ملفات وتقارير

حرب التسريبات تشعل الساحة السياسية بتونس (شاهد)

هل تهدد التسريبات حزب نداء تونس؟ - جيتي
هل تهدد التسريبات حزب نداء تونس؟ - جيتي

يبدو أن الصراع المحموم على تقاسم كعكة السلطة بين الأحزاب السياسية في تونس بات على أشده، مع اقتراب تاريخ موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2019، حيث يرى مراقبون أن الوضع السياسي في البلاد في ظل حكومة تعيش آخر أيامها بات مفتوحا على كل السيناريوهات واستعملت فيه "أقذر" أنواع الأسلحة بين الخصوم السياسيين لعل أبرزها سلاح التسريبات.

تسريبات يرى محللون أنها غير بريئة في التوقيت وفي الأشخاص المستهدفين، حيث استيقظت الأوساط السياسية منذ أيام على وقع تسريب للقيادي المنشق عن نداء تونس محسن مرزوق والأمين العام الحالي لحركة مشروع تونس، والذي هاجم فيها نجل السبسي وسخر من كفاءته في إدارة حزب نداء تونس وبأنه لا يملك أي مستقبل سياسي ويستمد سلطته من والده الرئيس بهدف الاستحواذ على الحزب الحاكم وتطويعه لطموحاته الشخصية، كما وصف المستشارين المقربين من السبسي الابن بالانتهازيين وقطاع الطرق وبأن قربهم من ابن الرئيس هدفه التحصن من التبعات القضائية المحتملة ضدهم وختم بالقول: "من أراد أن تتسخ سمعته فلينخرط في نداء تونس".


ويأتي توقيت بث هذا التسريب الصوتي، الذي نشره المدون والناشط السياسي ماهر زيد عبر الصفحات الاجتماعية، بعد أيام قليلة من لقاء غير معلن بين مرزوق ونجل السبسي وبعد تصريح إعلامي أدلى به مرزوق أبدى خلاله استعداده لطي صفحة الماضي مع نداء تونس الذي تركه سابقا ودعوته الصريحة لمن أسماهم بالقوى الديمقراطية الحداثية للتوحد وتجاوز ما أسماه بالصراعات القديمة مع نجل السبسي ويوسف الشاهد وباقي قيادات نداء تونس ضد مشروع التخلف والرجعية، في إشارة واضحة لحركة النهضة.

 


وفي هذا الخصوص أكد الناشط ماهر زيد في تصريح لـ"عربي21" أنه يملك دفعة أخرى من التسريبات التي تحصل عليها من قيادات حزبية بعضها يخص محسن مرزوق وسيقوم بنشرها تباعا.

وفي تعليقه على التسريبات التي استهدفت أمين عام حركة مشروع تونس مرزوق استنكر القيادي في ذات الحزب الصحبي بن فرج ما أسماه بـ"الحرب القذرة" التي باتت تسيطر على المشهد السياسي في تونس، وتابع لـ"عربي21": "في ظل غياب البرامج السياسية للأحزاب باتت المؤامرات والدسائس البديل للإطاحة بالشخصيات السياسية وتصفية الحسابات الشخصية".

ابن فرج اعتبر أن توقيت نشر تسريب أمين عام حزبه بعد أيام من دعواته للتقارب مع نجل السبسي وتجاوز خلافات الماضي لم يكن بريئا بالمرة مضيفا: "أعداء حافظ قائد السبسي هم من قاموا بالتسريب وما قاله مرزوق هو تشخيص للواقع بأن نجل السبسي لا يملك أي كفاءة والمحيطون به هم مجموعة من الانتهازيين".

تسريبات أخرى تم الكشف عنها خلال هذه الأيام لقيادي سابق في نداء تونس ومالك قناة "نسمة" الخاصة نبيل القروي الذي فتح قناته لمهاجمة حكومة يوسف الشاهد الخصم اللدود والمباشر لنجل السبسي من خلال استغلال فاجعة غرق مركب المهاجرين غير النظاميين بجزيرة قرقنة لشيطنة الحكومة الشاهد وتأليب الشارع ضدها ودعوة النقابات الأمنية للتمرد عليها ما دفع بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري –هيئة دستورية مستقلة تعنى بمراقبة المشهد الإعلامي وتنظيمه- إلى نشر بيان استنكار حذرت خلاله من التوظيف المفضوح لبعض المؤسسات الإعلامية وتحويلها إلى طرف في الصراعات الحزبية الضيقة، واعتبرت أن ما أتاه مالك القناة نبيل القروي من تطويع منبره للترويج لموقف أحادي يختزل طموحا شخصيا للرجل.

وكشف التسريب الذي جاء على لسان مالك القناة نبيل القروي واحتوى على ألفاظ بذيئة في مجملها سب وشتم للرئيس السبسي ونجله، عن الدور المشبوه الذي لعبته القناة من خلال توظيف منابرها للبروباغندا السياسية لحزب نداء تونس بهدف إيصالها للحكم في انتخابات 2014. وقال القروي ساخرا: "حافظ لو ترك لأهوائه الشخصية لحذف صورة والده ووضع نفسه مكانه ولحضر بدلا عنه في اجتماعات مجلس الأمن وتحجج بشهادة طبية تظهر عجز والده عن الحضور".

وتابع في ذات التسريب: "حافظ يعتبر أن حزب نداء تونس ملكية شخصية وأنه الوريث الشرعي لوالده في حكم تونس".

سعي نجل السبسي لوراثة والده في الحزب والاستقواء به للسيطرة على مفاصل الدولة لم يعد مخفيا على أحد حيث كشفت تسريبات سابقة لنجل الرئيس –لم ينفها- في شهر آذار/ مارس 2017 خلال اجتماع للهيئة السياسية لحزب نداء تونس قبل أشهر من الانتخابات البلدية عن قناعة راسخة للسبسي الابن بأنه طالما يوجد والده في قصر قرطاج فكل شيء مضمون بما فيها الانتخابات البلدية والتي عرف فيها الحزب هزيمة مدوية مثلت رجة حقيقة لقيادييه وللسبسي ذاته.

 


كما أكدت مصادر مطلعة لـ"عربي21" أن حافظ قائد السبسي سعى منذ أيام للقاء رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بهدف استئناف الحوار بين الحزبين وإقناعه بضرورة إزاحة الشاهد الذي تتحفظ النهضة على إقالته في التحوير الحكومي المنتظر بحجة الحفاظ على الاستقرار السياسي في البلاد، وكشف نفس المصدر أن الغنوشي رفض لقاء حافظ وأرسل له قياديا من الصف الثاني.

وفي تعليقه على حرب التسريبات التي باتت تخيم على المشهد السياسي والحزبي في تونس رأى المحلل السياسي شكري بن عيسى في حديثه لـ"عربي21" أن التسريبات الصوتية باتت السلاح الأكثر فتكا للإطاحة بالشخصيات السياسية والأحزاب ولإعادة خلط الأوراق بهدف التموقع السياسي باعتبارها تفضح مواقف غير معلنة داخل الغرف المغلقة.

وتابع: "المثير للانتباه أن جل التسريبات استهدفت نجل السبسي المتهم بمحاباة والده له والمتهم من الشاهد بـتدمير نداء تونس هو والمحيطين به، والمتهم أيضا بسعيه لوراثة والده في حكم تونس".

التعليقات (0)