعمت أنهم متعاطفون مع جماعة الإخوان المسلمين في المملكة المتحدة بما في ذلك بعض موظفي البي بي سي".


وأضح التقرير أن الإمارات تقدمت مراراً بشكاوى لمكتب رئيس الوزراء في بريطانيا حول ما زعمت أنه انحياز البي بي سي العربية لصالح جماعة الإخوان المسلمين، مهددة بأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى حرمان المملكة المتحدة من الصفقات التجارية المجزية".


وقال التقرير إن قناتي البي بي سي الإخباريتين باللغتين العربية والإنجليزية أوقفت استضافة عدد من الضيوف المنتظمين لدى القناتين بسبب انتقادهم لسجل الإمارات في مجال حقوق الإنسان ولحملتها المناهضة للثورات العربية.

 

كرر ابن زايد انتقاده لتغطية البي بي سي خلال اجتماعاته مع كاميرون


ووفقا للتقرير، كرر ابن زايد انتقاده لتغطية البي بي سي خلال اجتماعاته مع كاميرون الأمر الذي دفع عضو أمناء البي بي سي اللورد ويليامز أوف باغلان إلى الطيران إلى أبو ظبي في عام 2014 لمقابلة وزير الخارجية عبد الله بن زايد والسعي لمراضاة الإمارات العربية المتحدة. 


وكشفت "سبين ووتش" أنها حصلت على مطبوعة كتبها ليو دوتشري حينما كان رئيساً لمجلس المحافظين للشرق الأوسط ووجهها إلى نواب حزب المحافظين بعد زيارته لأبوظبي في عام 2012، حذر فيها النواب من أن النقد الذي يوجه إلى الإمارات في الإعلام البريطاني يهدد مستقبل بعض الصفقات التجارية المهمة، مناشداً إياهم تأييد الإمارات في الترتيب لزيارة رسمية في العام التالي. 


وقالت المنظمة البريطانية إن المصرفي البريطاني وتاجر العقارات دافيد رولاند (صديق محمد بن زايد ويقال بأنه تورط في مخطط إماراتي لتخفيض قيمة العملة القطرية بسبب دعم دولة قطر لجماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات المؤيدة للديمقراطية)، هو الذي يقوم على تمويل دوتشري ومجلس المحافظين للشرق الأوسط.

 

أعضاء مجلس المحافظين للشرق الأوسط ينعمون بشكل منتظم برحلات باذخة إلى الإمارات


ولفتت المنظمة إلى أن أعضاء مجلس المحافظين للشرق الأوسط، ينعمون بشكل منتظم برحلات باذخة إلى الإمارات برعاية مكتب محمد بن زايد نفسه، ويقوم بتكرار نفس الرسائل الإماراتية الأساسية داخل البرلمان كلما تعرض سجل الدولة في مجال حقوق الإنسان للنقد.


وأكدت "سبين ووتش" أنها حصلت على قائمة بأسماء كبار المعلقين البريطانيين الذين تلقوا شروحاً وتقارير من كبير دبلوماسيي الإمارات أنور قرقاش في عام 2013 وأجرت تقييماً لكيفية تغير نغمتهم وتغطيتهم للقضايا ذات العلاقة بالإمارات.


وأشارت إلى أن "قرقاش عقد اجتماعا خاصا بثلاثة من كبار محرري صحيفة ذي ديلي تليغراف قبل أن تشن الصحيفة حملة غريبة مناهضة لقطر، كما عقد لقاء آخر لتهيئة المعلقين اليمينيين وتزويدهم بحجج وأقاويل لاستخدامها في الهجوم على الربيع العربي وعلى إيران، وكان من بين هؤلاء بعض مؤيدي إسرائيل من أمثال دين غودسون وميلاني فيليبس".

 

أبو ظبي حاولت الضغط على لندن لإلصاق تهم الإرهاب بقطريين بارزين


وأضاف التقرير أن أبو ظبي حاولت الضغط على لندن لإلصاق تهم الإرهاب بقطريين بارزين، بينهم أشخاص من العائلة الحاكمة.


