قضايا وآراء

شعار "الإسلام هو الحل"

عاطف عواد
1300x600
1300x600
"الإسلام هو الحل" كان شعاراً عبقرياً لتيار يميني وحيد علي الساحة السياسية في حينه، لعب على مشاعر معتقد الأغلبية في مصر وهذا لا يمنع من كونه كان مجرد شعار عاطفي تعبوي خالِ من رسالة سياسية محددة ولكنه نجح في حشد أنصار من البسطاء وحتى الأطباء والمهندسين والمحامين وأساتذة الجامعات الذين حملوا الشعار أكثر مما يحتمل فظنوه برنامجاً سياسياً لمواجهة الغزو الفكري والمادية المفرطة والعلمانية المتشددة والرأسمالية المتوحشة والشيوعية الأقرب إلي الإلحاد والحفاظ علي الهوية.

 وساعد في تأكيد هذا الظن المظهر الديني لأغلب حملة الشعار ،وبقدر نجاح الشعار في حشد الأنصار فقد باعد وبذات القدر بين التيار الإسلامي وما سمي بالتيار المدني والذي اعتبر الشعار انتهاكا لقواعد اللعبة السياسية بالخلط المتعمد بين الدعوي والسياسي ووضعهم في موقف الدفاع الدائم عن النفس بأنهم ينتقدون الإخوان ولا ينتقدون الإسلام وعزز تلك الصورة في أذهان البسطاء أن البعض من متشددي العلمانية وجهوا سهام نقدهم بالفعل للإسلام ذاته في إطار نقدهم للإخوان.

 وكان وصول الإخوان إلي السلطة بمثابة انقطاع لشعرة معاوية بين كلا التيارين وزاد الاحتقان بينهما ولم يفلح ظهور تيار الوسط والذي أشرف بالانتماء إليه متمثلاً في حزبي الوسط ومصر القوية في إزالة هذا الاحتقان وإيجاد صيغة توافقية بين طرفي الأزمة رغم زعم قيادة الحزبين أنهما جسور التوافق في مصر لعبور الأزمات وبناء الثقة ورغم أن استكمال مدة الرئيس يعد انتصارا للديمقراطية فموقف التيار المطالب بانتخابات رئاسية مبكرة أو استفتاء على شخص الرئيس لم يكن سوي مطلباً يمكن وضعه في خانة الديمقراطية أيضاً ولكن تمترس كلا الجانبين خلف موقفه وفشل تيار الوسط في إقناع طرفي الأزمة في التزحزح عن موقفه وأنتهي بهما الأمر إلي انحياز حزب الوسط لموقف الإخوان باعتباره الموقف الأخلاقي واستكمال لمسيرة الديمقراطية الوليدة وانحياز حزب مصر القوية لموقف التيار المدني باعتباره الموقف الأكثر تعبيراً عن الديمقراطية ولم يخلو موقف الحزبين من البحث عن مصالح ضيقة بالنظر إلي مصلحة الوطن وفشل حزب الوسط في أن يقوم بدور المعارضة الحقيقية للإخوان رغم محاولات البعض من نوابه القيام بهذا الدور وفشل حزب مصر القوية في أن يقوم بدور المعارضة الموضوعية للإخوان رغم محاولات البعض من أعضائه القيام بذلك.

 وما أن تعثر الإخوان في خطواتهم الأولي في طريق الديمقراطية الوليدة عمداً أو جهلاً بأسس الديمقراطية حتي سارعت بعض القوي المدنية بهدم المعبد علي رؤوس الجميع وكان لهم فضل السبق في وأد التجربة في مهدها ولم ينتظروا لتتحقق نبوءة ديمقراطية المرة الواحدة التي طالما بشروا بها .. وقبل أن أنهي مقالي وحتي لا يسألني أحد السؤال التقليدي وماذا عن الجيش والتجربة الديمقراطية؟ فأقول وبالله التوفيق لم يدعِ الجيش يوماً أنه يسعي لنشر قيم الديمقراطية بل لم يدع من في سدة الحكم من الجيش أنه سياسي فقط نحن من ادعى أننا نسعي للاحتكام إلي قيم الديمقراطية ناسين أو متناسين أن نظريات الحكم والحكماء والفلاسفة وآراء منظري العمل السياسي في العالم يجب آلا تنفصل عن الواقع.

