مقالات مختارة

الدعوى القطرية بمحكمة العدل الدولية

فيصل الدابي
1300x600
1300x600

بتاريخ 11 يونيو 2018، رفعت دولة قطر دعوى دولية ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية وعينت الدكتور محمد عبد العزيز الخليفي وكيلا لها، وسوف يتم سماع الدعوى في الفترة ما بين 27 و 29 يونيو 2018، وتتضمن ملخص وقائع الدعوى القطرية قيام الإمارات بطرد جميع المواطنين القطريين من أراضيها، حظر دخول أو مرور القطريين عبرها، إلزام مواطنيها  بمغادرة قطر، إغلاق مجالها الجوي وموانئها أمام قطر، التدخل في العقارات المملوكة للقطريين، التمييز ضد الطلاب القطريين، تجريم أي خطاب داعم لقطر، إغلاق مكاتب قناة الجزيرة وجميع المواقع الإلكترونية القطرية، مشاركة مسؤولي الإمارات في نشر خطاب الكراهية ضد القطريين، وأكد ملخص أسبابها القانونية أن الوقائع المذكورة تشكل انتهاكا صريحا للمادة رقم (2) من الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري لسنة 1965، واستنادا إلى ذلك، قدمت قطر ملخص طلباتها وطالبت بإلزام الإمارات باحترام التزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري، عبر إلغاء الإجراءات التمييزية واستعادة حقوق القطريين، إلزام الإمارات بدفع تعويض كامل عن جميع أضرار التمييز العنصري التي لحقت بالقطريين، واتخاذ إجراء فوري لحماية القطريين من أي ضرر مستقبلي لا يُمكن جبره.


يعتقد بعض القانونيين أن وضع الدعوى القطرية مريح للغاية، فمن الناحية الإجرائية تملك قطر حق المقاضاة أمام محكمة العدل الدولية؛ بصفتها إحدى الدول التي وقعت على الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري، ووافقت على اختصاص محكمة العدل الدولية، أما من الناحية الموضوعية، فإنه عبر الإثبات لن يشكل تحديا لدولة قطر، فالأفعال التمييزية الإماراتية الضارة والأضرار القطرية التي نجمت عنها ثابتة من تلقاء نفسها، وموثقة لدى العديد من منظمات حقوق الإنسان المستقلة، بما في ذلك منظمة هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية ومنظمة مراسلون بلا حدود، بالمقابل لا تستطيع الإمارات الدفع بعدم اختصاص المحكمة الدولية، لأنها قد قبلت سلفا باختصاصها ولا يمكنها نفي وقائع الدعوى القطرية، مع العلم بأن السعودية والبحرين ومصر قد وقعت على الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري، لكنها لم تقبل باختصاص محكمة العدل الدولية وتحفظت عليه!  


يؤكد بعض المراقبين السياسيين أن لجوء دولة قطر لمحكمة العدل الدولية ومقاضاة الإمارات، وترديد تصريحات بخصوص مقاضاة دول أخرى من دول الحصار بسبب منع القطريين من ممارسة شعائر الحج والعمرة واستهداف الاقتصاد القطري، سينقل الأزمة الخليجية من البيت الخليجي المحلي إلى ساحات القضاء الدولي، وسيؤدي ذلك إلى تجميد حل الأزمة الخليجية إلى أجل غير مسمى، بينما يؤكد مراقبون سياسيون آخرون أن اللجوء للقضاء الدولي هو حق مشروع لدولة قطر، وأن مثل هذه الضغوط القانونية الدولية ستؤدي إلى حلحلة الأزمة الخليجية، والتوصل إلى تسوية سياسية مرضية لجميع أطرافها عبر الوساطة الكويتية والوساطة الدولية، بعيدا عن لغة الإملاءات وأسلوب فرض الشروط، فكثير من دول العالم لديها مصالح مباشرة في حل الأزمة الخليجية؛ لأن أضرار الأزمة الخليجية لم تقتصر على بعض الخليجيين، فحسب بل شملت أعدادا كبيرة من المقيمين في دول الخليج،  الذين ينتمون لمختلف دول العالم.

قد يقول بعض الخبراء القانونيين إن محكمة العدل الدولية لا تملك أدوات قسرية لتنفيذ أحكامها، لكن بعض الخبراء السياسيين يؤكدون أن مجرد صدور حكم ضد الإمارات من قبل المحكمة الدولية، سيكون بمنزلة إدانة سياسية تلقائية للسعودية والبحرين ومصر؛ لأن هذه الدول قد اتخذت إجراءات تمييزية مماثلة ضد دولة قطر، على الرغم من أنها قد وقعت على الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري.

 

الشرق القطرية

0
التعليقات (0)