وأشار التقرير إلى أن الإمارات طلبت عبر أحد وسطائها من مدير مركز دراسة التطرف في جامعة كينغز كوليدج في لندن إعداد بحث يربط قطر بالإرهاب، وأن يسلمه لصحفيين تثق بهم أبو ظبي في لندن مقابل عقد مع المركز بقيمة عشرين ألف جنيه شهريا.


وتلا ذلك قيام خالد الهيل -وهو معارض قطري مقيم في لندن- بدفع أموال إلى النواب والهيئات الإسرائيلية لحضور مؤتمرات في فنادق لندن الكبرى تهدف إلى تشويه سمعة قطر والضغط لسحب تنظيم بطولة كأس العالم عام 2022 منها.


واستند تحقيق "سبين ووتش" إلى مراسلات ومستندات وأرصدة مالية لشركات علاقات عامة بريطانية عملت لصالح دولة الإمارات وتلقت أموالا من أجل حشد الدعم البرلماني وتوجيه دفة التغطية الإعلامية عبر أبحاث مدفوعة وممارسة ضغوط على الحكومة.


وكشف التقرير عن أسماء الشخصيات الرئيسة داخل البرلمان البريطاني التي تعمل على خدمة مصالح الإمارات وإنفاذ سياساتها، والتي يتم في العادة تهيئتها ومدها بالمعلومات والإرشادات من قبل وزراء في الإمارات وترتب لها زيارات مدفوعة النفقات بالكامل من قبل مكتب محمد بن زايد بمشاركة المجموعة البرلمانية الممثلة لكافة الأحزاب، بما في ذلك بعض الوزراء الحاليين والسابقين، ومنهم أليستر بيرت الذي عرف بتبنيه العلني والصارخ للمواقف الإماراتية داخل الحكومة حينما كان يقوم بدور وكيل وزارة الدولة للشؤون البرلمانية في وزارة الخارجية ما بين عام 2010 وعام 2013. 


ودعا التقرير السلطات البريطانية إلى ضرورة القيام بتنظيم أكثر فاعلية لنشاطات جماعات الضغط السياسي (اللوبي)، والقيام بتنظيم أكثر فاعلية للصحافة لمنع الحكومة الأجنبية من التلاعب بوسائل الإعلام البريطانية، إلى جانب النظر في الكيفية التي يساهم من خلالها الضغط الحكومي في تشكيل ما تنتجه البي بي سي من مادة إعلامية وفي سياسة التوظيف المتبعة فيها.


وطالب التقرير بإدخال تنظيم يحول دون ممارسة الحكومات الأجنبية للنفوذ غير اللائق داخل مراكز الأبحاث والجامعات وعملية وضع السياسات الخارجية للدولة، وتوسيع نطاق تحقيق اللجنة البرلمانية المكلفة بشؤون وزارة الثقافة والرياضة ليشمل الأخبار الملفقة التي تستخدم وسيلة للتغطية على تلاعب الحكومات الأجنبية بوسائل الإعلام البريطانية.


وقال: "نخص بالذكر من هذه الحكومات حكومات كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل".


كما طالب التقرير بالتدقيق في أعمال مجلس المحافظين للشرق الأوسط وما يقوم به من دور لممارسة الضغط السياسي لصالح الإمارات، والسعودية، إضافة إلى مصادر تمويله. 


وأكد التقرير على ضرورة التدقيق في سجلات البرلمانيين الذين قاموا برحلات مدفوعة الأجر إلى الإمارات بتمويل من وزارة الخارجية الإماراتية وسلطة الشؤون التنفيذية (أي مكتب ولي العهد محمد بن زايد) أو الذين تم بشكل أو بآخر تهيئتهم أو التأثير عليهم من قبل الإمارات العربية المتحدة.


كما دعا التقرير إلى إعادة النظر في الاختبار الذي يحدد مدى أهلية الأجانب الذين يسمح لهم بتملك أندية كرة القدم البريطانية وبشكل خاص أولئك الذين يتم الكشف عن طموحاتهم السياسية. 

التعليقات (0)