ملفات وتقارير

أزمة نقص الألبان العلاجية تتفاقم وتهدد حياة آلاف الرضع بمصر

تهدد هذه الأزمة آلاف الأطفال بخطر صحي كبير قد يصل إلى حد الوفاة- أرشيفية
تهدد هذه الأزمة آلاف الأطفال بخطر صحي كبير قد يصل إلى حد الوفاة- أرشيفية

تشهد مصر في الفترة الأخيرة أزمة نقص ألبان الأطفال العلاجية المخصصة للرضع المصابين بمرض الحساسية ضد الألبان، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الكميات القليلة المتوفرة منه.

وتهدد هذه الأزمة آلاف الأطفال بخطر صحي كبير، قد يصل إلى حد الوفاة؛ بسبب عدم قدرتهم على تناول أي ألبان أخرى، وبعد أن تعدى سعر العلبة الواحدة من هذه الألبان الخاصة 255 جنيها، وهو أكثر من أربعة أضعاف سعر ألبان الأطفال العادية.

معاناة متواصلة


ويطالب أولياء أمور الأطفال بتوفير الألبان والأغذية المخصصة لأبنائهم، خاصة أنهم يستمرون في تناولها مدى الحياة، لتجنب الإصابة بالحساسية، كما طالبوا برفع الجمارك عن الألبان والأغذية الخاصة بالحساسية التي يتم استيرادها بالكامل من الخارج حتى تتوفر بأسعار مخفضة.

وقال "أحمد عبد العزيز"، والد طفل مريض بحساسية الألبان، إن هذه الألبان يتم صرفها عن طريق وزارة الصحة بسعر مدعوم، لكنها لم تعد متوافرة في الفترة الأخيرة، مؤكدا لـ"عربي21" أن سعر هذه النوعية الخاصة من الألبان مرتفع للغاية، ويفوق قدرته على الشراء، حيث يحتاج إلى أكثر من 2000 جنيه شهريا لتوفير احتياجات طفله منها. 

فيما قالت أمينة محمود، إحدى الأمهات، إن رحلة بحثها المتواصل عن علبة لبن لابنتها لا تتوقف، مؤكدة أن الصيدليات القليلة التي تتوافر فيها هذه الألبان ترفض بيع أكثر من علبة واحدة لكل طفل في الأسبوع، وهو ما يجعلها تعاني باستمرار؛ لأن العلبة تكفي فقط لاستهلاك 3 أيام.

وبحسب تقارير صحفية، فإن الكثير من الأمهات اضطررن إلى تغذية أطفالهن بأنواع أخرى من الأغذية التي قد تضر بصحتهم، في الوقت الذي لا تجد فيه وزارة الصحة حلا للأزمة المتفاقمة.

وفي هذا السياق، قالت عبير أحمد، في تصريحات لصحيفة "الأهرام"، إنها اضطرت في الفترة الأخيرة إلى اللجوء لحل بديل للتغلب على هذه الأزمة بشكل نسبي، عن طريق إرضاع طفلها مياه الأرز المسلوق بعد خلطها بالنشا، مضيفة أنها كانت قبل ذلك ترضعه لبن الصويا، لكنها اكتشفت أنه يقلل خصوبة الذكور، كذلك امتنعت عن إرضاعه لبن جوز الهند بعدما علمت أنه خال من الفيتامينات، وغير مسموح به للأطفال الرضع.

ومضاعفات خطيرة


ويقول الطبيب "أحمد السعد" إن الأطفال المصابين بهذه المتلازمة لديهم حساسية مفرطة لمشتقات الألبان، مشيرا إلى أنهم إذا لم تتوافر لهم الألبان العلاجية فإنهم يصابون بالعديد من الأمراض العضوية والذهنية الخطيرة غير القابلة للشفاء، والتي قد تصل إلى التخلف العقلي أو الوفاة. 

وأوضح لـ "عربي21" أن حساسية الألبان هي مرض وراثي ينشأ نتيجة رد الفعل غير الطبيعي من قبل جهاز المناعة في الجسم، الذي يفسر وجود بروتينات الحليب في الجسم على أنها أجسام ضارة، فيبدأ في مقاومتها، وإنتاج أجسام مضادة لها، ما يؤدي إلى ظهور علامات التحسس، خاصة في الشهور الأولى من العمر، مشيرا إلى أن من أشهر الأغذية التي تسبب حساسية الألبان اللبن البقري، ومنتجات الألبان، والبيض، والبقول، والأسماك، وبعض الخضروات والفواكه، والمخبوزات، واللحوم الحمراء.

احتكار وضعف إمكانيات

وقالت صحيفة "الأهرام" إن مجموعة من شركات الأدوية المحلية تحتكر هذا النوع من الألبان التي تقوم باستيرادها من الخارج، وتطرحه للبيع بأسعار مرتفعة في غياب الرقابة الحكومية وفي أوقات تختارها بمعرفتها.

من جانبه، قال المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، محمد فؤاد، إن أحد أسباب أزمة نقص الألبان العلاجية هو عدم وجود قاعدة بيانات لأعداد الأطفال المصابين بهذا المرض الوراثي، مؤكدا تزايد أعداد هؤلاء الأطفال في مصر، التي أصبحت من الدول التي تشهد ارتفاعا كبيرا لأمراض سوء التغذية.

وأوضح فؤاد، في تصريحات تلفزيونية، أن أزمة الدولار في الشهور الأخيرة أدت إلى تفاقم نقص ألبان الأطفال المستوردة، مطالبا الحكومة بزيادة ميزانية وزارة الصحة المخصصة لهذا؛ حتى تتمكن من سد الفجوة بين العرض والطلب.

عودة الطوابير

وبجانب أزمة نقص الألبان العلاجية، تشهد مصر أيضا أزمة نقص ألبان الأطفال العادية، حيث عادت الطوابير الطويلة في الظهور أمام مراكز توزيع الألبان المدعومة من الحكومة في العديد من المحافظات.


ويشتكي آلاف المواطنين من اختفاء ألبان الأطفال المدعومة من الأسواق، وبيعه في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، تصل إلى عشرة أضعاف سعره المدعم، مؤكدين أن جميع التصريحات التي تصدر عن مسؤولي وزارة الصحة حول حل الأزمة غير حقيقية، ويتم تداولها لتهدئة الرأي العام فقط.

وفي سياق ذي صلة، أكد مركز "حماية" لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان بالصعيد وجود تجاوزات عديدة في توزيع ألبان الأطفال عن طريق الوحدات الصحية الحكومية، مؤكدا في تقريره له، يوم الأحد الماضي، أن التوزيع يتم بالواسطة والمحسوبية.

وأضاف أنه يتم توزيع نصف الكمية المقررة للأطفال بكل وحدة، فيما يتم التلاعب بالمستندات، لتتسرب البقية إلى السوق السوداء؛ لبيعها بأسعار مرتفعة.

التعليقات (0)