بل أن أحكام الشرع نفسها يمكن أن توقف أو تستبدل إذا ما كان الواقع غير مواتي لتطبيقها ولم تتوافر شروط تطبيقها أو لو كنا في ظرف استثنائي فالمجاعة السياسية ليست أقل أهميه من المجاعة الغذائية التي حدثت في عام الرمادة لتوقفوا الحدود السياسية أو تخففوها طبقاً للواقع الذي نعيشه ومن فشل في رؤية الواقع علي الأرض فعليه أن يعتزل العمل السياسي وسعيه مشكور ولا يلومن إلا نفسه ،والآن لم يعد لدينا ما نستجدي به فهمكم أو إعادة حساباتكم أو ضمائركم سوي المقيدة حريتهم يحتاجون من الجميع إعادة النظر وتنحية الشعارات جانبا فالاعتذار والاعتزال والتفاوض وحفظ النفس ليست مذمة ولكنها من أدبيات العمل السياسي لمن يحرص علي دمج الأخلاق في السياسة شريطة أن يكون ذلك في إطار رؤية واضحة وقراءه صحيحة للواقع.. 

4
التعليقات (4)
عربي مش مصري
الأحد، 08-04-2018 01:36 م
وما هو الحل برأيك سيد عاطف عوض؟؟ وهل اتى حزب مصر القوية والوسط بالحل؟؟
خالد
السبت، 07-04-2018 02:43 ص
غير مقنع ...
مصري جدا
الجمعة، 06-04-2018 09:02 م
الاسلام هو الحل شعارا رفع في فترة زمنية معينة وقد التف حوله الملايين آملا ان يكون فعلا هو الحل للازمات الحياتية في السياسة والاقتصاد والتعليم والصحة وهكذا ،،،، رفع الشعار منطلقا عاما دون برامج او خطط واضحة ثم اجتهد من اجتهد في التنظير وكتابة الرؤى والوثائق ،، وقامت بعض المشروعات الخدمية في التعليم والصحة ودور الرعاية ،، كتطبيق لهذا الشعار من وجهة نظر من رفع الشعار او آمن به ،،، لكن ادارة الدول لا تقوم على مجرد الشعارات الطيبة والنوايا الحسنة وبعض الخدمات المحدودة وهذا حال التيار الاسلامي ، كما لا تقوم على الخطب الرنانة والشعارات المطاطة والتبرعات والتسول والقروض كما هو حال الانقلاب العسكري في مصر ،،، الاسلام هو الحل شعار مضى مع مرحلته ،،، ويبقى السؤال هل من احد يملك الحل ليطرحه علينا ،،،
اينشتاين
الجمعة، 06-04-2018 06:32 م
شعار " الإسلام هو الحل " في حدود مصر خصوصا ، والعالم العربي عموما ، اتسم بالبعد السياسي البحت ، عكس ما بدأت به كلامك السيد عاطف عوض ، لأنك عدت من قريب لتؤكد على أن التيار الذي تقصده بكلامك أخلط بين السياسي والدعوي ، والذي عبرت عنه بانتهاك قواعد اللعبة السياسية ، أليس كذلك ؟ المقاربة من الجميع أطرافا ووسطا كانت سياسية ، والمجتمع المدني الذي أشرت إليه هو مجتمع في خدمة الاستبداد وظفته روافده الاستعمارية ، فهل تستطيع أن تتبين الخيط الذي يميز أولئك من مجتمعك المدني عن أولئك الإعلاميين الذين يمجدون الانبطاح في كل آن ؟ الإخوان من بعد الأستاذ حسن البنا قاربوا المشهد وفق رؤية ومسار روافد الاستبداد مسايرة للأحداث بعيدا عن كل مقاربة حضارية ، ذلك بيت الداء . الإخوان وبالرغم من كل الملاحظات من طرف المؤيدين والمعترضين هم ضمن المجتهدين على طريق الحل .